رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف صمد الاقتصاد المصرى أمام الأزمات العالمية؟

الاقتصاد المصرى
الاقتصاد المصرى

- الإعلان الحكومى عن طرح بنوك ومطارات يفتح شهية المستثمرين 

نجح الاقتصاد المصرى فى مواجهة التحديات الحالية، على رأسها التوترات الجيوسياسية التى تشهدها المنطقة، وفق ما أكده عدد من خبراء الاقتصاد، فى حديثهم مع «الدستور».

وأوضح الخبراء أن نجاحات الحكومة تبرز فى استقرار سعر صرف الدولار، وانتظام تحويلات المصريين فى الخارج، ما يعكس الثقة فى الاقتصاد الوطنى، مشيدين فى هذا الإطار بالمبادرات التى تدعم توافر السيولة الدولارية، من بينها مبادرة «بيت الوطن»، التى تهدف إلى زيادة التدفق النقدى من المصريين فى الخارج.

وثمنوا سعى الحكومة لتسهيل إجراءات تحويلات الأموال عبر البنوك، ما يسهم فى تعزيز كفاءة هذه العمليات، مشيرين إلى أهمية التزام الحكومة بالاستمرار فى تحسين الظروف الاقتصادية وتعزيز الاستقرار، والتركيز على زيادة استثمارات القطاع الخاص لتحفيز النمو الاقتصادى. 

وتوقع الخبراء استكمال برنامج الطروحات الحكومية قريبًا، الذى يتضمن طرح عدد من المطارات والبنوك، كجزء من جهود الحكومة لتعزيز الشفافية وجذب الاستثمارات وفتح الشراكة مع القطاع الخاص، معربين عن تفاؤلهم بمستقبل الاقتصاد المصرى.

أشرف غراب: زيادة تحويلات العاملين بالخارج والاستثمارات الأجنبية 

أشاد الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادى، بالسياسة المالية والنقدية الناجحة التى ينفذها البنك المركزى والحكومة وفق خطة محكمة، منذ ٦ مارس الماضى.

وقال «غراب» إن هذه السياسة ساهمت بشكل كبير فى استقرار سعر صرف الدولار مقابل الجنيه ما بين ٤٧ و٤٩ جنيهًا، رغم ما يعانيه العالم من موجة تضخمية مرتفعة، وتوترات جيوسياسية عالمية، بداية من الحرب الروسية الأوكرانية، وتصاعد الحرب الدائرة فى الشرق الأوسط، وتأثير كل ذلك بالسلب على الاقتصاد المصرى.

وأضاف الخبير الاقتصادى: «رغم أن قناة السويس فقدت أكثر من ٥٠٪ من إيراداتها، بسبب التوترات الجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط، خاصة هجمات الحوثيين فى البحر الأحمر، ما زال سعر صرف الدولار مستقرًا، نظرًا لعدة أسباب، أهمها دخول استثمارات أجنبية مباشرة وغير مباشرة خلال الفترة الماضية، ما ساهم فى زيادة التدفقات النقدية لمصر».

وواصل: «من المتوقع زيادة دخول الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى الفترة المقبلة، خاصة من دول الخليج، وعلى وجه التحديد من المملكة العربية السعودية، فى إطار الاتفاقية المرتقبة التى سيتم توقيعها بين البلدين، بعد زيارة رئيس الوزراء إلى السعودية، فى الشهر الماضى».

وأوضح أن الاتفاقية المرتقبة بين مصر والسعودية ستتضمن ضخ استثمارات سعودية بقيمة ٥ مليارات دولار، وتحويل الوديعة السعودية إلى استثمارات مباشرة، بما يعزز من قوة الجنيه، ويخفف من وطأة التوترات الجيوسياسية على الاقتصاد.

وأفاد «غراب» بأن من عوامل استقرار سعر صرف الدولار أيضًا دخول نسبة كبيرة من الاستثمار الأجنبى غير المباشر، والذى يعرف بـ«الأموال الساخنة»، على ضوء الإصلاحات الاقتصادية منذ تحرير سعر الصرف فى مارس الماضى.

