رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رئيس الوزراء يؤكد عُمق العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين مصر والسعودية

رئيس الوزراء
رئيس الوزراء

استهل الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، المؤتمر الصحفي الأسبوعي، اليوم، بالترحيب بالصحفيين والإعلاميين الذين حضروا المؤتمر، منوهًا إلى مُشاركة وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي خلال المؤتمر الصحفي، وذلك لعرض مجموعة من الأخبار المُهمة فيما يخص أداء الاقتصاد المصري، وكذا مُؤشرات الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة السابقة، فضلًا عن تناول جهود الحكومة في مجال الإصلاحات الهيكلية.  

بدأ الدكتور مصطفى مدبولي حديثه، بالإشارة إلى الحدث المهم، وهو القمة المصرية السعودية، التي تمت على أرض مصر بالأمس برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي، والأمير محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة، ورئيس مجلس الوزراء السعودي، مُشيرًا إلى أن هذه الزيارة حملت العديد من الرسائل المهمة جدًا في هذا التوقيت الدقيق من أوضاع المنطقة، لافتًا إلى أن جزءًا مهمًا من المُحادثات التي تمت كانت تدور حول الأوضاع الإقليمية والتنسيق الكامل الذي يتم بين مصر والسعودية في هذا الإطار، وكذا التعامل مع المتغيرات السريعة جدًا التي تحدث، والتأكيد على ضرورة وضمان التنسيق الكامل ما بين البلدين المهمين اللذين يمثلان جناحي الأمة العربية والإسلامية، ومن أهم الدول المؤثرة في المنطقة.

توافق الرؤى بين مصر والمملكة السعودية فى كافة الازمات  

وتابع رئيس الوزراء، قائلًا: تطرقت المباحثات أيضًا إلى مختلف التحديات الموجودة في المنطقة بخلاف الحرب في قطاع غزة وجنوب لبنان، حيث توافقت كل الرؤي ما بين المملكة ومصر فيما يخص هذه الأزمات، وضرورة توحيد الجهود وبذل كل الجهد الممكن لمحاولة تجنيب المنطقة لتداعيات هذه الصراعات، وأيضًا محاولة الوصول إلى حلول سلمية لها.

وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي: الجزء المهم أيضًا، هو ما يتعلق بالعلاقات الثنائية، حيث تشرفنا بأن رئيس الجمهورية، وولي العهد السعودي، قد شهدوا توقيع تأسيس المجلس التنسيقي الأعلى المصري – السعودي، والذي يعد آلية مهمة جدًا يتم من خلالها تنسيق كامل على أعلي مستوي، حيث يتكون المجلس برئاسة رئيس الجمهورية، وولي العهد السعودي، وتشكل عضويته من السادة الوزراء المعنيين في كلا البلدين، بحيث يتم التنسيق في كل المجالات المتعلقة بتعزيز العلاقات الثنائية، وأيضًا فيما يخص الشق السياسي والخارجي والعلاقات الخاصة بالإقليم، وسوف يكون لهذا المجلس بمشيئة الله صفة يعمل من خلالها على هدف رئيسي وهو تفعيل وتقوية العلاقات الاستراتيجية ما بين البلدين، والتي نأمل بمشيئة الله أن تشهد طفرة كبيرة خلال الفترة القادمة.

وتابع رئيس الوزراء: الجزء الآخر هو توقيع اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة بين مصر والمملكة العربية السعودية، قائلا: لقد استطعنا إنجازها في وقت قياسي وسريع جدا، وتم توقيعها من قبل وزيري الاستثمار في البلدين.

واستطرد: وقد أوضحت مسبقًا على هامش زيارتي الماضية للملكة العربية السعودية أن تلك الاتفاقية ستؤسس لمزيد من تشجيع وجذب الاستثمارات المتبادلة في الدولتين، بالإضافة إلى حماية تلك الاستثمارات. بالتالي تنص الاتفاقية على العديد من الإجراءات الهادفة إلى تبسيط وتسهيل وكذلك تحفيز الاستثمارات المتبادلة، مؤكدًا أنها ستمثل بداية مهمة جدا لزيادة الاستثمارات السعودية في مصر خلال الفترة المقبلة.

