من السلاسل التجارية إلى سد النهضة
وزارة التموين وفرت 709 قطع فى جميع المحافظات لإقامة سوبر وهايبر ماركت والإدعاء بأنها ستبيع السلع الغذائية بأسعار مخفضة وهو وهم كبير لأنه لا ولاية للدولة على المتاجر الخاصة وهى لا تقام لكى تخسر. وزير التموين لم يفكر بتخصص هذه القطع لتكون مجمعات تعاونية لتكون قبضة للدولة لضبط الأسعار حتى لا تعاود الدولة النزول بثقلها جيشا وشرطة وزراعة ومجمعات ومحليات لمواجهة جشع التجار. أيضا مال وزير التموين ومال تخصيص قطع أراضى لمحلات تجارية؟! أليس هذا إختصاص وزارة التجارة والصناعة أو وزارتى الاستثمار والمحليات. وإذا كانت التموين تمتلك كل هذه الأراضى فهل تخصصها لافتتاح مجمعات أم تهبها للقطاع الخاص، بينما تحث الشباب على فتح مجمعات وبقروض 100 ألف جنيه؟! وكيف يضحكون على الدولة ويدعون أنها سلاسل للبيع بأسعار مخفضة فى زمن اللاتسعير وحرية الأسواق؟! ويأتى السؤال: ماذا تبقى ولم تعطه الدولة للتجار لتقتل المجمعات ولتبتر يد الدولة فى ضبط الأسواق ولتتكرر الحملة الرئاسية لضبط الأسواق مرة ومرات ثم يتم بعدها تكريم التجار وتحويل الهزيمة إلى فوز وبعدها استيراد الأعلاف والقمح لحسابهم والسداد بالجنيه المصرى والبناء على الأراضى الزراعية بحجة المراكز اللوجستية والسلاسل التجارية.
تحويل فروع عمر أفندى إلى سوبر ماركت وطرح 350 سيارة لبيع الخضراوات والفاكهة يعنى تحويل البلد إلى بقالين وباعة متجولين، ومن العيب تبنى سياسات الأوكازيونات بأن التخفيضات «حتى» 25%. فى الجولة الحادية عشرة من مباحثات سد الخراب بعد مرور 17 شهراً لأن إثيوبيا ألغت ستة اجتماعات للتسويف وكسب الوقت، الأمر مازال يسير فى التباحث حول الحجر وليس البشر، أى التباحث حول السد ونظام الملء الأول وليس الحديث عن المياه وحصة مصر منها وحجم المياه التى ينبغى أن تخرج من خلف السد يوميا وسنويا وحصة مصر من مياه الفيضان وأيام السنوات العجاف ونوبات الجفاف، وهل سيكون الأمر وقتها حجز المياه لتوليد الكهرباء أم صرفها لشعب يعانى من الجفاف ونقص المياه ليموت عطشا فداء لكهرباء الإثيوبيين وتجارتها؟!
حتى الآن ما زال المفاوض المصرى مشوش الفكر وبلا استراتيجية وينصب تفكيره وفقط على بدء عمل المكاتب الاستشارية «لاعنها بدأت» والتى ستقدم تقريرا بعد 15 شهراً غير ملزم ولا يمكن استخدامه ضد إثيوبيا فى أى منتدى دولى أو تحكيمى لأنه- وكما نص الاتفاق عليه- ليس تحكيميا ولا دوليا ولكنه استشارى محلى لا يحسم خلافا ولا يقضى على شكوك. الأمر يحتاج إلى أن يحمل المفاوض المصرى الهموم المصرية فوق كتفيه وأن يقلع مستشار وزير الرى المصرى عن توريط الجميع معه فى المباحثات والادعاء بأنها برئاسة رئيس الجمهورية وكأنه يبرئ نفسه ولو على حساب الرئيس ثم يحاول توريط وزير الخارجية، والجميع يعلم أن وزير الخارجية جاءته الأوامر بالتدخل بعد الفشل الذريع لوزارة الرى فى التفاوض وأنهم يحاولون بالجهود الدبلوماسية استرداد ما فقدناه بالمفاوضات الفنية. فحتى الآن والمفاوض المصرى لم يتطرق إلى تحديد إثيوبيا لشهر يونيه المقبل، أى بعد ستة أشهر لبدء المرحلة الأولى من تخزين المياه رغم ظروف الجفاف الكارثية التى تمر بها المنطقة والتى أدت إلى توقف أربعة سدود لتوليد الكهرباء فى إثيوبيا والسودان، ثلاثة منها على النيل الأزرق والرابع على نهر عطبرة، فكيف ستخزن إثيوبيا 12 ملياراً على الأقل فى ظل هذا الجفاف القاتل لتبدأ فى توليد الكهرباء فى أكتوبر المقبل وبحيرة ناصر فى مصر تكاد تصل إلى حدها الأدنى بعد أن أنقذت مصر لتسع سنوات عجاف متتالية؟! ثم ما الحد الأدنى من المياه التى تشترط مصر أن تمر من خلف السد الملعون يوميا ليكفى احتياجات السودان ومصر؟! وما الحد الأدنى السنوى من صرف المياه من السد لضمان عدم المساس بالحصة المصرية ولا السودانية تحسبا لأى أعطال يومية؟! ثم كيف تملأ السودان سديها على النيل الأزرق وهما الروصيرس وسنار بالإضافة إلى سد مروى على النيل الموحد والثلاثة تحتاج إلى 15 مليار متر مكعب على الأقل لتأخذ لكل التدفقات اليومية التى ستضخها إثيوبيا من خلف السد يوميا بحجم 220 أو 300 مليون م3 فقط ولمدة أشهر لتمتلئ دون أن تصل لمصر نقطة مياه واحدة!! ثم ما التغيرات التى ستحدث بالنهر بعد أن يصبح ترعة فى السودان ومصر؟! الحل الوحيد أن تستغنى إثيوبيا عن السد الجانبى وتكتفى بالسد الرئيسى لتوليد الكهرباء ليعود إلى سعة 14.5 مليار م3 تجنبا لصراعات وحروب مقبلة. هل وضع حجر أساس قناطر ديروط يستحق إلغاء إجازة العاملين بوزارة الرى يوم المولد النبوى؟!