رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كتبها على مدى 25 عاما.. ماذا تعرف عن يوميات الروائي الفرنسي ألبير كامو؟

ألبير كامو
ألبير كامو

تحل غدا ذكرى ميلاد الفيلسوف والروائي الفرنسي ألبير كامو، حيث ولد في 7 من شهر نوفمبر من عام 1913، وتوفى في 4 يناير من عام 1960.

ألبير كامو

ولـ ألبير كامو يوميات لها حكاية عجيبة، فـ كامو بدأ كتابة يومياته منذ أن كان في الثالثة والعشرين من عمره، واستمر في العمل عليها حتى وفاته في 4 يناير من عام 1960، وكان يكتبها في كراسات عادية، ولم يكن يقصد أن تنشر في يوم من الأيام، ورغم ذلك فقد أعد في عام 1954 نسخة مكتوبة على الآلة الكاتبة من الكراسات السبع الأولى من يومياته، ونقحها ونقحها بغرض نشرها في النهاية، وقد نشرت الطبعة الكاملة من كراساته الثلاث في باريس في عام 1962 أي بعد وفاته بعامين، وتحتوي على اليوميات من عام 1935 حتى عام 1942، وفد ترجمها المترجم ماهر البطوطي ونشر بعضا منها.

يوميات ألبير كامو

يقول المترجم ماهر البطوطي في تقرير نشره في مجلة الآداب عام 1965، أن اليوميات لا تخبرنا الكثير عن أفعال كامو وأحداث حياته، إلا أنها مليئة بالمعلومات عن الإحساسات التي كان يشعر بها تجاه الأشياء، ومع أنها كذلك لا تختص بتفاصيل كثيرة عن الظروف التي تواتر فيها على كثير من الوظائف لكسب عيشه، او عن المصاعب الشخصية والعاطفية الأخرى التي صادفته، إلا أن الأمانة التي يذكر بها شعوره الكئيب تجاه العمل، والنغمة التي يضرب بها على موضوع العزلة تجعلنا نكون فكرة واضحة عن الطراز الذي كان عليه كامو آنذاك. ويمكن تقسيم موضوعات اليوميات في الفترة الأولى من حياة كامو إلى ثلاثة اقسام: 1 - ويشمل الافكار الفلسفية والشذرات الوصفية التي كان يدونها كامو اثناء رحلات قام بها، ونتف من أحاديث سمعها في عمله او في منزله.

 وقد استخدم كامو كثيرا من هذه الأفكار والأحاديث في بعض أعماله الأدبية. وكثيرا ما تضمنت اليوميات فقرات كاملة لم يجر عليها تعديل كبير حين ظهرت بعد ذلك في رواياته ومقالاته المنشورة. 

۲ - ويشمل تعليقات على الكتب التي قرأها كامو في الفترة التي كان يسجل فيها هذه اليوميات. ويتضح من هذا القسم أن هذه اليوميات لم تكن سجلا لكل ما دار بخاطر كامو او كل ما قرأه، بل انه انتقى من هذه الخواطر ومن هذه القراءات تلك التي كان يعتقد انها مفيدة بالنسبة له شخصيا.

 ويستطيع القارئ أن يتبين الملامح الأساسية لكتابيه: "الغريب" و"اسطورة سيزيف" بين سطور هذه اليوميات، وكذلك برزت فيها موضوعاته الأثيرة كنهائية الموت وقيمة الحياة الجسمانية، والصفاء الفكري، ورفض اية معتقدات دينية، ويشمل الجمل والموضوعات التي لم تظهر بعد ذلك في أعمال كامو، وهي تثير الاهتمام كدلالة على الافكار التي كانت تشغله في تلك الأوقات ثم أهملها بعد ذلك.

13 فبراير 1936

ويورد المترجم ماهر البطوطي بعض هذه اليوميات.. يقول كامو في يومياته:" إنني أطلب من الناس أكثر مما يستطيعون تقديمه لي، من العبث انكار ذلك، ولكن، يا له من خطأ، ويا له من يأس، وربما انني، أبحث عن الاتصالات، جميع انواع الاتصالات، إذا أنا أردت أن أكتب عن الناس هل يجب أن أكف عن الحديث عن الريف؟ إذا اجتذبتني السماء او الاضواء، هل سأنسى عيون من أحب واصواتهم؟ في كل مرة أصادف مجرد عناصر، الصداقة، شذرات العاطفة، وليست الصداقة او العاطفة ذاتها، يحدث أن تذهب إلى صديق قديم لتقص عليه كل شيء، أو على الأقل، شيئا يثقل عليك. غير أنه في عجلة من أمره، وأنت تتحدث عن كل شيء وعن لا شيء على الإطلاق.

 لقد فات وقت الحديث، وها أنا في أشد وحدة وأشد وحشة عما كنت قبلا، لشد ما تقوض كلمة عابرة من صديق يتهرب من وجودي معه من هذه الحكمة الواهية التي أحاول أن اشیدها: "لا يعرف الضحك من لم يعرف البكاء"، والشكوك حول نفسي وحول الناس الآخرين.