رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«السنوار» رئيسًا لحماس.. ما الجديد؟

منذ إعلان حركة حماس عن قرارها باختيار يحيى السنوار بديلًا لإسماعيل هنية فى رئاسة المكتب السياسى للحركة والجميع يتساءل ويجتهد فى استخلاص دلالات هذا الاختيار.. وفى الحقيقة أنه لا جديد أصلًا فى القرار بقدر ما هو إقرار لواقع الحركة على الأرض منذ عام 2021، فقد حدث تحول كبير فى الحركة منذ هذا التاريخ، واتجهت فيه مراكز الثقل إلى الجناح العسكرى، الذى يقوده السنوار وتم انتخابه رئيسًا للمكتب السياسى للحركة داخل القطاع فى فصل تام تقريبًا عن المكتب السياسى فى قطر.

جاء ذلك عقب الحرب بين إسرائيل وحركة حماس فى قطاع غزة فى مايو 2021، عندما أجرت الحركة تغييرات فى قيادتها فى القطاع. وكان من أبرز هذه التغييرات اختيار يحيى السنوار رئيسًا للمكتب السياسى لحماس فى غزة.

ويُعتبر السنوار من القيادات التاريخية لحماس فى غزة، فقد انضم للحركة فى أوائل التسعينيات وكان من قادة الجناح العسكرى «كتائب عز الدين القسام» فى غزة، وقضى سنوات طويلة فى السجون الإسرائيلية بسبب نشاطه فى الحركة.

وبعد إطلاق سراحه فى صفقة تبادل الأسرى عام 2011، برز السنوار كواحد من أبرز قادة حماس فى غزة. وشغل منصب قائد الجناح العسكرى للحركة قبل أن يتم تعيينه رئيسًا للمكتب السياسى فى 2021.
ومنذ ذلك الوقت تراجع دور المكتب السياسى فى الخارج الذى يقوده إسماعيل هنية بتنسيق مع خالد مشعل لصالح قيادة الحركة من داخل القطاع، وهو ما دعا البعض إلى الإيحاء بأن قرار الهجوم على إسرائيل فى 7 أكتوبر، والذى خلف الحرب التى تشنها إسرائيل على غزة هو قرار «السنوار» منفردًا بعيدًا حتى عن إسماعيل هنية وخالد مشعل.
إذًا قرار قيادة «السنوار» للحركة بشكل عام يأتى طبيعيًا وترسيخًا لما تم فى 2021.

السؤال هنا والرسالة لماذا اغتالت إسرائيل إسماعيل هنية مع الكلفة العالية المتمثلة فى معاداة واستفراز إيران رغم معرفتها المسبقة أن القرار فى كل الأحوال فى يد «السنوار»، وعلى مسافة صفر من مدافعها وطائراتها واغتياله لن يكلفها شيئًا؟.. نعم لم تستطع إسرائيل طوال هذه المدة اغتيال السنوار الذى وصفه نتنياهو أكثر من مرة بأنه رجل ميت يمشى على قدمين 
تحت أنفاق غزة.
اغتيال «هنية» كان بالنسبة لإسرائيل رسالة تخويف لإيران وحماس بأن ذراعها تطول قيادات الحركة بكل مكان حتى ولو كانوا داخل إيران نفسها. 
اختيار «السنوار» بطبيعة الحال لم يأتِ اعتباطًا، وقد يكون مقدمة لخروج السنوار من القطاع إلى أى دولة ليقود المفاوضات فيما بعد ويترك قيادة كتائب القسام الجناح العسكرى للحركة لأحد القيادات الميدانية التى لا تعرف الولاء إلا له، ويكون فى ذلك محافظة على حياة «السنوار» نفسه، وإجبار الولايات المتحدة وإسرائيل على التفاوض مباشرة مع الرجل الذى قرر هجوم أكتوبر وفى نفس الوقت قاد المقاومة طوال الشهور الماضية. 
ومن الضرورى أن تغيرًا سيحدث فى بنيان الحركة وصعود الصقور حتى إلى المكتب السياسى من قيادات شابة تحاول من خلالها الحركة تجاوز الضربات التى تعرضت لها على مدار الشهور الماضية وقود قدرتها بالفعل على الأرض، رغم براعتها فى الاستمرار والحفاظ على تواجد فى غزة عنوانه بقاء «السنوار» على قيد الحياة، بل واختياره بالإجماع رئيسًا لمكتبها السياسى وقائدها فى الميدان.

القرار له توابع سوف نراها خلال الأيام المقبلة مع ترقب الرد الإيرانى على اغتيال هنية فى قلب أراضيها.