رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الاحتفال بقناة السويس في عهد "إسماعيل والسيسي": "الأبهة" عامل مشترك

جريدة الدستور

146 عامًا.. فاصل زمني بين افتتاح قناة السويس في عام 1869 في عهد الخديوي إسماعيل، وبين افتتاح جديد لقناة السويس الثانية، في 6 أغسطس 2015 بعهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، والجامع بينها مشروع قومي يدر على مصر الكثير.

احتفالات ضخمة نظمها الخديوي إسماعيل في إطار الاحتفال بافتتاح القناة، ويسير على نهجه الرئيس السيسي الذي أعلن أن حفل افتتاح القناة يتكلف 10 ملايين، ولن تتكلف ميزانية الدولة مليمًا واحدًا، وفتح حسابا بنكيا لتبرعات المصريين لحفل الافتتاح.

في عهد محمد سعيد باشا الذي حكم مصر في ١٤ يوليو ١٨٥٤ تمكن ديليسبس من الحصول على فرمان بحفر قناة السويس على أن تكون مدة الامتياز ٩٩ عاما من تاريخ فتح القناة، ثم قام ديليسبس برفقة لينان دى بلفون بك وموجل بك كبيري مهندسي الحكومة المصرية بزيارة منطقة السويس في ١٠ يناير ١٨٥٥، وقدما تقريرهما في ٢٠ مارس ١٨٥٥، والذي أثبت إمكانية تحقيق هذا.

وفي أواخر عام ١٨٦١، قام الخديوي إسماعيل بزيارة مناطق الحفر بجوار بحيرة التمساح واختار موقع المدينة التي ستنشأ بعد ذلك والتي حملت اسم الإسماعيلية وفي ١٥ أغسطس انتهى حفر القناة وتم اتصال مياه البحرين في منطقة الشلوفة.

وبلغت تكاليف الحفر ٣٦٩ مليون فرنك فرنسي وبلغ عدد العمال مليون عامل وكان عدد الذين توفوا أثناء الحفر ١٢٥ ألف عامل ثم دعا الخديوي إسماعيل أباطرة وملوك العالم وقريناتهم لحضور حفل الافتتاح والذي تم في ١٦ نوفمبر ١٨٦٩وقد كان حفلا أسطوريا.

وقبيل الاحتفال بأسابيع، أبحر الخديوي إلى أوروبا في 17 مايو 1869 لدعوة الملوك والأمراء ورؤساء الحكومات ورجال السياسة والعلم والأدب والفن لحضور حفل افتتاح القناة، ولبى دعوته 600 مدعو من الملوك والرؤساء والأمراء ورجال العلم والسياسة والصحافة، كما استحضر الخديوي 500 طاهٍ وخادم من فرنسا وإيطاليا.

وشيد "إسماعيل" من أجل رفاهية المدعوين قصرًا فخمًا على شاطئ بحيرة التمساح و1200 خيمة لإقامتهم، فضلاً عن إنشائه لطريق من القاهرة إلى أهرام الجيزة أتمه 10 آلاف عامل في شهر واحد وأنشأ دار الأوبرا.

وفي يوم 15 أكتوبر 1869 بدأ المدعون بالقدوم ضيوفًا على مصر في بورسعيد مقر الحفل، والتي ضاقت أرجاؤها بالمصريين القادمين من جميع أنحاء مصر لمشاهدة فعاليات الافتتاح.

وأقيمت 3 منصات، خُصّصت الكبرى للملوك والأمراء وكبار المدعوين، والثانية لرجال الدين الإسلامي، والثالثة لرجال الأكليروس.

وجلس في المنصة الكبرى الخديوي إسماعيل وإمبراطورة فرنسا أوجيني، وفرانسوا جوزيف إمبراطور النمسا، وملك المجر، والأمير فيلهلم ولى عهد بروسيا، والأمير هنري شقيق ملك هولندا وقرينته، والسير هنري إليوت سفير إنجلترا بالأستانة وعقيلته، والأمير محمد توفيق باشا ولى العهد، وسفير روسيا في الأستانة، والأمير طوسون باشا، ابن محمد سعيد باشا، وشريف باشا وزير الداخلية، رئيس المجلس الخصوصي العالي (مجلس الوزراء)، ونوبار باشا، وشاهين باشا وزير الحربية والبحرية، ورياض باشا خازندار الخديوي، والمسيو فرديناند ديليسبس، والأمير عبدالقادر الجزائري، وسفير النمسا في الأستانة وغيرهم.

