فساد منظومة الخبز.. والسلع التموينية
يقف الوزير متفاخراً بأن شركات القابضة للصناعات الغذائية قد حققت هذا العام زيادة فى مبيعاتها بنحو 1.3 مليار جنيه زيادة عن العام الماضى. السبب الحقيقى الذى يتغافله الوزير متعمداً هو فضل نقاط فرق الخبز من البقالين التموينيين والتى يصرف لها الوزير ستة مليارات جنيه سلعا مجانية فى السنة مقابل توفير استهلاك الخبز، حيث قامت الشركة القابضة بتوريد منتجات بمبلغ 1.3 مليار جنيه للبقالين التموينيين بالأمر المباشر ودون مناقصات ولا مزايدات كما ينص القانون للتوريد بالسعر الأقل وأحتفظ لشركات القطاع الخاص بتوريد سلع بمبلغ 4.7 مليار جنيه هى باقى الستة مليارات المخصصة لنقاط الخبز وهى غير مستحقه ولكنها منحة من الوزير للتجار عن طريق المواطنين الغلابة، حيث زاد استهلاك القمح 3 ملايين طن فى منظومة الخبز ومع ذلك نصرف 6 مليارات مكافأة لتوفير استهلاك الخبز استمراراً لسلاسل اللامعقول واللامنطق مع وزير التموين.
الأمر الثانى هو بشرى الوزير للمواطنين بارتفاع أسعار جميع السلع الغذائية بسبب ارتفاع أسعار الدولار رغم انخفاض أسعار البترول والنقل البحرى لهذه السلع بالإضافة إلى انهيار أسعار السلع الغذائية طوال 18 شهراً متتالية دون أن تنخفض فى مصر، وأى منهما ينبغى أن يستوعب الزيادة القليلة فى أسعار الدولار فى مصر ولكن الوزير يبرئ تجاره من ارتفاع الأسعار على غير الحقيقة، متناسياً أنه وزير الفقراء والمطلوب منه طمأنة الشعب وتفعيل دور هيئة السلع التموينية لاستيراد جميع السلع الغذائية المنهارة أسعارها لطرحها على الشعب المصرى وإفساد خطط التجار لرفع الأسعار على غير الواقع والحقيقة. الشىء العجيب حالياً فى الأسواق أن سعر القمح فى البورصات العالمية انخفض من 350 دولاراً فى العام الماضى إلى 200 دولار فقط حالياً ومع ذلك ترتفع أسعار المخبوزات الأفرنجية والفينو والدقيق والرغيف الحر ورغيف السوبر ماركت ورغيف الرصيف والتى كان من المفترض أن تنخفض هى أيضاً وللنصف ولكن لوزير التموين وتجاره شئون طالما انعدمت الرقابة وتوقف معها الضمير عن العمل.
القصة من بدايتها تدعو إلى التأمل فى تصرفات هذا الوزير والذى أعلن فى اليوم التالى مباشرة من توليه المنصب برفع سعر استلام الرغيف البلدى من المخابز إلى 35 قرشاً مع خفض وزن الرغيف إلى 90 جراماً بدلاً من 130 جراماً وكانت طلبات المخابز إما رفع السعر أو تخفيض الوزن ولكن الوزير منحهم كلا الأمرين رغم سابق اتفاقهم مع الوزير السابق على سعر 29 قرشاً للرغيف وزن 130 جراماً!! بل إن المخابز نفسها تبيع الرغيف البلدى حالياً للمستهلكين الذى لا يمتلكون بطاقات الخبز بسعر ثلاثة أرغفة بجنيه أى 33 قرشاً للرغيف، وهذان القرشان يفرقان كثيراً مع الدولة التى تحاسب على 250 مليون رغيف يومياً وبالتالى فالأمر يفرق 5 ملايين جنيه يوميا أو 1.8 مليار جنيه سنوياً ولكن للأسف أموال الدولة ليس لها صاحب ولا مراقب! وهذا الرغيف نفسه يباع على الرصيف بسعر 25 قرشاً فى المدن و20 قرشاً فى الأرياف، كما أن سرعة إصدار قرار التسعير الظالم هذا قد تمت بقرار فردى للوزير وليس نتاج دراسة متأنية للجنة مشكلة من الوزارة والمخابز لوضع سعر عادل للرغيف يجمع بين مصلحة الأفران من جهة ومصلحة الدولة من الجهة الأخرى.
الأمر المستغرب أن تثبت كل التقارير زيادة أستهلاك القمح وبالتالى زيادة استهلاك الخبز ومع ذلك يصرف الوزير 6 مليارات جنيه نقاط لتوفير استهلاك الخبز! وسبب هذه النقاط حتى لا يعود قرش واحد للدولة من فائض بيع الخبز فمن لا يريد الخبز فليأخذ بدلاً منه مسحوق غسيل أو سلعاً هامشية تنعش خزينة التجار والبقالين التموينيين وتخرب بيت الدولة بدليل زيادة دعم الخبز وسلع البطاقات إلى 50 مليار جنيه هذا العام ومع ذلك فالدولة تصرف سلعاً مقابل عدم صرف الرغيف المدعم بدلاً من أن يكون هذا إقراراً من المستفيد ببطاقة الخبز أنه لا يستحق الدعم ولا تعجبه هذه النوعية من الخبز وأنه لا يرضى إلا بالرغيف الفاخر، ولكن لا بأس من أن يصرف بالدعم غير المستحق مسحوقاً للغسالات الفول أتوماتيك أو غسالات الصحون أو زيت ذرة فاخر لأن المصلحة هنا فى زيادة أعداد المستحقين للدعم ليس للرعاية أو البعد الاجتماعى للفقراء ولكن لصالح زيادة أرباح الأفران والبقالين على حساب المال العام حتى إن الوزير فى وسط هذه الوكسة يقوم بضم 6 ملايين مولود جديد على البطاقات والخبز ليزيد من أعباء الدولة تحت حجة رعاية الفقراء. وكم من الجرائم ترتكب باسم رعاية الفقراء.