وكشف عن وصول محفظة الاستثمار فى أذون الخزانة إلى نحو ٣٦.٧١٤ مليار دولار بنهاية يونيو الماضى، وفقًا لبيانات البنك المركزى، فضلًا عن نجاح مصر فى جذب ٢٣ مليار دولار فى ٤ أشهر فقط، من مارس حتى يونيو.

وأضاف الخبير الاقتصادى أن العوامل الأخرى تتمثل فى زيادة إيرادات النقد الأجنبى من السياحة، والتى شهدت انتعاشًا فى النصف الأول من العام الحالى، بجانب زيادة إيرادات وحجم الصادرات المصرية، وزيادة تحويلات المصريين العاملين فى الخارج، التى لعبت دورًا مهمًا فى دعم الاحتياطى النقدى الأجنبى، ما ساعد على تأمين استقرار سعر الصرف.

وأوضح أن تحويلات المصريين العاملين فى الخارج ارتفعت إلى نحو ٧.٥ مليار دولار، خلال الفترة من أبريل إلى يونيو من العام الجارى، مقابل ٤.٦ مليار دولار، فى نفس الفترة من عام ٢٠٢٣، بارتفاع قدره ٦١.٤٪، بعد القضاء على السوق الموازية للعملة الصعبة.

وتوقع الدكتور أشرف غراب زيادة تحويلات المصريين العاملين فى الخارج خلال الشهور المقبلة، خاصة مع تسهيل التحويلات المالية للعاملين بالخارج عبر تطبيق «إنستا باى» فى بعض الدول المحيطة، ما يسهل عملية التحويلات المالية عليهم، وبالتالى زيادة الأموال المحولة منهم.

وواصل حديثه عن عوامل زيادة تدفقات النقد الأجنبى، ومن بينها مبادرة «بيت الوطن»، التى حققت نجاحًا كبيرًا، مشيرًا إلى أن المبادرة مخصصة للمصريين العاملين فى الخارج، وتتضمن طرح وحدات سكنية وقطع أراضٍ سكنية، مع سداد أقساطها وسعرها بالعملة الصعبة.

كما أشار إلى مبادرة تصدير العقار بالدولار، التى طرحتها الحكومة لتمكّن الشركات العقارية من ترويج وبيع الوحدات السكنية للمشترين الأجانب أو المصريين المقيمين فى الخارج بالعملة الصعبة.

وليد جاب الله:  جذب التدفقات الدولارية وزيادة الاحتياطى النقدى

قال وليد جاب الله، الخبير الاقتصادى، إن الزيادة الكبيرة فى التدفقات الدولارية أدت إلى سد الفجوة التمويلية التى يحتاجها الاقتصاد المصرى، ما أسهم فى تعزيز استقرار العملة المحلية ودعم الاقتصاد الوطنى.

وأرجع هذه الزيادة إلى عدة عوامل، أبرزها التحسن فى تحويلات المصريين بالخارج، التى ارتفعت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، بالإضافة إلى انتعاش قطاع السياحة، ودخول الاستثمارات الأجنبية المباشرة والأموال الساخنة، مع زيادة الإقبال على السندات وأذون الخزانة الحكومية.

وأضاف: «التحسينات فى بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار ساهمت فى جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خاصة بعد أن عملت الحكومة على تسهيل الإجراءات الإدارية، وتقديم حوافز للمستثمرين، ما أدى إلى تدفقات دولارية قوية، تعزز الاحتياطى النقدى للبلاد».

وأشار إلى أن تحسن تصنيف مصر الائتمانى من قبل مؤسسات التصنيف العالمية يعد مؤشرًا قويًا على الثقة المتزايدة فى الاقتصاد المصرى، خاصة بعد أن تمكنت الحكومة من تنفيذ إصلاحات مالية ونقدية فعالة، أدت إلى تقليل نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى، وهو ما يعكس قدرة الدولة على إدارة مواردها المالية بشكل مسئول. 

