التموين وتعذيب الفقراء فى رمضان
لا أدرى ما السر وراء هواية وزير التموين فى تعذيب الفقراء كل رمضان رغم أنه شهر الإحساس بالفقراء وذروة آحتياجهم لمستحقاتهم التموينية. ففى العام الماضى وبعد توليه الوزارة بأقل من أربعة أشهر قرر أن يطبق منظومة البطاقات التموينية الجديدة والتى أنقص فيها نصيب الفرد إلى زجاجة زيت وكيس سكر ويسدد عنهما ربح البقال التموينى. تطبيق منظومة سلع البطاقات الجديدة دون تجهيز رصيد من السلع أدى إلى حرمان جميع فقراء مصر من صرف مستحقاتهم التموينية فى شهر رمضان كاملاً. هذا الأمر أوضح للرأى العام أننا أمام وزير متسرع لا يقدر مسئولية احتياجات الفقراء،وهو ما ظهر بعد ذلك فى ظهوره اليومى لعدة مرات فى الفضائيات وهو يقسم بالله العظيم مع يوسف الحسينى بأن الفقراء سيصرفون الفرخة بخمسة وسبعين قرشًا وكيلو اللحمة البلدى بجنيه ومر عام كامل ولم ير أحد لا فراخ ولا لحوم بهذا السعر وعلى الوزير أن يؤدى الكفارة عن اليمين الغموس الذى أقسم به ولم يحققه.
واستكمالاً لهواية تعذيب الفقراء فى كل رمضان، وصلنى العديد من الاتصالات والاستغاثات من أهالى مركز منية النصر دقهلية «ومثلها العديد من المراكز والقرى فى مصر» تؤكد أن الآلاف منهم وجدوا كروتهم الذكية لا تعمل ،لا فى صرف الخبز ولا فى السلع التموينية، وأصبح عليهم أن يشتروا الرغيف بسعر 35 قرشًا وكأنهم من الأثرياء. البقالون والأفران نصحوا المتضررين من هذا الوضع المأساوى بالذهاب إلى مكاتب البريد لتنشيط كروتهم ولا ندرى أى تنشيط هذا وكروت البنوك تستمر صلاحيتها لأربع سنوات وليس لشهور قليلة مثل كروت فقراءالخبز؟!.
المهم أن المواطنين ذهبوا إلى مكاتب البريد فقالوا لهم إن الكروت منشطة، فعادوا إلى الأفران والبقالين فقالوا غير منشطة!!..فاتصل أحدهم بسكرتير عام محافظة الدقهلية فأنكر معرفته بالأمر لكنه وعد بحل المشكلة دون فائدة، وطالب مواطن من سكرتير عام المحافظة أن يرسل أجهزته الرقابية لتتابع مكاتب البريد ومظاهرات وزحام الغلابة وبكاء الأرامل. ولم تفلح اتصالات المواطنين بالمسئول الأول فى تموين المحافظة حيث إنه لم يرد، ثم تعطف بالرد شخص آخر من موظفى التموين فى مركز منية النصر وقال إن شركة الكروت فى طريقها لاستخراج كروت جديدة لأهالى المركز «برسوم جديدة»وعليهم الانتظار حتى يصرفوا الكروت الجديدة!!
يا رئيس الوزراء وأنت مهموم بحل مشاكل الغلابة... الفقراء يناشدونك إنقاذهم من تصرفات وزير التموين عرض اللحوم فى شوادر وزارة التموين فى رمضان شديد الحرارة عارية ومعلقة دون ثلاجات حفظ هى جريمة كاملة وشروع فى قتل الفقراء، فالميكروب الواحد فى هذه اللحوم ودمائها يصير مليون ميكروب فى خلال ساعتين ثم ملايين قبل نهاية اليوم وكنت أظن أن تكون وزارات الدولة مهمومة بالتحضر وبأن تكون قدوة للجميع بأن تعرض اللحوم فى ثلاجات العرض ولا تصرف اللحوم للشوادر إلا على قدر سعة الثلاجات التى تم تجهيزها ولكن للأسف لاوجود للتحضُر!! بشرنا وزير التموين بقرب توزيع 3200 سيارة ثلاجة ستوزع على الشباب لتجوب المحافظات وتبيع الخضراوات والفاكهة بأسعار مخفضة للمواطنين فى خطة الوزارة لمحاربة الغلاء، علما بأن الغلاء ليس فى الخضراوات والفاكهة ولكن فى السلع الغذائية المستوردة من أحباب الوزير من التجار من زيوت وسكر ولحوم وبقالة. المهم هذه الفكرة طبقها الحزب الوطنى من قبل عام 2005 وثبت فشلها وأصبحت السيارات خردة فى شوارع مصر ولكن وزيرنا غاوى نقل أفكار. دعونا نحسبها بمهنية حتى نثبت ضحالة هذا الفكر الخاص باقتصاديات الباعة الجائلين الذى لا يبنى دولة ولا يحسن اقتصادًا ولا أسواقًا. طالما أن الوزير يدعى أن هذه السيارات ستبيع الخضراوات بأسعار مخفضة ومدعمة فى أسواق الخضراوات المشبعة أصلاً بالبائعين ولا تحتاج أى بائع إضافى، ولكن دعونا نفترض أن كل سيارة ستحقق مكسبًا يوميًا يبلغ 100 جنيه وهو تقدير مبالغ فيه جدًا ومع ذلك سنستمر فيه. هذه المائة جنيه تكفى هذا الشاب وأسرته كمصروف يومى بالكاد فى عيشة فقيرة ومحدودة فمن أين له أن يسدد أقساط هذه السيارة الثلاجة التى لن يقل ثمنها عن 100 ألف جنيه؟!. فعمليًا وتطبيقيًا لا يجب أن يقل ربح السيارة عن ألف جنيه فى اليوم الواحد لكى يخصص نصفها لأقساط السيارة والنصف الآخر لوقود ومصروفات والعامل أو السائق أو التباع أو الحمال الذى يساعد مالكها ثم لمصاريف أسرته وإعاشته!! فهل رأيتم أى بائع خضراوات متجول يبيع الخضراوات والفاكهة كما يتصور وزير التموين بأسعار مخفضة ومدعمة لمنافسة باقى البائعين ثم يربح ألف جنيه فى اليوم!! الصبر يارب.
■ كلية الزراعة جامعة القاهرة