واصطفت أساطيل الدول في مرفأ بورسعيد ومن ضمنها الأسطول المصري، وانتشرت على ضفاف القناة قوات الجيش المصري للحفاظ على نظام الاحتفال، وانطلقت طلقات المدافع مدوية؛ احتفالا بوصول الضيوف واحدا تلو الآخر.‏‏

وبدأت الفعاليات بحفلة دينية بعد ظهر يوم 16 نوفمبر 1869، وأقيمت ثلاث منصات خشبية كبيرة على شاطئ البحر مكسوة بالحرير والديباج ومزينة بالأعلام ومفروشة بأثمن السجاجيد، ونشرت في أرجائها الرياحين والورود وصفت فيها الكراسي.

وخصصت منصة الوسط للضيوف وعلى رأسهم مضيفهم خديوي مصر، وخصصت المنصة اليمنى للعلماء المسلمين، والمنصة اليسرى لأحبار الدين المسيحي، ونصب على الشاطئ الآسيوي خيالة بورسعيد وعلى الشاطئ الأفريقي المظلات البديعة للجماهير المدعوين.

ووقفت السفن بالمرفأ على شكل قوس وكان عددهم يفوق الثمانين بجانب خمسين حربية منها ست مصرية ومثلها فرنسية واثنتا عشرة إنجليزية وسبع نمساوية وخمس ألمانية وواحدة روسية وواحدة دنماركية واثنتان هولنديتان واثنتان أسبانيتان.‏‏

فقرات الحفل
كان عدد المدعوين 6000 شخص، وأقيمت الهناجر لتستوعب 600 شخص، وجهزت الموائد، وأحضر الخديوي 500 طباخ و100 خادم من إيطاليا ومرسيليا، وتكلفت الحفلات والولائم مليونا ونصف المليون جنيه، واستدعى ممثلي الصحافة العالمية ورجال العلوم والفنون والتجارة والصناعة وعدداً من السائحين وأعضاء اللجنة العلمية في برلين.

كان "إسماعيل" قد غادر الإسكندرية في 14 أغسطس 1868 على ظهر اليخت "المحروسة"، متجها إلى أوروبا لدعوة الضيوف من الملوك والأمراء والأباطرة، وعبَّرت أوجيني عن رغبتها في تصدر الاحتفالات، وصدر إعلان رسمي عن يوم الافتتاح في صحف العالم.

يوم الاحتفال كان هناك أكثر من 80 سفينة و50 بارجة حربية ترفرف عليها الأعلام الأوروبية وشاركت مصر بأسطول قوامه 6 سفن أبحرت من بورسعيد إلى الإسماعيلية. وفى الساعة الواحدة بعد الظهر تقدم الموكب المهيب خارجًا من شارع بورسعيد الرئيسي نحو المنصات وسط صفين من الجنود المصريين، وأسفل المنصة الرئيسية وقف صغار البنات وهن يرتدين الملابس البيضاء، وبدأ المسيرة زكى بك، رئيس مراسم الخديوي، ثم لحق به ضباط الأساطيل، وبعد ربع ساعة جاءت أميرة هولندا وبيدها ولى عهد مصر توفيق (الخديوي لاحقًا)، وعزفت الموسيقى السلام الوطني الفرنسي بين أعلام وأسلحة النمسا والمجر.
تقدمت الإمبراطورة أوجيني الموكب، وقد أمسكت بذراع الإمبراطور (فرانسوا جوزيف) إمبراطور النمسا، ثم ظهر الخديوي إسماعيل، وفرديناند ديليسبس.

بدأ برنامج الاحتفال، واستعد الأسطول للدخول، وكانت وقائع يوم الاحتفال الأول في بورسعيد 16 نوفمبر، ودخلت السفن بورسعيد ومنها الباخرة بيلوزيوم التي تقل أعضاء مجلس إدارة الشركة، ثم ظهرت أكثر من عشرين سفينة، وأعلن عن وصول الباخرة إيجل التي تقل الإمبراطورة أوجيني، وانطلقت المدافع، وفى اليوم الثاني في 17 نوفمبر دخل أسطول الافتتاح إلى القناة، وفي الثامنة صباحا أبحر اليخت إيجل يفتتح المسيرة للموكب البحري، ثم ظهرت يخوت إمبراطور النمسا وأمير بروسيا والملوك الآخرين، ولحقت بها بيلوزيوم، وبعدها ثلاثون سفينة في عشر مجموعات، وكان المشهد رائعا بين الهتافات والصيحات.

وفى يوم 18 نوفمبر كان هناك خمسون سفينة مصرية وفرنسية وإنجليزية ونمساوية وهولندية وروسية وإسبانية وإيطالية ونرويجية وسويدية مزينة بالأعلام، وفي الساعة الثامنة وطأت الإمبراطورة أوجيني المكان، وذهبت على ظهر حصان إلى شاليه الخديوي في عتبة الجسر، وعادت على ظهر جمل إلى المدينة حديثة العهد، وفى الثانية بعد الظهر نزل إمبراطور النمسا والأمراء بدورهم إلى الإسماعيلية متجهين نحو قصر الخديوي، وفى المساء شهد نحو خمسة آلاف مدعو حفلاً راقصا، وطلب الخديوي من كبار القبائل الأفريقية تنظيم حفل للفروسية.

