رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الجورنالجي".. محمد حسنين هيكل مع ثلاثة رؤساء

محمد حسنين هيكل
محمد حسنين هيكل

الكاتب الصحفي "محمد حسنين هيكل" الجورنالجي الأشهر في تاريخ الصحافة المصرية والعربية، ولا شك كان  نجمها الأول، ولا شك أنه ما زال حاضرا عبر رصيد معرفي جعل منه أحد أبرز أيقونات المشهد الصحفي المصري والعالمي.

بدأ محمد حسنين هيكل رحلته مع عالم الصحافة عام 1942، وخلال تلك الفترة كانت كل كتابات هيكل عن الملك  فاروق تصب في خانة التفخيم له والإشادة بإنجازاته ونسبة كل نجاح له.

يرى الكاتب الصحفي محمد حماد، أن “محمد حسنين هيكل مثل الظواهر الكبرى، لا يتكرر إلا بمضي الزمن، ولا يمكن إعادة إنتاجه إلا بإعادة إنتاج الظروف نفسها التي جادت به، ومن أين نأتي كل يوم بزعيم مثل جمال عبد الناصر، ومن أين نأتي كل يوم بثورة مثل ثورة يوليو؟، إذا كان كل ذلك صعبًا فهل السهل هو أن نجد كل يوم هيكل”.

هكذا ظلت وما تزال صورة هيكل في الوعي الجمعي الصحفي المصري، ولكن هذا لم يمنع العديد من الكتاب الصحفيين إلا أن يقفوا كثيرا أمام ما وصفوه بالظاهرة، ويحاولوا تفكيكها ومن ثم نقدها والإشارة  بطبيعة الحال إلى السلبيات في مشوار هيكل، ولكن ذلك بعيدا عن الافتئات، هذا ما ذهب قد نجده في كتابات الكاتب الصحفي محمد حماد والتي يمكن القول إنها فككت ظاهرة هيكل ونقدها بمنتهى الموضوعية.

الرئيس والأستاذ 

الرئيس والأستاذ 

قدم  محمد حماد عبر كتابة "الرئيس والأستاذ" على مدار 368 صفحة ضمت قراءة لأوراق العلاقة بين الكاتب والسلطة، فى نموذج علاقة الأستاذ محمد حسنين هيكل مع الرئيس أنور السادات، مقارنه بعلاقته مع الرئيس جمال عبد الناصر، وهو حسب المؤلف يقرأ تلك العلاقة من زاوية رؤية مختلفة ومن حساسية مغايرة، زاوية رؤية تعبر عن جيل آخر، لم يعاصر، ولم ينافس، ولم تتأثر له مصالح خاصة، ولا هو سعى إلى مغانم.

عن علاقة هيكل وعبد الناصر كتب الكاتب الصحفي محمد حماد عدد من المقالات تحت عنوان "هيكل في ظل عبد الناصر"، يقول تحت العنوان “شغلت علاقة الأستاذ محمد حسنين هيكل بكلٍ من الرئيسين جمال عبد الناصر ثم أنور السادات، الفصل الأكبر والأبرز والأكثر إثارة في تجربة (الجورنالجي) الذي أمضى قرابة ربع قرن وهو في موقع يحسده عليه الكثيرون، سواء من منافسيه من (الجورنالجية) أو من مناوئيه من السياسيين، واستطاع أن يحافظ ـ خلال هذه الفترة الطويلة ـ على مسافة ومساحة للاختلاف والتعبير عن رأيه الشخصي، حتى وهو يعبر بقلمه عن النظام”.

يؤكد محمد حماد أن العلاقة بين هيكل وعبد الناصر جاءت واضحة وغير مركبة، وتطروت بشكل طبيعي، ولم يكن الأقرب ابدا الى عقل وقلب جمال عبد الناصر فقد كان هناك صحفييون أقرب، إحسان عبد القدوس، كان شديد القرب من عبد الناصر، وكان صديقا له، وانتهى الأمر باعتقاله، وكذلك أحمد أبو الفتح الذي انتهى الأمر به إلى مغادرة البلاد، ذلك بعد إغلاق جريدة المصري ومحاكمة شقيقيه محمود وحسين.

