تكريم الإمارات لـ"نورهان" يكشف "صفر مصر الكبير" في حق "مريم ملاك"
"العلم رأس مال لا يفنى".. تلك هي الوسيلة الأولى، التي اعتمد عليها الكثير من الأمم في تقدمها، فاستطاعت بذلك الفكر الصعود سريعًا إلى مصاف الأمم المتقدمة.
"الإمارات العربية المتحدة".. واحدة من أجمل دول العالم التي تمتلك أكثر الاقتصاديات نموًا في غرب آسيا، حيث تمكنت من ترسيخ مكانتها الاقتصادية في العالم أجمع خلال سنوات قليلة؛ حين أولت الدولة اهتمامًا كبيرًا للتعليم، واعتبر الشيخ" زايد بن سلطان آل نهيان" رئيس الإمارات الراحل، التعليم من أولويات التنمية منذ عام 1971.
تقدير الإمارات للعلم لم يكن قاصرًا فقط على أبنائها بل طال ربوع العالم العربي، فحظي أبناؤه برعاية واهتمام خاص في الإمارات التي أعطت العلم تقديرًا كبيرًا، جعلها في أولى الدول المتقدمة خلال سنوات قليلة بالمقارنة مع نظائرها من الدول العربية الأخرى، التي لا تلق للعلم بالًا.
"نورهان صلاح الدين".. بنت مصرية من محافظة سوهاج، تبلغ من العمر 18 عامًا، عاشت طفولتها في الصعيد، والدها طبيب أطفال، ووالدتها أستاذة بجامعة سوهاج، تلقت تعليمها في أحد المدارس المصرية حتى مرحلة الثانوية العامة التي سافرت فيها إلى دولة الإمارات المتحدة لاستكمال حلقات تعليمها.
حصلت "نورهان" في ذلك العام على المركز الأول "علمي" في الثانوية العامة على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة بنسبة 99.9 %، رغم أن والدها كان مريضًا، حيث مكث بالمستشفى لإجراء جراحة زرع كبد، أثناء أدائها للامتحانات، وكانت وحدها بالإمارات ورغم ظروفها العصيبة تفوقت في الثانوية العامة.
وجدت "نورهان" في دولة الإمارات عقب تفوقها في الثانوية العامة تقديرًا واحترامًا لم تكن، لتجده في بلادها "مصر"، حيث أقامت وزارة التعليم العالي حفل كبير لنجاح "نورهان" رغم أنها ليست من أبناء دولة الإمارات.
وكرمها أيضًا الشيخ "محمد بن راشد آل مكتوم"، نائب رئيس الدولة وحاكم مدينة "دبي"، في احتفال كبير حضره كل من الشيخ "حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم" ولي عهد دبي، والشيخ "حمدان بن مبارك آل نهيان"، وزير التعليم العالي والبحث العلمي.
الفارق أصبح واضحًا والمفارقة بين "مصر والإمارات" فرضت نفسها على المشهد الآني، فتقدير العلم والاحتفاء به أصبح مختلفًا بين الدولتين، فانتشار الفساد في دولتنا طغى على أهمية العلم وقتله غير مبالي.
"مريم ملاك ذكري"... اسم بات حاضرًا بعدما تداولته كل وسائل الإعلام في نطاق واسع متحدثين عن أزمتها مع وزارة التعليم التي لا تحمل من العلم سوى اسمه، ومصلحة الطب الشرعي التي تخشى إظهار الإهمال المتفشي في الدولة ووزارة تعليمها.
"مريم" هي طالبة مدرسة "صفط الخمار" الثانوية بالمنيا، حصلت بعد تفوقها المشهود في مراحل الإعدادية والابتدائية، على صفر في الثانوية العامة، أعطته لها لجنة التصحيح بعد سنوات من المعاناة في مراحل التعليم المختلفة.
بدأت قصة "مريم"، منتصف يوليو الماضي بالتزامن مع ظهور نتيجة الثانوية العامة، والتي حملت لها صدمة غير متوقعة، وهي أن نتيجتها في الصف الثالث الثانوي لهذا العام هي "صفر%".
الصدمة لم تفقد أسرتها الأمل، حيث بدأت في اتخاذ خطوات قانونية للكشف عن حقيقة تلك النتيجة، وقدموا تظلمًا وطلب للاطلاع على أوراق إجابتها، واكتشفوا أن تلك الأوراق ليست أوراق إجاباتها فتقدموا على إثر ذلك ببلاغ للنيابة العامة.
وفي مطلع الشهر الجاري، تم استكتاب "مريم" أمام خبير خطوط، وعقب مرور يومين استدعتها النيابة للمرة الثانية لاستكتابها أمام خبير خطوط آخر بمقر الطب الشرعي بقسم التزوير والتدليس بمحافظة أسيوط.
وفي 23 أغسطس 2015 تم استكتابها للمرة الثالثة من قبل خبير خطوط عرض عليها عبارات كاملة من إجاباتها، وأكدت هيئة الطب الشرعي في البداية أنه قد ثبت وجود التزوير والتلاعب بأوراق الطالبة.
لكن سرعان ما تم نفي ذلك من جانب وزارة التربية والتعليم؛ إذ قال المتحدث باسم الوزارة يوم 26 أغسطس إن النيابة لم تنته بعد من التحقيق وإن حق الطالبة محفوظ، وبعد خوض صولات وجولات بين وزارة التعليم أسدل الطب الشرعي الستار على تلك القضية بإعلانه تطابق خط مريم مع أوراق إجابتها الحاصلة عليها على "0%".
ومع كثرة اللغط حول حكاية "مريم"، بدأت بعض وسائل الإعلام تسريب أوراق إجاباتها التي تظهر عد إجابتها على الكثير من التساؤلات وترك الأسئلة بورقة الإجابة بدون الجواب عليها؛ لإثبات صحة ما قاله الطب الشرعي.
الفارق بات جليًا بين دولة تحترم العلم وتقدره في كل مكان، وأخرى تفضل إخفاء الحقائق وإهانة المتفوقين على أن تظهر في صورة الدولة الفاسدة المهملة، فالطالبة "نورهان" حظيت باهتمام المسؤولين بتفوقها ولم يهتم أي مسؤول مصر بالحديث عنها، وفي الوقت ذاته قضت مصر على مستقبل "مريم" نهائيًا، بالادعاء عليها في محاولة لإخفاء حقيقة ما حدث، والإهمال الذي تشبعت به وزارة التعليم ونال من أوراق إجابة "مريم" حتى قضى على تفوقها.