رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا سيكون الصراع المباشر مع إسرائيل كارثيًا بالنسبة لإيران؟

إيران وإسرائيل
إيران وإسرائيل

سلط موقع "فيرست بوست" الهندي الضوء على تأثير الصراع المباشر بين إيران وإسرائيل، بعدما أطلقت طهران نحو 180 صاروخًا باليستيًا على تل أبيب بين عشية وضحاها، ما وضع المنطقة على شفا حرب إقليمية مكلفة ومدمرة. 

وتحت عنوان: "لماذا سيكون  الصراع المباشر مع إسرائيل كارثيًا بالنسبة لإيران؟"، قال "فيرست بوست" في تقرير له، إن "محاربة إسرائيل تشكل ركيزة أساسية لهوية الدولة في إيران. ومع ذلك، هناك مخاطر جدية واضحة لهذا النوع من الهجوم المباشر من قبل طهران".

وأضاف: "لقد شكلت الضربة تحولًا دراماتيكيًا في حسابات إيران بعد أسابيع من تصعيد الهجمات الإسرائيلية على قادة مجموعاتها التابعة، حماس وحزب الله، وقواتهما في غزة ولبنان".

وأشار إلى أن إيران اعتادت تقليديًا أن تستعين بحزب الله وحماس في قتالها، وكانت قلقة للغاية بشأن الانجرار إلى مواجهة مباشرة مع إسرائيل بسبب العواقب على النظام الحاكم، وخاصة المعارضة الداخلية المحتملة والفوضى التي قد تولدها أي حرب مع إسرائيل.

وتابع: لكن مع تكثيف إسرائيل لحملتها العسكرية ضد حزب الله في لبنان في الأسابيع الأخيرة، واغتيال زعيم الجماعة اللبنانية المسلحة حسن نصرالله، ومن قبله اغتيال زعيم حماس السياسي إسماعيل هنية، بدا الأمر وكأن إيران تجلس على "السياج ولا تقوم بدورها القيادي" في تحدي إسرائيل. لذا، كان لزامًا عليها إلى حد كبير أن تمارس دورها كزعيمة لما يسمى "محور المقاومة" وتنخرط في القتال.

ولفت التقرير إلى أن المؤسسة السياسية الإيرانية قائمة على مبدأ تحدي الولايات المتحدة وتحرير الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل، وهذا يعني "إذا لم تتحرك إيران وفقًا لهذا المبدأ، فهناك خطر جدي يتمثل في تقويض هويتها".

«أزمة الشرعية والتهديد الوجودي» من المخاطر المترتبة على محاربة إسرائيل

أكد التقرير أن هناك مخاطر جدية واضحة لهذا النوع من  الهجوم المباشر من جانب إيران، وعلى رأسها أزمة الشرعية التي وصفها بـ"الخطيرة"، التي يعاني منها النظام السياسي الإيراني على الصعيد المحلي، مستشهدًا بالانتفاضات الشعبية العديدة التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة، بما فيها انتفاضات حركة "المرأة والحياة والحرية" الضخمة التي اندلعت في أعقاب وفاة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى الشرطة بسبب عدم ارتدائها الحجاب بشكل صحيح.

وأوضح أن هناك أيضًا وجهة نظر معارضة رئيسية في إيران تتحدى هوية النظام المناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل والتزامه بالصراع الدائم مع البلدين، ومن شأن الحرب المباشرة أن تطلق العنان لهذه الأصوات من جديد، ما يهدد بشكل خطير بقاء النظام، مردفًا: "إن هذا التهديد الوجودي هو الذي منع إيران من العمل وفقًا لمبادئها".

وتطرق التقرير أيضًا إلى رئيس إيران الجديد، مسعود بزشكيان، الذي ينتمي إلى المعسكر الإصلاحي والذي لديه أجندة لتحسين علاقات إيران مع الغرب، معتبرًا أن التوقيت في إحياء الاتفاق النووي الإيراني مع المجتمع الدولي، بهدف تخفيف العقوبات الدولية المفروضة على النظام، سيئ للغاية بالنسبة لأجندة بزشكيان لإصلاح الضرر الذي لحق بمكانة إيران العالمية.

وأشار إلى أنه في نهاية المطاف، ليس الرئيس هو الذي يتخذ القرارات في إيران، بل المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي والمجلس الأعلى للأمن القومي هما اللذان ينظران في مسائل الحرب والسلام ويقرران مسار العمل. 

والمرشد الأعلى هو أيضًا الذي يعين رئيس الحرس الثوري الإسلامي، الذي ظل جنرالاته يدعون إلى اتخاذ إجراءات أكثر جدية وحزمًا ضد إسرائيل منذ بدأت الحرب في غزة في السابع من أكتوبر. ويبدو أن المرشد الأعلى استمع أخيرًا إلى هذه النصيحة.

لذا، فقد حافظ النظام على توازن دقيق بين هذه العوامل: الحفاظ على هوية الدولة الإيرانية وما تمثله في المنطقة، والحاجة إلى إدارة المعارضة الداخلية وضمان بقائها.

في الظروف العادية، كان من السهل على إيران الحفاظ على هذا التوازن. كان بإمكانها إدارة معارضيها الداخليين من خلال القوة الوحشية أو الاسترضاء والدعوة إلى سياسة خارجية عدوانية في المنطقة.

 

ما هو التالي؟

رأى التقرير أنه مع هجومها على إسرائيل، تستعد إيران أيضًا لخطر آخر - الانتقام المباشر من إسرائيل واندلاع حرب شاملة.

وقال: "إن الصراع في المنطقة يسير حقًا وفقًا لدليل نتنياهو، الذي كان يدعو إلى ضرب إيران"، مضيفًا: "الآن، أصبح لدى إسرائيل مبرر للرد على إيران وجر الولايات المتحدة إلى الصراع".

وأضاف: "من المؤسف أن إيران أصبحت الآن مستعدة لرؤية الخليج العربي بأكمله متورطًا في الصراع؛ لأن أي رد انتقامي من جانب إسرائيل وربما الولايات المتحدة من شأنه أن يجعل الأصول الأمريكية في الخليج العربي، مثل السفن الحربية والسفن التجارية، عُرضة للهجمات من جانب إيران أو حلفائها. وقد تكون لهذا عواقب وخيمة على التجارة والأمن في المنطقة".

وخلص بالقول: "هذه هي الطريقة التي تتجه بها الأمور. فإيران تعلم أن ضرب إسرائيل من شأنه أن يدعو إسرائيل إلى الانتقام، وأن هذا الانتقام من المرجح أن يحدث بدعم من الولايات المتحدة. ويبدو أن إيران مستعدة لتحمل تكاليف هذا".