 يتابع: “قد يكون هذا ما جعل المسافة أقرب بين عبد الناصر وهيكل، إلى جانب أن هيكل  كان مريض بالنظام  اللقب الذي أطلقه عليه الكاتب الصحفي والشاعر كامل الشناوي، وهذا النظام والدقة كانت إحدى الميزات المهمة والرئيسية التي امتاز بها هيكل، وكان له دور كبير في القرب من عبد الناصر، فكلاهما يمجدان النظام”.

هيكل وعبد الناصر 

كم عمر الغضب في مواجهة خريفه  

 بعد رحيل الرئيس جمال عبد الناصر وتولي محمد أنور السادات رئاسة الجمهورية، كانت العلاقة بين السادات وهيكل تسير بنفس المنهج، وقد لعب هيكل دور كبير في  تمكين السادات من الحكم، وكانت العلاقة وطيدة بينهما، ولكن ظهر الخلاف واضحا عندما قرر الأول نقله من مؤسسة الأهرام وتعيينه مستشارا له في 1974، فاعتذر هيكل وقرر الاعتكاف فى منزله والتفرغ لتأليف الكتب السياسية.

اشتد الخلاف بينهما لدرجة الأمر باعتقال "هيكل"، الأمر الذي دفعه لكتابة "خريف الغضب " ونشر بداية عبر سلسلة مقالات عبرصحيفة الوطن، ومن ثم نشر كتاب في 1983 بعد  اغتيال السادات بعامين 1983.

دفع كتاب "خريف الغضب" المفكر والأكاديمي الدكتور فؤاد زكريا إلى كتابة "كم عمر الغضب"، ونشر بداية عبر صحيفة الوطن في شكل سلسلة مقالات، وعلى حسب تعبير فؤاد زكريا اتخذت صحيفة الوطن موقفا مناوئا من مقالاته  على حساب "صاحب خريف الغضب" حسنين هيكل.

  

هيكل ومبارك ولقاء الست ساعات 

في كتابه "مبارك وزمانه.. من المنصة إلى الميدان"، الذي صدر عام 2012، يروي الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل تفاصيل أول حوار دار بينه وبين الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، وذلك بعد توليه الرئاسة في 5 ديسمبر 1981، والذي استمر على مدار 6 ساعات.

حكي هيكل  في كتابه "مبارك وزمان.. من المنصة إلى الميدان"، إلى أنه وخلال سنوات طويلة سمع ــ دون قصد ــ آراء كثيرين ممن عرفوه، فـ"بعض زملائه فى الكلية الحربية، وفى كلية الطيران، يجيبون إذا سُئلوا بأنه (لم يعط سره لأحد) على حد تعبير أحدهم، وهم يعرفون أنه يحب سماع الحكايات وروايتها، ويحب إطلاق النكات وتكرارها، لكنه وراء ذلك كتوم!، وبعضهم أضافوا أنه رجل يثابر أكثر منه رجل يفكر، وهو مستعد بالنشاط العضلى يعوض ما يفوت عليه بالنشاط العقلى، وهو جاهز لذلك طول الوقت، وكان غرامه شديدا بالأرغفة الصغيرة المحشوة بـ(الفول المدمس) أو بـ(الطعمية)، وهو فى السيارة من القاعدة إلى البيت أيام الإجازات يأكل معظمها، وأنه كان شديد الطاعة لرؤسائه، يكرس جهده دائما لإرضائهم مهما كانت المهام التى يطلبونها منه، وأثناء الدراسة فى كلية الطيران لم يخرج فى الإجازات، وإنما كان على استعداد باستمرار للبقاء فى الكلية نوبتجيا، بينما غيره ينتظر الإجازات ويتشوق لها".

وصف هيكل لقاء بمبارك بأنه لقاء ودي وليس حميميًا، فبعد أن وصل إلى بيت مبارك وانتظر في الصالون لوقت لم يتجاوز أكثر من دقيقة، حتى دخل مبارك مادًا يده ومرحبًا بابتسامة طيبة وملامح تعكس حيوية شباب وطاقة.

يضيف: “كان الحديث في البداية بالترحيب وتقديم الطعام وشرب القهوة، حيث استهل مبارك الحديث عن الصحافة فقد قال لهيكل (سيبهم يغلطوا)”.

يتابع: “لم أفهم ماذا يقصد مبارك، فطلبت منه أن يوضح أكثر، فقال له (سيبهم يغلطوا) حتى يتأكد الناس أنهم لا يعرفون شيئًا، والأفضل أن ينكشفوا أمام الناس على حقيقتهم وأنهم هجّاصين”.