وأضاف رئيس الوزراء خلال كلمته: تطرقنا إلى ملفات الصناعة، وتم الحديث حول أن يتم التركيز على الاستثمارات المشتركة في قطاع الصناعة في الفترة القادمة، بالإضافة إلى قطاعات أخرى مُختلفة تصلُح للاقتصادين المصري والسعودي، وكان هناك تأكيد أيضًا على مُتابعة مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة التي يتم تنفيذها، وأهمها موضوع الربط الكهربائي المصري - السعودي.

وتابع: كان هناك تشديد بالأمس على دخول المرحلة الأولى من الربط بالكامل للخدمة بحلول شهر مايو أو يونيو القادمين على الأكثر.

وأشار الدكتور مصطفى مدبولي، إلى وجود 1500 ميجاوات ربط كهربائي متبادل في تلك المرحلة، مُوضحًا أن هذا يُمثل ميزة للبلدين، لأن ساعات الذروة تختلف في كليهما، بالتالي يمكن أن تستفيد مصر في ساعات الذروة بالحصول على الكهرباء من المملكة العربية السعودية، والعكس صحيح، بحيث تستفيد السعودية في ساعات الذروة الخاصة بها بالحصول على الطاقة من مصر.

وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أن هناك نقطة مُهمة جدًا أثيرت بأن مشروع الربط الكهربائي بين الدولتين، والذي تصل قدرته إلى 3000 ميجاوات، سيصبح أكبر من حجم الطاقة الإقليمية لدول مجلس التعاون الخليجي بأكمله، قائلًا: لذا يجب أن تستشعروا ضخامة مشروع الربط الكهربائي الذي يتم بين مصر والسعودية والجهود المُتحققة لإنجازه في خلال هذه الفترة.

واستطرد: هناك جزء آخر أود الإشارة إليه، فقد شهدنا وشرُفنا بتشريف رئيس الجمهورية للندوة التثقيفية رقم 40 للقوات المسلحة، بمناسبة مُرور 51 عامًا علي نصر أكتوبر المجيد عام 1973.

وأوضح رئيس الوزراء بعض الرسائل المهمة جدًا التي أشار إليها رئيس الجمهورية خلال حديثه، أبرزها، أن مصر تتحرك في ظل أوضاع مُضطربة يشهدها الإقليم تُفرض علينا، على الرغم من انحياز مصر الدائم إلى السلام المُستدام، الاستمرار في بناء قدرات القوة الشاملة لمصر، ويجب أن يعلم كل مصري أن هذا هو السبيل الوحيد لصٌون وحماية السلام الذي نعيش فيه الآن.

وتابع الدكتور مصطفى مدبولي، قائلًا: دون دولة قوية بكل مقدراتها، ممكن أن نكون مطمع أو تحت تهديد من أي قوى أخرى، بالتالي بناء القوة الشاملة مهم جدًا لردع أية مُحاولات لتهديد أمن مصر.

واستطرد رئيس الوزراء، قائلًا: بالتالي شدد الرئيس على أن التحديات الإقليمية تٌفرض على الشعب المصري أن يكون على قدر عال جدًا من الترابط لصٌون مُقدرات الوطن ومكتسباته، وكذا التماسك والوعي الكامل للمواطن المصري بما يعرض عليه من أحداث وإن الهدف الرئيسي الذي تسعي إليه القيادات المصرية هو الحفاظ على مقدرات الدولة، لأنه بمثابة مفتاح الأمان والاستقرار للوطن.

ونوه الدكتور مصطفى مدبولي، إلى أنه لا يجب على المصريين الخوف من أي تهديدات خارجية، مشددًا على أهمية تماسك الجبهة الداخلية، وأن يكون لديها القدر الكافي من الوعي للتعامل مع كل هذه التحديات الإقليمية غير المسبوقة في الوقت الحالي.

