رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ليست حرب فقط.. ما هى قصة استغاثة نساء السودان من تعرضهن للاغتصاب الجماعى؟

السودان
السودان

كانت فاطمة، 20 عامًا، تختبىء حين سمعت أصوات صاخبة لقوات تقتحم المنزل في ساعات متأخرة من الليل، خلال يوليو الماضي، إذ تعرض والدها للضرب المبرح، حتى لفظ والدها أنفاسه الأخيرة ولم يشعر القوات بوجود فاطمة.

في تلك اللحظات، ظنت فاطمة أنه يمكنها الهرب، بدأت تتحرك وكادت أن تصل إلى باب المنزل إلا أن أحد الجنود رأها، تعرضت فاطمة وقتها للضرب والعنف الجنسي والجسدي، أمام والدتها التي كانت لا تعي ما يحدث بسبب تعرضها للضرب على رأسها.

تعرضت فاطمة للاغتصاب مما جعلها تشعر بضياع مستقبلها، فهي طالبة جامعية، لذلك تحكي أمها أن ابنتها أقبلت على الانتحار والتخلص من حياتها، وعلقت جسدها في مروحة سقف المنزل.

تقول والدتها: «استيقظت في الصباح ووجدت جسدها متدلي من المروحة، قضت على حياتها بعدما حدث لها من اغتصاب وانتهاك، وقُتل والدها، الأسرة بأكملها ضاعت في خلال دقائق معدودة».

 

اغتصاب جماعي للنساء

ما حدث مع فاطمة ليس بحالة فردية، خلال 15 شهرًا من الصراع في السودان، تعرضت النساء والفتيات في العاصمة لأعمال اغتصاب واسعة النطاق، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي، فضلا عن الزواج القسري والاستعباد الجنسي، وفق تقرير هيومن رايتس ووتش.

التقرير صدر تحت عنوان: «الخرطوم ليست آمنة للنساء» قالت فيه: «قامت قوات الدعم السريع بالاغتصاب الجماعي وإجبار عدد لا يحصى من النساء والفتيات على الزواج في مناطق سكنية في العاصمة السودانية».

 وأوضحت أن مقدمو الرعاية الصحية تعاملوا مع 262 ضحية عنف جنسي تتراوح أعمارهن من 9 إلى 60 عامًا منذ بداية النزاع في الفترة من أبريل 2023 إلى فبراير 2024، إلى جانب دعم 40 ضحية تعرضت للعنف الجسدي والجنسي.

ومنذ الأمس وإلى الآن، انطلقت استغاثات عبر موقع أكس “تويتر” سابقًا لنساء في السودان يتحدثن عن تعرضهن للاغتصاب، بعضهن يسألن شيوخ عن مدى حرمانية الانتحار خوفًا من تكرار وقائع الاغتصاب أو وجود حمل.. فما قصة تلك الاستغاثات؟.

 

وحدة مكافحة العنف ضد المرأة

تؤكد سليمي إسحاق، مدير وحدة مكافحة العنف ضد المرأة بالسودان، أن النساء يدفعن الثمن في الحرب بشكل مضاعف عن الراجل، حيث يتعرضن للعنف الجسدي المرتبط بالحرب أو النزاع، وهو ملف مسكوت عنه رغم الإدانة الدولية.

وأوضحت لـ«الدستور» أن الوحدة رصدت 88 حالة اغتصاب للنساء أغلبهن في أعمال من 12 إلى 17 عامًا، إذ تتعمد القوات العسكرية استهداف القُصر والصغار في الحرب حتى لا يتمكن من الدفاع عن أنفسهن، مضيفة: «هناك حالات بالتأكيد أكثر لم نصل لها، فالولايات التسعة أصبحت النساء فيها تعاني من الاعتداءات المتكررة».

رصدت الأمم المتحدة 20 امرأة خلال اعتداء واحد في العاصمة الخرطوم، وفق بيان لها صدر في 5 يوليو الماضي.

تنفذ الوحدة عدد من بروتوكولات المعالجات السريرية للناجيات من الاغتصاب، إلا أن ثقافة التبليغ ليست منتشرة في السودان بسبب شعور الأهل بالعارف والخوف من الفضيحة، فضلًا عن خروج المستشفيات والصيدليات عن الخدمة في العديد من الولايات.

ما يجعل الأمر أكثر صعوبة وفق سليمي، هو أن بعض النساء يحاولن التخلص من الحمل الذي جاء بالإجبار، إلا أنهم لا يجدون طرق صحية لذلك يقومون بالإجهاض العشوائي غير الأمن ويتضررن بشكل أكبر.

كما رصدت الأمم المتحدة 53 حالة عنف جنسي على الأقل في السودان في مايو الماضي، مؤكدة أن العدد الحقيقي من المرجح أن يكون أعلى من ذلك بكثير.