رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محللون عرب لـ«الدستور»: إسرائيل تتحرك بقوة لتوسيع الصراع فى الشرق الأوسط

صورة ارشيفيه
صورة ارشيفيه

رأى عدد من الخبراء والسياسيين أن إسرائيل تسعى عبر عملياتها التى استهدفت «حزب الله» اللبنانى وتفجير أجهزة اتصالاته واغتيال عدد من قادته، إلى استدراجه لتوسيع رقعة الصراع فى الشرق الأوسط، خاصة أن التنظيم لا يزال يمتلك قدرات عسكرية تؤهله للرد على العمليات التى تستهدفه، ومنها قصفه، الأحد، منطقة حيفا واستهدافه قواعد عسكرية للاحتلال.

وأكد الخبراء، خلال حديثهم إلى «الدستور»، أن الأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط تتجه نحو الهاوية، فى ظل تصاعد التوتر على الجبهة اللبنانية، والدعم الأمريكى غير المشروط لإسرائيل، داعين المجتمع الدولى للاضطلاع بمسئولياته من أجل وقف الحروب والصراعات التى تؤججها دولة الاحتلال فى المنطقة. 

قال الكاتب والسياسى اللبنانى، سركيس أبوزيد، إن اختراق إسرائيل أجهزة اتصالات «حزب الله» تم بعدة وسائل، من بينها تمكن الأمن الإسرائيلى من لعب دور الوسيط فى عملية التوريد أو التصنيع، والتلاعب بالأجهزة التى تم توريدها وزرع مواد متفجرة فيها، وهو ما مكنه من تفجير ٥٠٠٠ جهاز فى وقت واحد.

وأوضح: «هناك أجهزة أخرى لا سلكية نجح الاحتلال فى الكشف عن موجاتها والتلاعب بها لتفجيرها، بالإضافة إلى كشف عمليات الإرسال والتنصت عليها، ويحتمل أن يكون ذلك قد تم عبر عملاء استطاعوا تقديم كثير من المعلومات للعدو الإسرائيلى». 

وأشار السياسى اللبنانى إلى أن «حزب الله» يعانى لإيجاد شبكات آمنة يستطيع أن يتواصل بها مع جهازه الإدارى والعسكرى والمدنى، لكن من الطبيعى أن تكون لديه شبكات اتصالات بديلة يستعملها فى حالات الطوارئ. 

وأضاف: «(حزب الله) جزء من بيئة شعبية، وعندما تكون هناك اعتداءات أو عدوان عليه فمن الطبيعى أن يسقط عدد كبير من الأطفال والنساء والمدنيين، من الذين ليس لهم علاقة به، بين الضحايا، لذا فذلك النوع من التفجير الذى تم غير إنسانى ومحرّم على المستوى الدولى، ومطلوب من المؤسسات الدولية أن يكون لها موقف من استعمال هذه الطريقة، حتى لا تكون هناك فوضى أو تكرار لهذه الاعتداءات، التى تطال المدنيين».

من جهته، رأى الدكتور عبدالحكيم القرالة، أستاذ العلوم السياسية الأردنى، أن ما قام به الاحتلال الإسرائيلى ضد «حزب الله» نتج عن اختراق أمنى كبير، وسبب ضربة قاصمة لنظرية الردع لدى التنظيم اللبنانى.

وأوضح «القرالة»، لـ«الدستور»، أن ما حدث يعد عملية نوعية استندت إلى معلومات استخباراتية دقيقة، وهو ما اتضح مع الاغتيالات الأخيرة، مشيرًا إلى أن العملية حققت مكسبًا تكتيكيًا للاحتلال وليس مكسبًا استراتيجيًا، رغم أنها ستؤثر على قواعد الاشتباك، وقد تحدث الكثير من التطورات الدراماتيكية، فضلًا عن التصعيد، لا سيما مع إصرار الاحتلال على توسيع رقعة الصراع الحالى.