وأضاف رئيس الوزراء، قائلًا: لأول مرة سوف أعرض موضوعًا سبق عرضه في الأسبوع الماضي، وأثار جدلًا واسعًا، والذي كان ردًا على سؤال أحد السادة الصحفيين حول إعداد الحكومة لسيناريوهات مُختلفة للتعامل مع الأوضاع في المنطقة، وقد تم الرد علي هذا السؤال بأن مصر لديها القدرة على التعامل مع جميع السيناريوهات، وأنه في حالة تفاقم الأمور وتطورها إلى حرب إقليمية، سوف نلجأ لإدارة الدولة فيما يعرف باسم "اقتصاد حرب"، وهو ما أثار جدلًا ودار نقاش حوله، مُذكرًا بما تمت الإشارة إليه خلال الاجتماع السابق بشأن اصطفاف تفتيش حرب الفرقة السادسة المدرعة بالجيش الثاني الميداني، مستعيرًا الكلمة التي ذكرها الرئيس وهي "بناء القوة الشاملة للوطن".

أشار الدكتور مصطفى مدبولي، في هذا الصدد لما ذكره حينها حول ضرورة اطمئنان المواطن المصري، فمصر ستظل بلد الأمن والأمان، وواحة الاستقرار في المنطقة حاليًا، مُستدركًا بقوله: هناك نقطة مهمة للغاية انطلاقًا من الصراحة والشفافية التي اعتدنا عليها، فنحن نضع جميع السيناريوهات المحتملة، والدولة المصرية لا تدخل حربًا إلا إذا تعرضت لتهديد بصورة مباشرة على حدودها أو مقدراتها، وغير ذلك فنحن ننطلق وفق ثوابت واضحة بأسلوب متوازن للغاية يتمثل في أن قواتنا المسلحة هي للدفاع عن الدولة المصرية إذا حدث تهديد مباشر.

في السياق نفسه، أوضح رئيس الوزراء أنه في حال تفاقم الوضع في المنطقة وتم استهداف المنشآت النفطية والنووية القائمة بالمنطقة، وتحول الأمر إلى رد متبادل، وأصبحت الأمور خارج نطاق السيطرة. فماذا يحدث؟، مجيبًا على ذلك بأنه سيكون هناك تداعيات هائلة على جميع المجالات، بدءًا من أسعار النفط ومنتجاته، بل وتأمين حركة وصول تلك المنتجات إلى الجهة المقصودة، بما فيها مصر، بالتالي فهذا نضعه نصب أعيننا كأحد السيناريوهات التي يمكن أن تحدث، مُضيفًا أن هناك سيناريو آخر حول تأثير تفاقم الأوضاع على حركة التجارة، وجميع شبكات التجارة والنقل والبترول واللوجيستيات، وجميعها سيناريوهات نتطلع إلى عدم حدوثها، لكن دورنا كحكومة هو أن نكون مُتأهبين لحدوث أي منها.

لافتًا إلى أن مصطلح "اقتصاد حرب" يعني توجيه جميع موارد الدولة لتأمين الاحتياجات الأساسية للمواطن، وكيف لنا ضمان تحقيق هذا الأمر بأقل قدر مُمكن من الأضرار بالمواطن المصري.

وتابع قائلًا: وأذكركم بفترة كوفيد-19، عندما بدأت موارد الدولة توجه كلها نحو دعم القطاع الصحي واللقاحات والإجراءات التي تم اتخاذها في هذا الشأن، وكيف يمكن تدبير موارد إضافية، وهو ما اضطرنا إلى إعادة تشكيل موازنة الدولة حينها بالكامل للتعامل مع هذه الأزمة، هذا هو ما نتحدث عنه أنه في حالة حدوث مشكلة أو أزمة كبيرة، واليوم لا يمكن لأي خبير التنبؤ أبدًا بما ستؤول له الأمور على وجه الدقة ولكنها تظل تخمينات، بالتالي يظل دورنا ومسئوليتنا كحكومة بأن يكون لدينا القدرة على التعامل مع كل السيناريوهات بما فيها أقصي السيناريوهات تشاؤمًا.

