رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

توفير العلاج والطعام.. حروب أخرى تخوضها نساء غزة

جريدة الدستور

ثلاث مرات نزحت فيها أسرة دارين، 27 عامًا، من قطاع غزة، في كل مرة تتراكم عليها المسؤوليات في بناء منزل للأسرة بما يتوافر بمكان النزوح، تارة بناء خيمة من النايلون وتارة أخرى من القماش، إذ تعتبر نفسها مسؤولة عن الأسرة بأكملها.

لمدة ثمانية أشهر، تقوم “دارين” بنفس الدور منذ أن وقع قطاع غزة تحت الحصار الإسرائيلي، إثر حرب طوفان الأقصى بين قوات الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس، فكانت تبني الخيمة وتشعل النيران من أجل التدفئة في الشتاء.

تولت دارين إطعام الأسرة وكانت بمثابة الأب والأم لا سيما أن لديها أطفال كان عليها أن تجلب لهم الطعام والمياه وتناور طائرات القصف، حتى تعود لهم سالمة لاستكمال المسيرة معهم وعدم تركهم وحدهم فريسة للحرب. 

لدى السيدة دور نفسي أيضًا، فكانت تطمئن الجميع، فهي تبني الخيم وتشعل النيران وتطعم الصغار وتناور الطائرات وتطمئن الجميع، لتكون بمثابة أيقونة لذويها في ظل حرب قاسية لا تفرق بين النساء والرجال ولا ترحم الأطفال.

صورة دارين المتداولة على صفحات السوشيال ميديا

وضع النساء في غزة

تمر النساء بأوضاع قاسية في ظل الحرب، إذ أفاد تقرير أعدته مؤسسة حقوقية فلسطينية، بأن 70% من شهداء والجرحى في قطاع غزة هم من الأطفال والنساء، وأن غالبية نساء غزة يواجهن انعدامًا شديدًا في الأمن الغذائي، كما زاد مخاطر تعرضهن للمتغيرات النفسية والاجتماعية بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع.

بحسب التقرير، فإن 88% من النساء في غزة لديهن وصول محدود ومتقطع إلى دورات المياه وأكثر من 70% منهن لا تحصلن على الاستحمام الكافي، وهناك أكثر من 10 آلاف امرأة فقدن حياتهن، وأكثر من 6 آلاف أسرة فقدت أمهاتها، ونحو مليون امرأة وفتاة فقدن منزلهن وأحبائهن.

وأعلنت الأمم المتحدة أن النساء في غزة تعشن في تنقل مستمر وخوف متواصل، ولا يوجد لهن مكان آمن في غز، فهناك 9 من بين كل 10 أشخاص في غزة، نازحون ونحو مليون فتاة وامرأة نزحن خمس أو سبع مرات بدون نقود أو متعلقات وبدون أن تعرفن إلى أين ستذهبن أو ستعشن.

عشرات النساء مثل دارين التي انتشرت صورتها على مواقع التواصل الاجتماعي بالأمس، وربما مئات وآلاف يصارعن كل يوم من أجل بقاء الأسرة في ظل الحرب والعدوان الإسرائيلي على غزة، ويكون عليهن مسؤوليات عديدة لا سيما أن كان بالأسرة أطفال لا يعون شيئًا عن الحرب.

إيمان إسماعيل: أخوض معارك يومية لتوفير الطعام

نفس المعاناة اليومية تعيشها إيمان إسماعيل، غزاوية، إذ تواجه صراعات يومية بسبب مسؤوليتها عن الأسرة في ظل الحرب القاسية داخل القطاع، تقول: "نزحنا إلى الآن عدة مرات وفي كل مرة أكون مسؤولة عن بناء الخيمة وإعداد كل شيء للأسرة".

توضح لـ"الدستور"، أن أصعب معاركها اليومية هو جلب الطعام للأطفال الصغار، إذ أن حجم الطعام والمساعدات الغذائية التي تدخل غزة لا تستوعب حجم الكارثة الإنسانية التي يمر بها القطاع: "الطعام لا يكفي أحد والاحتلال يقصفنا وقت توزيع المساعدات تحديدًا".

العلاج أيضًا معركة أخرى تخوضها إيمان يوميًا بسبب نقص الأدوية في قطاع غزة، وخروج أغلب المستشفيات والصيدليات عن الخدمة: “إذا مرض أحد الأطفال تكون هناك مسؤولية كبيرة لتوفير العلاج له والبحث عن مستشفى يعمل”.

وفق إحصائيات الأمم المتحدة فأن مليون و900 ألف من سكان قطاع غزة نزحوا من منازلهم منذ 7 أكتوبر، ويعاني جميع سكان القطاع من انعدام الأمن الغذائي، ومئات الآلاف منهم باتوا بلا مأوى.