وفى اليوم الرابع ترك الأسطول بحيرة التمساح متجها عبر القناة إلى البحيرات المرة استعدادًا لدخولها مياه البحر الأحمر في اليوم التالي، ووقفت كتيبة من المجندين على الشاطئ، لتقدم مشهدا مسرحيا لأيام العمل أمام الزوار، وكان هناك مشهد مماثل عند عتبة الجسر.

الاحتفال بافتتاح القناة الجديدة
وعن فعاليات حفل افتتاح القناة في 6 أغسطس 2015، ومن المقرر إقامة حفل أسطوري في حفل افتتاح القناة، فأعلنت هيئة قناة السويس أنه سيتم إطلاق أبواق السفن في مختلف الموانئ في جميع أنحاء العالم تحية لهذا الإنجاز غير المسبوق، وهي المرة الأولى في تاريخ البحرية التي يتم فيها مزامنة إطلاق الأبواق حول العالم.

ويعتبر إطلاق الأبواق للسفن أمرا اعتياديا للمناورة أو تخطي السفن، ولكن العالم اتفق على أن يكرم مصر نظرا لعظمة المشروع وإجلالا للجهود الخارقة في حفر القناة في زمن قياسي.

وتشمل مظاهر الافتتاح حفلات في جميع محافظات، حيث سيتم بث الاحتفالات مباشرةً من القناة لإتاحة الفرصة للجماهير في المشاركة في الفعاليات في جميع الميادين العامة مع العروض الشعبية الخاصة لكل من المحافظات.

كما سيتم تجهيز المنصات على الضفة الشرقية من القناة، لاستقبال الوفود الرسمية من أكثر من 50 دولة أكدت حضورها لحفل الافتتاح، واستعدادًا لاستقبال الضيوف تضافرت الجهود لتجهيز وتجميل مدينة الإسماعيلية ووضع العلامات الإعلانية لحفل قناة السويس واستكمال أعمال رصف الطرق وزرع الأشجار.
وتضافر أكثر من 43 ألف شخص من أجل تحويل القناة الجديدة من رؤية إلى حقيقة واقعة مما أدى إلى الوصول إلى ملحمة من أعظم ملاحم العمل في القرن الواحد والعشرين.

ويشارك في حفل الافتتاح يخت "المحروسة" أقدم سفينة عائمة في العالم، وأولى الفعاليات المتوقع أن تبهر العالم، ويصل عمرها لنحو 150 عاما، ومن المنتظر أن يصل الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى موقع الاحتفال على يخت ''المحروسة" ويبحر على متنه وبرفقته زعماء الدول، وستكون أولى السفن العابرة المجرى الملاحي الجديد، مزينة بالأعلام المصرية.

وسوف يتضمن الحفل مشاركة سفن تجارية من 50 دولة تقل فرقا للفنون الشعبية تقدم عروضا فلكلورية تمثل ثقافاتها.

كما تستعد قناة السويس الجديدة لإبهار العالم، بإبحار أحدث فرقاطة بحرية في العالم داخل مياه القناة الجديدة، وهي الفرقاطة الفرنسية ''فريم'' ومن المقرر أن تظهر خلال الاحتفال طائرات ''الرافال''، كما ستظهر أحدث دفعة من طائرات ''إف ـ 16'' التي قررت الولايات المتحدة تسليمها إلى مصر، وتعد الجيل الأكثر تطورا من هذه الطائرات متعددة المهام.

كما سيتم تزيين المجرى الملاحي برا وبحرا وجوا بالأعلام المصرية، بمحافظات القناة الثلاث بورسعيد والإسماعيلية والسويس.

ويضم فعاليات الحفل، الاعتماد على الطابع البحري، مع عرض جداريات وعلامات أرضية تحكي تاريخ مصر، ويتم الاستعانة فيها بأحد خبراء الفنون الجميلة وإدارة المتاحف العسكرية، بالإضافة إلى إنشاء 20 نصبا تذكاريا بارتفاعات مختلفة لا تقل عن 30 مترا وهى تعبر عن تاريخ مصر بمراحله المختلفة، وسيتم وضعها على جانبي منصة الافتتاح وعلى ضفتي القناة الجديدة.

وقبل الاحتفال بعدة أسابيع، قامت وزارة السياحة بالتنسيق مع وزارة الداخلية بإعداد أختام مدون عليها العد التنازلي لموعد افتتاح قناة السويس الجديدة، وتم توزيع الأختام على ضباط الجوازات بالمطار، لتقوم بالختم على جواز سفر الراكب للدعاية، والتذكير بموعد افتتاح قناة السويس الجديدة.