رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عقبال التعليم قبل الجامعى

شعرت بغبطة شديدة بعد قراءة التقرير الذى أصدره مجلس الوزراء يوم الإثنين الماضى حول التطور الخطير الذى طرأ على التعليم الجامعى فى مصر. وقد حدد هذا التقرير عوامل كثيرة لنجاح التعليم الجامعى فى مصر، وفقًا للمعايير والتصنيفات الدولية التى أشادت بحالات التقدم للجامعات الحكومية والأهلية والخاصة، بعدما احتلت مؤشرات متقدمة. وهذا يعنى أن هناك رؤية حقيقية وراء نجاح الجامعات المصرية. ولا يمكن إغفال الدور الكبير الذى لعبته الدولة فى هذا الشأن خلال العشر سنوات الماضية. كما أنه لا يمكن إغفال الدور الكبير الذى قام به الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس الوزراء، وزير الصحة الحالى، الذى تولى حقيبة التعليم العالى من قبل. وكذلك ما يقوم به حاليًا الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالى، الذى يواصل هذا النهج حتى تحققت هذه المصداقية فى التعليم الجامعى.

المؤشرات الدولية رصدت حدوث قفزة غير مسبوقة فى الارتقاء بقطاع التعليم الجامعى، وطفرة فى ترتيب وعدد الجامعات المصرية المدرجة فى التصنيفات العالمية. وهذا معناه أن الدولة أعطت اهتمامًا كبيرًا على مدار عقد من الزمن بمنظومة التعليم الجامعى، باعتباره أحد المحاور الرئيسية لتحقيق التنمية المستدامة والشاملة. وعكفت على انتهاج استراتيجية قومية لتوفير بيئة تعليمية متطورة تواكب التغيرات المتلاحقة فى مجالات التعليم العالى عالميًا، وبما يحقق للدارسين والطلاب الاستفادة الأمثل من العملية التعليمية، والاستثمار فى تأهيل وتدريب الكوادر الأكاديمية، مع دعم البحث العلمى والابتكار، وتطوير المناهج الدراسية، وتعزيز التدريب العملى، بالإضافة إلى الاعتماد على البنية التحتية الرقمية لتسهيل التعلم وتساوى الفرص، علاوة على التوجه نحو عقد الاتفاقات والشراكات مع القطاع الخاص والمؤسسات التعليمية الدولية فى سبيل تكامل الجهود للارتقاء بالمنظومة التعليمية، وتخريج الطلاب بمهارات علمية تطبيقية تتناسب مع احتياجات سوق العمل، محليًا ودوليًا، وهو ما أسهم فى التحسن الملحوظ للمؤشرات الدولية الخاصة بالتعليم العالى والبحث العلمى، وجعل الجامعات المصرية بين مصاف الجامعات على المستويين الإقليمى والعالمى. وهذا طبقًا لما أورده تقرير مجلس الوزراء.

وفى هذا الصدد نشر المركز الإعلامى تقريرًا سلط الضوء على المؤشرات الدولية التى رصدت حدوث قفزة غير مسبوقة فى الارتقاء بقطاع التعليم الجامعى، والطفرة فى ترتيب وعدد الجامعات المصرية المدرجة فى التصنيفات العالمية، وذلك عقب ١٠ سنوات من تطبيق استراتيجيات متطورة للنهوض بالتعليم الجامعى.

ورصد التقرير رؤية المؤسسات الدولية لجهود مصر فى تطوير التعليم العالى، حيث أكدت مؤسسة فيتش عام ٢٠٢٣ أن مصر تتمتع بقطاع بحث علمى وتطوير قوى على المستوى الإقليمى، خاصة فى مجالات العلوم والتكنولوجيا والصحة، مشيرة إلى أن مصر من أفضل مستويات التعليم العالى فى منطقة شمال إفريقيا، مع التركيز المتزايد على مؤهلات الدراسات العليا للمناصب غير الأكاديمية.

ويبقى التساؤل المهم جدًا فى هذا الشأن، وهو: إذا كانت الدولة المصرية قد نجحت نجاحًا باهرًا فى تحقيق مستويات عالية فى التعليم الجامعى، لماذا لم يحدث هذا فى التعليم قبل الجامعى؟!. وأعنى هنا المرحلة من رياض الأطفال حتى الثانوية العامة.. هذا التساؤل بات الشغل الشاغل للأسر المصرية بلا استناء.. فحالة التعليم قبل الجامعى لا تحتاج الى توصيف، فالكل يعلم أن هذه المرحلة تعدت الفشل بكثير. وصحيح أن الدولة حريصة كل الحرص على إيجاد حل لهذه الأزمة الخطيرة، ما دعا إلى تعيين وزير جديد للتربية والتعليم. وأعتقد أن الوزير محمد عبداللطيف يحمل أجندة واضحة وصريحة، وهى الدخول مباشرة فى تمصير التعليم الأمريكى داخل البلاد.. وهى فكرة قد تنجح أو لا تنجح، لأن التجربة ما زالت فى مهدها. ويبدو أن الوزير جاهز للتطبيق مباشرة رغم حداثة وجوده فى حقيبة التربية والتعليم. والدليل هو الدخول مباشرة فى مسألة تخفيف المواد الدراسية بالثانوية العامة.. وقد يكون الوزير لديه الحق أن يبدأ من الرأس فى الثانوية، ثم يأتى بعد ذلك على المرحلة التى تسبقها الإعدادية ثم الابتدائية ثم رياض الأطفال. وهذا عكس ما قام به الوزير الأسبق الدكتور طارق شوقى الذى بدأ بالروضة أولًا وفشلت التجربة. على كل حال الوقت ما زال فى صالح الوزير للقيام بالدور المطلوب فى تصحيح هذه المفسدة التى تعانيها البلاد منذ زمن طويل. وعلى غرار التعليم الجامعى أتمنى أن ينجح تطوير التعليم قبل الجامعى، فهو الأساس الذى يمهد الطريق للطلاب لدخول الجامعات.