وتابع: «التحسن فى التصنيف الائتمانى يعزز من فرص جذب المزيد من الاستثمارات، إذ يبحث المستثمرون دائمًا عن أسواق مستقرة وموثوقة، وأيضًا فإن ارتفاع الاحتياطى النقدى لمصر إلى مستويات مُرضية وفر حماية إضافية ضد أى تقلبات محتملة فى الأسواق العالمية، خاصة أنه يعد عاملًا أساسيًا فى تعزيز القدرة على مواجهة الأزمات الاقتصادية، لأنه يُمكّن الدولة من التعامل مع الضغوط الخارجية ويعزز من استقرار العملة المحلية».

واستطرد: «بفضل هذه العوامل مجتمعة، تمكن الاقتصاد المصرى من تحقيق مستوى من الاستقرار والنمو، رغم التحديات العالمية المعقدة»، مشيرًا إلى أهمية استمرار هذه السياسات والتوجهات الاقتصادية الإيجابية، خاصة فى ظل الأزمات المستمرة والتوترات الجيوسياسية والارتفاع المستمر فى أسعار السلع الأساسية.

وأكد ضرورة تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لضمان استمرارية النمو، وزيادة الاستثمارات فى القطاعات الإنتاجية والخدمية، مضيفًا: «كلما كانت بيئة الاستثمار أكثر جذبًا، زادت فرص النمو الاقتصادى ورفع مستوى المعيشة للمواطنين».

خالد الشافعى: استقرار سعر الصرف والقضاء على السوق الموازية للدولار 

أكد خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى، أن انتظام تحويلات المصريين العاملين بالخارج، التى تشكل مصدرًا حيويًا للعملة الأجنبية، ساهم فى استقرار سعر الصرف وتحسين الاحتياطى النقدى، خاصة بعد نجاح الدولة فى القضاء على السوق الموازية للدولار، إثر قرارات ٦ مارس الماضى.

وأوضح أن استدامة التحسن وتحويلات النقد الأجنبى من الخارج عامل مهم لاستقرار الاقتصاد القومى، مشيدًا بأهمية دور المبادرات الحكومية التى طرحتها الدولة فى هذا الإطار، مثل مبادرة «بيت الوطن»، التى تهدف إلى زيادة التدفق النقدى من المصريين فى الخارج.

وقال: «هذه المبادرة أسهمت فى تشجيع تحويلات الأموال بالعملة الصعبة، ما يعزز من الاستقرار الاقتصادى».

وأشار «الشافعى» إلى أهمية اتخاذ إجراءات لتسهيل عمليات تحويل الأموال عبر البنوك، وتوسيع شبكة مكاتب الصرافة، وتحسين الإجراءات المرتبطة بها، ما يجعل عملية التحويل أكثر كفاءة وسهولة للمصريين فى الخارج.

وأكد ضرورة تكامل هذه الجهود مع السياسات الحكومية لتعزيز المناخ الاستثمارى، ما يسهم فى جذب مزيد من التحويلات، التى سيكون لها أثر كبير على الاقتصاد المصرى، وتساعد فى تحقيق النمو المستدام.

محمد سعد الدين: استكمال ملف الطروحات الحكومية

أوضح الدكتور محمد سعد الدين، نائب رئيس الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات، أن برنامج الطروحات الحكومية يعد خطوة استراتيجية مهمة نحو تعزيز الاقتصاد المصرى، وزيادة الاستثمارات.

وأضاف «سعد الدين»: «إعلان الحكومة عن طرح عدد من المطارات والبنوك قريبًا يعكس التزامها بتعزيز الشفافية والفاعلية فى إدارة الأصول العامة»، متوقعًا أن تسهم هذه الطروحات فى جذب استثمارات جديدة، ما يساعد فى تحسين الوضع المالى للدولة، وتنمية البنية التحتية. 