وأضاف: «لا نستطيع الاستهانة بالاختراق الأمنى، لأنه أثر على معنويات (حزب الله) والمقاومة فى لبنان بشكل عام، ولكن الحزب يمتلك الكثير من القدرات العسكرية الكبيرة، ويستطيع استهداف المرافق الاستراتيجية والعسكرية للاحتلال، وقد تبين ذلك فى هجوم حيفا أمس، بعد أيام من هجمات اللا سلكى التى استهدفت الحزب، ما يعنى أنه قادر على الرد أكثر من مرة، لأنه فى زاوية ضيقة الآن، ولأن الضربة موجعة».

وتابع: «المؤشرات تشير إلى أن المنطقة مقبلة على التصعيد، ونلتقط ذلك فى تصريحات العسكريين فى دولة الاحتلال، ومن خلال نقل عدد من القطاعات واللواءات فى اتجاه الشمال، وهذا التحول يجعل (حزب الله) الجبهة الرئيسية، وهو ما يريده اليمين المتطرف فى إسرائيل، فى إطار سياسة توسيع رقعة الصراع، مع استغلال الدعم غير المشروط من قبل الإدارة الأمريكية».

وأشار إلى أن هناك أحاديث تدور عن اغتيالات لقادة إيرانيين، وأيضًا عن حتمية الرد الإيرانى على إسرائيل، ما ينذر بمزيد من التصعيد.

وفيما يتعلق بتأثير التصعيد فى الجبهة الشمالية على الوضع فى قطاع غزة، قال «القرالة» إن «الاحتلال مستمر فى مسلسل الإبادة الجماعية والعنف والقتل ضد الشعب الفلسطينى، ومن المحتمل أن يؤثر التصعيد الحالى فى لبنان على مفاوضات غزة، ويمكن أن يدفع الاحتلال لعقد صفقة لوقف الحرب».

واعتبر المحلل السياسى العراقى، واثق الجابرى، أن إصرار الاحتلال الإسرائيلى على التصعيد واستهداف قادة «حزب الله» دليل على وجود نوايا لدى رئيس الوزراء فى حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، لتوسيع دائرة الحرب، باعتبار أنه لم يحقق الأهداف التى كان يعد بتحقيقها من إخراج الأسرى أو هزيمة حركة حماس أو قياداتها.

وأضاف «الجابرى» أن اغتيال الاحتلال قيادات «حزب الله» وعمليات التفجيرات الأخيرة دليل على وجود خروقات أمنية كبيرة، وستظهر تحقيقات الحزب ذلك، مشيرًا إلى أن هذه الخروقات لن تؤثر عليه لأنه سبق وخسر بالفعل الكثير من القيادات، والتى يمكن تعويضها بأخرى.

ورأى أن عمليات الاغتيال ستقوى عزيمة الحزب لمواصلة مقاومة الاحتلال الإسرائيلى، واتضح ذلك فى الهجمات التى استهدفت حيفا، صباح أمس، والتى تعتبر تصعيدًا كبيرًا.

وقال إن التصعيد الحالى سيؤثر على الوضع فى غزة، لأن «حزب الله» والمقاومة يريدان إنهاء الحرب وعودة النازحين اللبنانيين، والاحتلال يسعى لتوسيع الدائرة لأنه خسر المعركة ولم يحقق الأهداف، ويحاول الآن كسب المزيد من التحالفات، ولكن هناك رفضًا دوليًا وأوروبيًا لذلك.

وتوقع المحلل السياسى السورى، عمار جلو، اندلاع حرب شاملة فى الشرق الأوسط فى ظل التصعيد بين الاحتلال الإسرائيلى و«حزب الله» اللبنانى، الذى نفذ، أمس، هجمات ضد مدينة حيفا ردًا على العمليات الإسرائيلية التى شملت اختراق أجهزة الاتصالات وتفجيرها، ما تسبب فى مقتل العشرات وإصابة الآلاف خلال الأسبوع الماضى.

وقال إن دولة الاحتلال ومنذ اليوم الأول لعملية «طوفان الأقصى» كانت تخشى حدوث عملية مشابهة لما جرى فى غلاف غزة من جنوب لبنان، وهذا ما ظهر فى تصريحات حكومة الاحتلال حينها وقراراتها بإخلاء منطقة الشمال. 

