احكم يا رب للمظلومين
وعلى الجانب الآخر فإن الظلم الاجتماعى والاقتصادى والدولى يتحول إلى ثقافة سوداء قهرية وكراهية وحقد تزداد مع الزمن ويتولد عنها إحباط وخلق سلوك عدوانى وخلل نفسى وعنف أسرى وفساد فى التدرج الوظيفى والتعليم والهشاشة السياسية، بل وتخلق ثقافة تدميرية تطيح بالأرواح وكل بنيان وفقد القدرة على الانتماء الوطنى مما ينتج عنه خيانة الوطن نفسه!!
الشعور بالظلم طريق لهدم قنوات الحوار البناءّ والتسامح والحُب. الشعور بالظلم يوجد عُقد النقص وانفصام الترابط بين الناس وتزداد التشابكات العصبية فى مخ الإنسان. الشعور بالظلم يُعرض الإنسان لنوبات قلبية ونفسية رهيبة. لقد أثمر الشعور بالظلم فى المجتمعات العربية وأيضاً الغربية – على حد سواء – أجيالاً رافضة للحياة وأخرى انسحبت منها فعلاً حتى تحولت إلى ظاهرة مَرَضية نتج عنها التطرف الفكرى والانحراف الأخلاقى والجريمة المُنظمة والفردية. فالتطرف الفكرى والانحراف الأخلاقى وجهان لعملة واحدة هى الظلم الواقع على الإنسان فى غياب روح الأبوة الصادقة التى تقف بجوار المظلوم حتى يسترد حقه المشروع. فالله – فى كمال عدله المطلق – يدعو جميع الناس إلى السعى نحو معرفة الحق، والحق هو الله نفسه، بل هو الطريق وهو الحياة. فالذى يعرف الله لا يظلم أحداً.
فى المجتمعات السوية يكون الظلم من الأمور القبيحة والمُنفِرة لذلك يبتعد الناس عنها، لكنها – كما هو حادث فى المجتمعات المتخلفة – متى يتحول الظلم إلى أمر عادى أو أمر محبب فإنه يتحول عند أصحاب الضمائر المنعدمة إلى أمر ليس بغريب. يارب ارفع الظلم عنا، فأنت سند من لا سند له.
■ أستاذ الهندسة ــ جامعة الإسكندرية