وأضاف رئيس الوزراء: ما أود التأكيد عليه هو أن مصر ثوابتها واضحة وبمشيئة الله لن تنجرف لحروب، إلا إذا كان هناك تهديد مباشر لحدود ومقدرات الدولة المصرية، وقد كنت حريصًا على توضيح هذا الأمر والتأكيد على ضرورة التحسب لأي سيناريوهات، فمنذ أحداث السابع من أكتوبر العام الماضي لم يكن أحد يتخيل تفاقم الأوضاع بهذا الشكل، واتساع دائرة الصراع في الجنوب ومضيق باب المندب، ويحدث تهديد بتوقف الملاحة، فضلًا عن تراجع موارد قناة السويس إلى 40% فقط من مواردها السابقة، ولم يكن هناك تصور بحدوث مثل هذه السيناريوهات، إلا أننا تعلمنا من واقع ما يحدث أن نكون على استعداد لكل السيناريوهات التي يمكن أن تحدث.

واستمرارًا في الحديث عن هذه النقطة، لفت رئيس مجلس الوزراء إلى أن كل ما شرحه لا يعني أننا نُحدث تخويفًا لأي أحد، ولا نُصدر للمواطن سيناريو متشائم، لكننا نعرض في إطار من الشفافية ومسئوليتنا كدولة وحكومة، مجددًا التأكيد على ضرورة اطمئنان المواطن أننا كدولة نؤمن احتياجاتنا بصورة كبيرة، مُشيرًا من ناحية ثانية، إلى ضرورة أن يتعرف خبراء الاقتصاد على التقرير الإيجابي المهم، الذي أصدرته مؤسسة "جولدن مان ساكس" في أواخر سبتمبر الماضي عن مصر، وهي واحدة من أهم المؤسسات الاقتصادية العالمية، التي أشارت خلاله إلى أن مصر تسير في المسار الصحيح، بالإضافة إلى ارتفاع الاحتياطيات للنقد الأجنبي، علاوةً على أن الدولة تسير في الاتجاه السليم لإدارة التحديات الاقتصادية، حيث تشير جميع المؤشرات الاقتصادية إلى أننا نتجه للتحسن، وتوقعاتها باستمرار هذا الوضع على مدار العامين المقبلين.

وقال الدكتور مصطفى مدبولي: وأشارت التقارير أيضًا إلى نقطة مهمة جدًا وتتوافق مع ما قلته أمام حضراتكم، وهي توقعات التضخم، وأن مُعدل التضخم سوف ينخفض إلى أقل من 10% قبل أو بحلول نهاية عام 2025، وهذا تمامًا ما حددته الدولة وفقًا لتقديراتها وتوجهاتها.

وتابع رئيس الوزراء: بالتالي توضح توجهات تلك المؤسسة بأنه إذا استمرت مصر في نفس الوتيرة من الاستثمارات الأجنبية وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر سواءً بصفقات أو بتشجيع وتحسين مناخ الاستثمار الذي تنفذه الدولة وقد عرضنا على حضراتكم جزءًا منه كخطوة أولى من خلال الإصلاحات الضريبية وتبسيط الإجراءات التي عرضها وزراء المالية والاستثمار الأسبوع الماضي، فإن الاقتصاد المصري سيستمر في التحسن بصورة كبيرة خلال الفترة القادمة.

وأضاف: أردت أن أشير إلى هذا الموضوع لكي ندرك كيف يرانا العالم، وكيف يرى التوجهات التي تتحرك الدولة وفقًا لها، وأن مصر مُلتزمة تمامًا بكل الإصلاحات الهيكلية التي وعدت بها.

في سياق آخر، قال الدكتور مصطفى مدبولي: من الأمور الإيجابية أيضًا التي أشرتُ إليها في زيارة الأقصر أنه سيبدأ اليوم التشغيل التجريبي للمتحف المصري الكبير، وهو مشروع عملاق وقد حظي بمتابعة أسبوعية من رئيس الجمهورية بنفسه، وهو ما مكننا اليوم من إنهاء ذلك الصرح العالمي الذي يعد "هدية مصر للعالم كله".

وفي الختام، قال رئيس الوزراء: نبدأ اليوم التشغيل التجريبي للمتحف المصري الكبير، وندعو الله أنه مع تحسن الأمور يكون هناك افتتاح رسمي لهذا المشروع العملاق الذي سيسهم في جذب جزء كبير جدًا من أعداد السياح الأجانب مع اكتماله، وفقًا لتقديرات حركة السياحة العالمية وكل شركات السياحة.