استيراد قمح بالمياه وفساد التموين
فى عام 2005 قام وزير التموين بشراء مليون طن من القمح بالأمر المباشر وبالجنيه المصرى رغم أن الهيئة مرخص لها باستيراد القمح للحفاظ على أموال الدولة!! انتشرت رائحة هذه الصفقة فى أركان الوزارة وعن العمولات التى يمكن أن تكون وصلت للوزير ونائبه ودلوعته يشبه «محيى قدح الزراعة تماماً» فى هيئة السلع التموينية، بعد أن أقنعوا رئيس الوزراء بأنها ستوفر للدولة عدة ملايين وكأن مستورد الصفقة استوردها ليخسر فيها!. قبلها أيضاً بعدة أشهر استورد الوزير ونائبه صفقة خرفان العيد ووصلت بعد عيد الأضحى بأسبوعين!!. وقبل أن يغادر الوزير منصبه وضع نائبه الذى تجاوز سن المعاش رئيساً للشركة العامة للصوامع ومازال يشغلها ومستغلاً لمنصبه فى تعيين أبنائه وأزواج بناته ومعهم أبناء نائبه وأبناء الست مديرة مكتب الوزيرالحالى فى شركات وهيئات تتعامل مباشرة مع وزارة التموين ومع شركة الصوامع ومع هيئة السلع التموينية فى مخالفات شديدة الوضوح تتطلب التحقيق، بل إن نقله إلى هيئة الصوامع تسبب فى موت رئيسها السابق بأزمة قلبية من الحسرة والإحساس بالظلم لأنه سبق الغدر به من هيئة السلع لتعيين دلوعة الوزير ثم عزله من الصوامع لتعيين نفس الدلوعة.
عشنا فى وزارة التموين نشترى القمح بنسبة رطوبة لا تزيد على 12% لأن وجود الرطوبة أكثر من هذا تتسبب فى مشاكل فى التخزين وسرعة تلفه فى ظل درجات الحرارة والرطوبة النسبية المرتفعة فى مصر والتى تؤدى إلى نمو نحو 27 نوعاً من الفطريات على القمح مرتفع الرطوبة وجميعها تفرز سموماً تعرف باسم «سموم الأفلاتوكسين» تتسبب فى تدمير كبد المصريين وإصابتهم بالسرطان. بعدها ضغط التجار على الوزارة وطالبوا بزيادة نسبة الرطوبة إلى 13% ووافق الوزير بتعليمات عليا لاسترضاء التجار بعد أن انضم إليهم سكرتير الرئيس مبارك وأحد أمناء رئاسة الجمهورية السابقين لأن استيراد القمح بعد تدمير زراعاته فى مصر جعلت أرباحه لا مثيل لها فى أى تجارة أخرى. هذا الأمر دفع المستشار الزراعى الفرنسى ومعه مثيلة الإنجليزى بالمطالبة برفع النسبة إلى 14% لأن قمحهم رطب بسبب الأمطار ولكن تم رفض الطلب مع التحايل عليه بخصم ثمن الرطوبة الزائدة فقط متغافلين عن سموم «الأفلاتوكسين» والتعطن وسرعة تعفن القمح ولأن 1% زيادة فى الرطوبة تعنى 600 طن مياه زائدة فى مركب القمح سعة 60 ألف طن اشتريناها على كونها قمحاً وهى تساوى خسارة 180 ألف دولار أى 1.4 مليار جنيه فى المركب الواحد.
أصدر وزير التجار والصناعة منير عبد النور هذا الأسبوع قراراً باستمرار استيراد القمح بنسبة رطوبة 13.5% لمدة تسعة أشهر أخرى والحجة تنوع مصادر الاستيراد وكأنها أسلحة؟!! وأنا أسأل هل هذا القرار لصالح الشعب أم لصالح التجار فقط؟! وإذا كان القمح برطوبة 12% متوفرا فى أستراليا وأمريكا وكندا وأكرانيا وروسيا والأرجنتين فلماذا نلجأ إلى القمح سريع التعطن والتعفن 13.5% رطوبة ومدمر أكباد المصريين؟! لوكانت هناك أزمة قمح عالمى لكان ذلك عذراً مناسباً ولكن مع عودة روسيا لأسواق التصدير وانهيار أسعار القمح، فلا معنى لهذا القرار خاصة أن محصول هذا العام مرتفع 7% ويسجل ثالث أعلى محصول مسجل فى العالم؟! ثم ما شأن وزير التجارة والصناعة باستيراد القمح والذى تستورده هيئة السلع التابعة للتموين أم أن وزير التموين أصبح يتوارى خلف وزير التجارة والصناعة؟! علماً بأن نفس التجار المستوردين رفضوا استلام محصول الذرة الصفراء من المزارع المصرى إلا بعد تجفيفه إلى 12% رطوبة، أى استثناء الفلاح الأجنبى من نسبة الرطوبة ورفض استثناء المزارع المصرى!!
ألا لهذا الفساد أن ينتهى؟! وفساد التموين ووزيره بتعيين الوزير لسكرتيرته مشرفة على شركة الصوامع وإفلاس شركات السكر وإضراب عمال مضارب الأرز الحكومية وبيع اللحوم المستوردة على كونها بلدية والتمديد لعضو حزب «الحرية والعدالة» بعد سن المعاش فى هيئة السلع واحتفاظ الوزير براتب رئيس قطاع التجارة الداخلية ووعده لمديرة مكتبه بتعيينها فيها لأنها وصلت إلى سن التقاعد، وتوريد 5.5 مليون طن قمح محلى منها 800 ألف فى محافظة الجيزة الحضرية وهذا لم يحدث أبداً، حيث كانت الشرقية فى المقدمة تليها المنيا ولكن الجيزة قريبة من صوامع المستوردين ومخازن أكتوبر. الأمر يستحق فتح ملف الفساد فى وزارة التموين؟!