وأضاف: «أحد أسباب نجاح عملية (طوفان الأقصى) كان نتيجة تركيز حكومة الاحتلال على خطر يأتى من الشمال، شغلها عن الاهتمام بأماكن أخرى، وحاليًا فإن حدوث عملية مشابهة من شمال دولة الاحتلال يشكل هاجسًا شاغلًا للحكومة والمجتمع الإسرائيلى، خاصة مع القدرات والإمكانات الأعلى التى يمتلكها حزب الله». 

وأكمل: «ما يجرى من تصعيد هو مقدمات حرب تريدها حكومة الاحتلال، لدفع عناصر (حزب الله) إلى ما وراء نهر الليطانى، مع تدمير جزء كبير من قدراته وأسلحته ومن لبنان أيضًا، وهى حرب شبه مؤكدة ما لم يتم إرجاع عناصر (حزب الله) إلى شمال النهر، مع ترتيبات أخرى تخص عملية المراقبة بين الطرفين».

وقال إنه لا علاقة بين عملية تفجير أجهزة الاتصالات وعملية تصفية قيادات «حزب الله»، فالاغتيالات تمت وتتم قبل عملية «البيجر» وبعدها، وما تحققه إسرائيل من استهدافات يدل على اختراق كبير وواسع وعلى مستويات عليا فى الحزب، وهو اختراق قائم على تجنيد أفراد من صفوفه وآخرين من خارجه للمراقبة، مع إجراء طلعات مراقبة من الطائرات المُسيّرة وغيرها، فى ظل القدرات الإسرائيلية الهائلة فى مجال تكنولوجيا التجسس، حيث تعتبر حكومة الاحتلال من أوائل دول العالم فى هذا المجال.

وأكد أن هذه الاختراقات، سواء فى عملية تفجير أجهزة الاتصالات أو قتل قيادات الحزب، مؤثرة، ومع ذلك يستطيع الحزب على المديين المتوسط والطويل تعويض هذه الشخصيات، لكن الأهم من ذلك هو اهتزاز صورة الحزب وفقدان هيبته لدى عناصره وحاضنته، وللآخرين أيضًا، مع الدول التى تتصدر مفاوضات التهدئة بين الطرفين.

وعن السيناريوهات الحالية للتصعيد، قال إنه قد يتم رفع مستوى التصعيد لتثبيت قواعد ردع جديدة بين الطرفين كما حدث فى هجمات حيفا، وفى هذه الحالة رغم صعود الطرفين لقمة شجرة التصعيد بقرارات شخصية، إلا أنهما مع كل صعود يضيقون الخيارات على أنفسهم لحد قد لا يجد فيه أحد الطرفين بديلًا من إطلاق شرارة الحرب المفتوحة.

وأشار المحلل السورى إلى أن التصعيد الحالى يُبقى المنطقة فى حالة من عدم الثقة والاستقرار، ويوقف بعض الأنشطة التجارية وغيرها. لكن فى حال اندلاع الصراع المفتوح فالأمر سيكون معلقًا فيما إذا كان هذا الصراع محدودًا ويستمر لأيام أم لا، وفى الحالة الثانية غالبًا ما سيتوسع الصراع ليشمل دولًا إقليمية.

وأكد أن غزة ستتأثر بهذا التصعيد، فهناك اتجاهان متعاكسان، طرف يعتبر أن زيادة التصعيد ضاغطة على حكومة الاحتلال للذهاب إلى اتفاق ينهى الحرب على غزة، والطرف الآخر يرى أن بقاء الحالة على ما هى عليه حاليًا إلى ما بعد معرفة نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية هو المطلوب، للحصول على دعم أمريكى أكبر من قبل رئاسة محتملة لدونالد ترامب، لمواجهة «حزب الله» وإعادته إلى شمال نهر الليطانى، مع بعض الترتيبات الأمنية الأخرى، ونتيجة تعارض هذين التوجهين سيحدث موت سريرى للمفاوضات الخاصة بوقف الحرب على القطاع.