ممنوع تخفيض الأسعار أو مقاطعة اللحوم
استيقظت على صدمة كبيرة وأنا أقرأ العنوان الرئيسى للصحيفة القومية الأسبوعية بأن وزير التموين يحتج على تخفيض وزير الزراعة لأسعار اللحوم والسلع الغذائية وبيعها فى منافذ الوزارة بأسعار أقل من أسعار القطاع الخاص!، ويبدو أن وزير التموين رأى أن الوقت قد حان لأن يكشف عن وجهه الحقيقى بأنه وزير للتجار ولرعاية الغرفة التجارية وليس وزيراً للفقراء، وأن تعظيم دخل التجار هو أسمى أهدافه!. كنت أظن أن وزير التموين مهموم بخفض الأسعار وليس بالاحتجاج على انخفاضها وإذا كان الأمر كذلك فإن سيارات القوات المسلحة تجوب جميع ميادين المحافظات وتبيع اللحوم بسعر 34 جنيهاً وتغطى احتياجات الفقراء من جميع السلع الغذائية والخضراوات والفاكهة وعلى وزير التموين أن يأمر رجاله بمطاردتها ومنافذ القوات المسلحة وتحرير محاضر لها بالبيع بأسعار مخفضة وإجبارها على البيع بأسعار القطاع الخاص والتخديم على التجار، والغريب فى الأمر أن جميع الشعب المصرى أدرك مبكراً أنه وزيراً للتجار وليس للفقراء إلا الدولة ومسئوليها مازالوا يكذبون أنفسهم حتى الآن!! أتريدون إثباتاً آخر؟! إليكم الأمر:-
ضج الشعب المصرى بالارتفاع المتتالى لأسعار اللحوم بمعدلات فاقت أى توقعات لأن التجار شعروا بأنهم امتلكوا الدولة ماداموا يمتلكون وزارتى التموين والتجارة والصناعة لأن وزراءها قادمون من غرفة التجار، فقرر الشعب مقاطعة لحوم محلات الجزارة بعد أن وصلت أسعار اللحوم الكندوز إلى مائة جنيه والبتلو إلى 150 جنيهاً وهى أسعار لا مثيل لها فى أى مكان فى العالم، فالقطعيات الفاخرة من العجول فى دول الاتحاد الأوروبى لا تتجاوز 5 يورو أى 50 جنيهاً، بينما القطعيات العادية لا تزيد عن 3.5 يورو فقط أى 30 جنيهاً فقط مع الفارق الكبير فى دخل المواطن فى دول الاتحاد الأوروبى وفى مصر. يأتى هذا فى الوقت الذى تنخفض فيه أسعار الأعلاف الحيوانية والداجنة وبشدة، كما تنخفض فيه أسعار الذرة الصفراء المكون الرئيسى للأعلاف ومعها فول الصويا وكسبته التى تدخل فى تصنيع الأعلاف كما انهارت أسعار قمح الأعلاف وتراجع أسعار البترول ومعها أسعار النقل البحرى والبرى المرتبط بنقل اللحوم وأعلافها بين الدول وبالتالى كان الأمر يستوجب منطقياً انخفاض أسعار اللحوم أسوة بما يحدث فى العالم إلا أن الوضع فى مصر مختلف فالأسعار التى ترتفع لا تنخفض ثانية أبداً. ففى الوقت الذى أعلن فيه الشعب المصرى حملة مقاطعة اللحوم اعتبر وزير التموين نفسه من بنها وتجاهل تماما الحملة لانحيازه لشعبة القصابين فى الغرفة التجارية، وكان من المقدر أن تعلن وزارة التموين الحكومية وقوفها مع الشعب المصرى وضد جشع التجار وتؤيد الحملة وتدعمها، إلا أن هناك فارقاً بين وزير التموين وبين الوزير الإنسان الممثل للفلاحين وعموم الشعب المصرى وهو وزير الزراعة الذى وقف مع الحملة وأمر بتجهيز اللحوم البلدية من مزارع الوزارة والمستوردة واستيراد كميات كبيرة أخرى من اللحوم من الدول القريبة لمساندة الشعب المصرى فى حملته ضد أطماع السيطرة وفرض أسعار إذعان على الشعب المصرى.
أمر ثان نستعجب له وبشدة وهو أن يكلف وزير التموين الغرفة التجارية بإعداد دراسة عن إقامة بورصات سلعية لمختلف الحاصلات الزراعية والخضراوات والفاكهة واللحوم والدواجن والبيض فى مختلف محافظات مصر حتى يحكموا قبضتهم تماماً على البلد ويفرضون أسعارهم فرضاً فى غيبة وزارة التموين المنوط بها ذلك الأمر. فالبورصات السلعية الداخلية ليس لها أى مسمى فى أسواق التجارة الداخلية، حيث تسمى أسواق الجملة ونصف الجملة منعا للاحتكار وتوحيد كلمة التجار نحو أسعار إذعان يفرضونها فرضاً على الشعب المصرى وهو ما عانى منه الشعب المصرى حين احتكرت محافظة القليوبية منذ عشر سنوات إنتاج الدواجن البيضاء وكان أربعة تجار بعينهم يجلسون يوميا بالجلابية والطاقية على مقهى فى بنها ويحددون سعر بيع الدواجن لمصر كلها! ولا يستطيع أى مسئول التصدى لهم وهو ما يريد الوزير عودته بأن تحدد الغرفة التجارية وتجارها كل صباح أسعار تداول السلع الغذائية فى ربوع مصر وبعدها يأتى الخراب المستعجل وثورات الفقراء والجوعى بعد التزام الجميع بأسعار الغرفة.
إضراب عمال شركات مضارب الأرز احتجاجاً على قصر وزير التموين التعامل مع أرز القطاع الخاص فقط وأرز تجار الغرفة وعدم السماح للشركة الحكومية بشراء الأرز الشعير من الفلاحين لتوفير احتياجات البطاقات التموينية دليل جديد على تآمر الوزير على الحكومة وشركاتها. إعلان ميناء بورسعيد إحباط محاولة تهريب كميات كبيرة من الأرز المصرى إلى الخارج توجب إعلان اسم التاجر المتورط فى التهريب فأمثاله لا يستحقون حماية الدولة وإخفاء اسمه.
■ كلية الزراعة- جامعة القاهرة