وشدد على أن نجاح برنامج الطروحات يرتبط بقدرة الحكومة على إدارة هذه الطروحات بشكل جيد، ما يعزز من مكانة مصر كوجهة استثمارية جاذبة فى المنطقة، مضيفًا: «هناك ضرورة لمشاركة القطاع الخاص فى تنفيذ المشاريع القومية، باعتبار ذلك خطوة ضرورية لزيادة الكفاءة وتعزيز الابتكار».

وتوقع نائب رئيس اتحاد المستثمرين مساهمة الطروحات الحكومية فى تعزيز الثقة فى الاقتصاد المصرى، فى ظل الأوضاع الجيوسياسية المتقلبة، منبهًا إلى أهمية الترويج لهذه الطروحات بشكل جيد، لجذب مزيد من المستثمرين إليها، بجانب توفير المعلومات الشفافة حول العوائد المحتملة والمخاطر المرتبطة بهذه الاستثمارات.

سهر الدماطى: تحسين بيئة الأعمال من خلال تيسير الإجراءات الحكومية

كشفت سهر الدماطى، الخبيرة الاقتصادية، عن أن نجاح الاقتصاد فى مواجهة التحديات الحالية يعتمد بشكل كبير على قدرة الحكومة على خلق بيئة مواتية لجذب الاستثمارات الأجنبية، مشيرة الى أهمية تعزيز النمو الاقتصادى من خلال التركيز على زيادة استثمارات القطاع الخاص، كوسيلة فعالة لتحفيز الاقتصاد المصرى.

وأوضحت أن القطاع الخاص يلعب دورًا حاسمًا فى دفع عجلة النمو، إذ يمثل أكثر من ٧٥٪ من الناتج المحلى الإجمالى، مشيرة إلى أن القطاع الخاص حقق تقدمًا ملحوظًا، مدعومًا بالإصلاحات الاقتصادية التى بدأت فى عام ٢٠١٦، ما أدى إلى زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة ١٣٪، لتصل إلى حوالى ٥.٩ مليار دولار فى عام ٢٠٢٢.

وأضافت أن تحسين بيئة الأعمال من خلال تيسير الإجراءات له أثر إيجابى على جذب الاستثمارات، مطالبة الحكومة بمواصلة تقديم الحوافز للقطاع الخاص، مثل تخفيض الضرائب وتوفير تسهيلات ائتمانية، ما سيساعد على زيادة المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تعد محركًا رئيسيًا للنمو والتوظيف.

أحمد معطى: خفض الدين العام وتعزيز الثقة فى السوق المصرية

أشار أحمد معطى، الخبير الاقتصادى، إلى أهمية النتائج الإيجابية التى حققها الاقتصاد المصرى فى المسار النزولى للدين العام، موضحًا أن نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى انخفضت من ١٠٣٪ فى عام ٢٠٢٠ إلى حوالى ٨٧٪ فى عام ٢٠٢٣، ما يعكس نجاح الحكومة فى إدارة الدين العام بشكل فعال، ويعزز من الثقة الدولية فى الاقتصاد المصرى، ويجعل المستثمرين أكثر استعدادًا لدخول السوق.

وقال: «خفض الدين يسهم فى تحرير الموارد المالية للاستخدام فى الاستثمار فى البنية التحتية والخدمات العامة، ما يخلق بيئة أفضل للنمو الاقتصادى، ويدفع إلى استمرار تحسين التصنيف الائتمانى لمصر من قبل مؤسسات التصنيف العالمية، ويعكس الثقة فى السياسات المالية والنقدية المتبعة».

وأضاف أن تعزيز النمو الاقتصادى من خلال زيادة استثمارات القطاع الخاص وخفض الدين يمثل جزءًا أساسيًا من رؤية الحكومة لتحقيق التنمية المستدامة، مؤكدًا أن استمرار هذه الجهود يسهم فى استقرار الاقتصاد المصرى ورفع مستوى معيشة المواطنين.

وشدد على ضرورة التعاون بين القطاعين العام والخاص لتحقيق الأهداف الاقتصادية المرجوة، خاصة أن العمل المشترك سيؤدى إلى تحقيق نتائج إيجابية تعزز من مكانة مصر على الساحة الاقتصادية العالمية.