رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جبهة وطنية لمواجهة التحديات

فى ظل هذه التحديات التى تواجهها الدولة المصرية، واضطراب المنطقة بشكل لم يسبق له مثيل، أقترح تشكيل جبهة وطنية مصرية للتصدى ومواجهة كل التحديات التى تتعرض لها البلاد. فليس من المعقول أو المقبول على الإطلاق أن تتصدى الدولة بمفردها لهذه التحديات. وهذه الجبهة التى أعنيها تتكون من جموع المصريين، كل فى مجاله، من أجل الوقوف صفًا واحدًا خلف القيادة السياسية لمواجهة كل المخاطر والتحديات التى تتعرض لها البلاد.

فى واقع الأمر إن هذه الجبهة ليست فصيلًا سياسيًا أو حزبيًا أو ما شابه ذلك، وإنما هى تكاتف جميع المصريين بلا استثناء من خلال رؤية واضحة، تهدف فى المقام الأول إلى نشر الوعى بين جموع المصريين، فى ظل هذه الأزمات الخطيرة التى تتعرض لها المنطقة، خاصة بعد اندلاع الحرب الإقليمية. وكلنا يعلم أن العين على مصر وأن الهدف من كل هذه المآسى هو مصر. ورغم الجهود المضنية التى تبذلها الدولة المصرية وقيادتها السياسية بالتصدى لكل هذه المواقف التى تريد أن تنال من مصر، فإنه يجب على جميع المواطنين، خاصة المثقفين والمفكرين ومَن على شاكلتهم، الوقوف صفًا واحدًا بعيدًا عن أى تفرقة. فهذه الظروف الآنية تحتم على الجميع أن يكونوا صفًا واحدًا لمنع النيل من البلاد.

كلنا يعلم أيضًا أن مصر من نعم الله عليها أن حباها بجيش قوى لا يعرف انقسامًا ولا يعرف تحزبًا ولا يعرف مذهبية كباقى جيوش كثيرة. لكن ذلك لا يعنى أبدًا أن نركن ونتفرج على ما يحدث من مهازل فى المنطقة. فالأمر يحتم على الجميع أن يكونوا يدًا واحدة وإرادة واحدة. وهذا ما أعنى به تشكيل الجبهة الوطنية، حيث إن تشكيل الجبهة ليس له إلا دور واحد مهم فى ظل هذه الظروف البشعة التى تتعرض لها المنطقة والتى تواجه مصر بسببها تحديات جسامًا وخطيرة. ومن أجل ذلك لا بد أن تقوم هذه الجبهة بنشر الوعى ولا نركن إلى فصيل دون الآخر. وليست الفكرة سياسية على الإطلاق، إنما هى رؤية موحدة تتفهم طبيعة المرحلة الحالية. ولا بد أن تجتمع عليها كل القوى الوطنية، سواء كانت فى أحزاب أو غيرها. ومن هذا المنطلق عليها دور توعوى وثقافى كبير ومهم. هذا الدور ينحصر فى نشر الوعى بين جميع أفراد الأمة المصرية. والكل لديه إرادته فى مجاله، لكن لا بد أن يتكاتف الجميع على قلب رجل واحد.

أكرر أن هذه الفكرة لا علاقة لها من قريب أو بعيد بتشكيلات سياسية أو حزبية، فلكل حزب سياسى أو قوى وطنية أيديولوجياتهما الفكرية والسياسية. لكن على الجميع- فى ظل هذه الظروف الصعبة التى تتعرض لها المنطقة، وفى ظل التحديات البشعة التى تواجه البلاد- أن يتخلوا عن أيديولوجياتهم وعن فكرهم السياسى وعن آرائهم الشخصية، ويكون الجميع تحت بوتقة واحدة تسمى جبهة وطنية أو أى تسمية، تؤيد جيش مصر العظيم وتؤيد مواجهة كل التحديات الشديدة التى تتعرض لها البلاد الآن. والمعروف عن المصريين أنهم عندما يشعرون بأى تهديد للدولة يكونون صفًا واحدًا من أجل التصدى لأى خطر.

تحدثت بالأمس عن بدء الحرب الإقليمية وهذا يعنى أنه لا بد من تعبئة كل القوى المصرية فى بوتقة واحدة لتكون بمثابة حائط الصد الشديد لكل من يفكر فى النيل من الوطن أو التعرض له. وكلنا يعلم أن هناك إجراءات كثيرة وقوية تتعلق بحماية الأمن القومى المصرى، وهذه مسئولية الدولة، لكن لا يجب أبدًا أن نتركها وحدها فى مواجهة كل هذه التحديات. فالعامل فى مصنعه والفلاح فى حقله والمدرس فى مدرسته وأستاذ الجامعة فى جامعته والمحامى والطبيب وكل فئات المجتمع بكل أطيافهم المختلفة وأفكارهم المتنوعة لا بد أن يصطفوا صفًا واحدًا خلف الدولة المصرية، من خلال هذه الجبهة الوطنية، من أجل نشر الوعى بين جميع المواطنين حتى نفوت الفرصة على كل من يريد أن ينال من مصر أو ينال من أمنها القومى. أقول هذا الحديث بمناسبة خطورة الأوضاع فى المنطقة وتعرضها إلى ما لا يحمد عقباه فيما هو قادم، وفى ظل غشاوة على أمريكا والمجتمع الدولى الذى يقف متفرجًا على هذه الحرب الإسرائيلية البشعة ولا يحرك ساكنًا سوى الدعم لما يتم من جرائم. وبالتالى من المهم أن نفيق ونستيقظ ونحتمى تحت مظلة واحدة هى الجبهة الوطنية المصرية، التى تؤيد قواتها المسلحة وتقف خلفها تؤازرها وتشد من عزيمتها. وكل ذلك لن يتأتى إلا بأمر بسيط جدًا هو التخلى عن أى أنانية أو أيديولوجية سياسية أو فكرية، والتجمع تحت راية واحدة هى الجبهة الوطنية المصرية، من أجل نصرة الدولة فى مواجهة كل التحديات الجسام التى تواجهها خلال هذه الفترة من الزمن.