رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كياسة الدولة وحكمة القيادة

كل التحية للدولة المصرية والقيادة السياسية على هذه الحكمة والكياسة والفطنة فى التعامل مع كارثة تتعرض لها المنطقة؛ بسبب الانفلات والبرطعة الإسرائيلية ومباركة الولايات المتحدة، التى تتعمد غياب إرادتها السياسية لوقف الحرب وإشعال المنطقة بهذا الشكل البشع، لقد تصدت مصر للكثير من المواقف؛ من أجل إيجاد حل، ولا تزال تقوم بالدور الأكبر فى هذا الشأن من أجل نصرة الأشقاء الفلسطينيين، وقد تمثل ذلك فى مواقف عديدة، ليس هذا مجالًا لذكرها أو تعدادها الآن، وما زالت إسرائيل تمارس الهجمات الشرسة ضد الشعب الفلسطينى فى الوقت الذى يقف فيه العالم متفرجًا، وتخالف إسرائيل كل التقاليد والأعراف الدولية وتجافى مبادئ مستقرة توافق عليها المجتمع الدولى ومواثيق الأمم المتحدة.

وما زالت مصر تطالب بضرورة العمل للحفاظ على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى للوصول إلى حل الدولتين، بما يحافظ على الشرعية الدولية والحقوق المشروعة للفلسطينيين، إضافة إلى مطالبة المجتمع بسرعة التحرك لوقف هذه المجازر الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى.

وتحرص مصر على عدم المساس بأى حق من الحقوق المشروعة والثابتة للشعب الفلسطينى، لا سيما تهجير الفلسطينيين القسرى، لما يمثله من انتهاك للقانون الدولى وتقويض فرص التوصل إلى حل الدولتين وتهديد ركائز الأمن والاستقرار فى المنطقة، نعم تهجير العائلات الفلسطينية من منازلها يمثل انتهاكًا لمقررات الشرعية الدولية والقانون الدولى الإنسانى.

لذلك يتحمل هذا الاحتلال أمام العالم المسئولية الكاملة عن هذه المواجهات الخطيرة وما تنتج عنها من تداعيات على أمن واستقرار المنطقة بكاملها.

وأستغرب شديد الغرابة حالة الصمت الدولى حيال تلك الانتهاكات وعدم توفير الحماية الدولية اللازمة للشعب الفلسطينى، خاصة المقدسيين وأهل غزة الذين يتعرضون لأبشع عملية طرد وتهجير قسرى، فأين المجتمع الدولى والمنظمات والهيئات الدولية من كل هذا؟ والمطلوب هو التكاتف للحفاظ على الطرق المشروعة للشعب الفلسطينى بما يضمن حل الدولتين وفقًا للتشريعات والمواثيق الدولية وبنود الاتفاقيات الموقعة التى ضربت بها إسرائيل عرض الحائط، فالمطلوب هو ضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار، فى الشرق الأوسط.

على أى حال مطلوب من المجتمع الدولى، وعلى وجه السرعة، وقف العمليات العسكرية فى غزة ووقف الاستيطان البشع الذى تقوم به إسرائيل، ووقف المهازل والمجازر التى تقوم بها ضد الشعب الفلسطينى، والالتزام بالشرعية والمواثيق الدولية حتى يتم حل الدولتين، وحتى نضمن الاستقرار الكامل لأمن منطقة الشرق الأوسط.

الدور المصرى الكبير الذى تقوم به مصر لوقف الحرب الإسرائيلية الغاشمة، لا ينكره إلا كل جاحد شرير ضد البلاد، فما زالت مصر حتى كتابة هذه السطور تقوم بمباحثات شاقة ومضنية من أجل وقف الحرب وحقن دماء الشعب الفلسطينى، وضمان نفاذ وصول المساعدات إلى الأشقاء فى غزة، فقد احتضنت القاهرة منذ اندلاع الحرب فى السابع من أكتوبر الماضى العديد من اللقاءات والاجتماعات من أجل وقف الحرب. الرؤية المصرية قائمة على ثلاثة أمور، هى وقف العمليات العسكرية وإطلاق سراح المحتجزين والأسرى وعودة النازحين إلى مساكنهم، وقيام الأمم المتحدة ووكالاتها المختلفة والمنظمات الدولية بأعمالها فى تقديم الخدمات الإنسانية لقطاع غزة، والبدء فى إعادة تأهيل البنية التحتية فى جميع مناطق القطاع، تمهيدًا لبدء الترتيبات فى إعادة الإعمار الشامل، أما المرحلة الثالثة فهى الإعلان عن عودة الهدوء المستدام لوقف العمليات العسكرية والعدائية، وتبادل الجثامين ورفات الموتى لدى الجانبين بعد الوصول لهم والتعرف عليهم ثم إنهاء الحصار الكامل عن غزة. والضامنون لهذا الاتفاق مصر وقطر والولايات المتحدة والأمم المتحدة.

لذلك فإن الرؤية المصرية هى واقعية جدًا وتضمن لكل الأطراف الأمن والاستقرار، تمهيدًا لتنفيذ اتفاق حل الدولتين؛ لأنه الوحيد الذى يضمن استقرار المنطقة بأكملها ولا يصيب مصالح العالم كله بأضرار، ووجهة النظر المصرية ليست جديدة، وإنما أعلنتها الدولة المصرية مرارًا وتكرارًا، ونادت بها القيادة السياسية المصرية منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية الغاشمة، وهى تضمن عدم تصفية القضية الفلسطينية، وتمنع التهجير القسرى للفلسطينيين، وتحقق الأمن للكيان الصهيونى المحتل. وهنا يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تضغط على إسرائيل للتنفيد، بدلًا من تقديم كل الدعم العسكرى العلنى لها فى هذه الحرب الشعواء، والحقيقة أن أمريكا بالورقة المصرية تحقق مصالحها دون إصابتها بأى ضرر، لأن الخاسر فى هذه المعركة بالدرجة الأولى واشنطن وتل أبيب.

يكفى سوء السمعة الذى تعرضت له أمريكا طوال هذه الحرب، ويكفى أن شعوب العالم أجمع بما فيها الشعب الأمريكى فقدت ثقتها الكاملة فى الإدارة الأمريكية، التى تساعد تل أبيب على كل هذه الجرائم البشعة فى حق الإنسانية جمعاء.