هل تُصنع مصر مستقبلها بيدها؟
في مشهد يشبه سيمفونية معقدة من التدابير والاستراتيجيات، تبدأ الصناعة المصرية في استعادة دورها البارز في قلب الاقتصاد الوطني، تحت قيادة حكيمة وأفق بعيد، في ظل تحديات متعددة وعالم يتسارع فيه التقدم التكنولوجي، وتتصارع فيه القوى الاقتصادية الكبرى على الموارد والابتكارات، يبرز قرار الدولة المصرية كإحدى الأيقونات المضيئة في هذا المجال، وهو قرار لا يمس الصناعة فحسب، بل يتجاوزها إلى آفاق جديدة من النمو والتقدم.
تبدأ القصة بمسعى جاد لعدم إغلاق أي منشأة صناعية إلا بقرار حكومي عميق، وهذا القرار ليس مجرد إجراء إداري، بل هو إعلان عن تغيير جذري في طريقة تعامل الدولة مع الصناعة، إنه بمثابة الضوء الأخضر لكل مصنع وورشة بأنه ليس هناك مكان للقلق من الإغلاق العشوائي، وأن الدولة تدعمها بشجاعة ومصداقية. هكذا، يتم تكريس اهتمام الدولة ليس فقط لإعادة تشغيل المصانع المتعثرة، بل لضمان استمراريتها ونموها.
كما تأتي استراتيجية الحكومة لتعزيز صناعة السيارات والهواتف المحمولة، مما يعكس رؤية ثاقبة تتطلع إلى تفعيل دور الصناعة في الاقتصاد الوطني، فإذا كانت السيارات تمثل دماء جديدة تتدفق في شرايين الاقتصاد، فإن الهواتف المحمولة هي الرابط الذي يربطنا بعالم الرقمنة والتواصل المتسارع، وتأتي الزيادة في الإنتاج المحلي، حيث يتم التركيز على توطين ستة موديلات جديدة من السيارات، بما في ذلك السيارات الكهربائية، بمثابة خطوة جريئة نحو تحقيق الاستقلالية الصناعية وتعزيز الصادرات.
كما أن النجاح في هذا المجال ليس محض مصادفة، بل سيكون من خلال رؤية كاملة تستند إلى تجارب دولية ناجحة، فعلى غرار الدول التي حققت طفرات صناعية، مثل كوريا الجنوبية والصين، يتم تبني نموذج شامل لتحفيز الاستثمار الأجنبي والمحلي، هذا النموذج يتضمن تحسين البيئة الاستثمارية، وتقديم حوافز مغرية للمستثمرين، وتوفير بنية تحتية حديثة تدعم النمو الصناعي، بالإضافة إلى أن الحكمة في التعامل مع الصناعة تتجلى أيضًا في معالجة التحديات، مثل المشكلات التي تواجه المصانع المتعثرة، هنا يتم تقديم حلول مبتكرة تعكس الوعي العميق بأهمية كل منشأة صناعية في سلسلة القيمة الاقتصادية، وأن معالجة هذه القضايا، سواء من خلال تحسين التمويل أو تحديث التكنولوجيا، تضمن عدم خسارة أي منشأة، بل تسهم في تعزيز قوتها وتوسيع قدراتها.
ولا يمكن إغفال الجهود الكبيرة في قطاع السياحة، حيث تركز الدولة على تحقيق هدف الوصول إلى 30 مليون سائح وزيادة عدد الغرف الفندقية، وهي خطوة تعكس تفكيرًا استراتيجيًا يستهدف تعزيز دخل السياحة وتطوير البنية التحتية اللازمة لدعم هذا القطاع الحيوي. وفيما يتعلق بالطاقة، يعمل الوزراء معًا على رفع مستويات الإنتاج من الغاز والبترول، وتبنى نهج علمي في مواجهة التحديات المتعلقة بتخفيف الأحمال، مع السعي لتحقيق أهداف واضحة في هذا المجال، وإن هذه الجهود لا تعكس فقط التزام الدولة بتلبية احتياجات القطاع الصناعي، بل تعكس أيضًا التزامًا بتطوير البنية التحتية الطاقية لتدعيم النمو المستدام.
وأستطيع أن أقول إن هذه المبادرات والسياسات تشكل لوحة فنية معقدة، يرسمها أبطالها بروح من التفاؤل والتفاني، وإن قرار الحكومة بعدم إغلاق المنشآت الصناعية، وتطوير استراتيجيات جديدة، وتوسيع نطاق الاستثمارات، يعكس رؤية مستنيرة تسعى إلى تحقيق التوازن بين التقدم التكنولوجي والاهتمام بالموارد البشرية، وهذا هو جوهر النجاح، حيث تلتقي الرؤية الطموحة مع التنفيذ الدقيق، لتشكيل مستقبل صناعي مزدهر، يستحق الإشادة من كل من يراقب هذا المسار الرائع.
النائب أشرف أبوالنصر.. نائب رئيس الهيئة البرلمانية بمجلس الشيوخ بحزب "حماة الوطن" وأمين أمانة التنمية والتواصل مع المستثمرين بالحزب