رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فرسان المعبد الجدد وإهانة مائدة العشاء الأخير

فى حدث أثار جدلًا واسعًا، قام مجموعة من الأفراد يطلقون على أنفسهم «فرسان المعبد الجدد» بتصرفات اعتبرت إهانة لمائدة العشاء الأخير، إحدى أهم الأيقونات الدينية فى المسيحية. هذا العمل أثار استنكارًا وغضبًا شديدين من قبل المجتمع الدينى والثقافى فى مختلف أنحاء العالم، مشعلًا نقاشات حول حرية التعبير واحترام الرموز الدينية.

تأسيس فرسان المعبد

تأسست جماعة فرسان المعبد فى عام 1119 على يد مجموعة من الفرسان الفرنسيين بقيادة هيوغ دى باينز. كان هدفها الرئيسى حماية الحجاج المسيحيين الذين كانوا يسافرون إلى الأراضى المقدسة بعد استعادة القدس خلال الحملة الصليبية الأولى. أُطلق على هؤلاء الفرسان اسم «فرسان المعبد» لأن مقرهم كان فى المسجد الأقصى الذى كان يُعرف باسم «معبد سليمان».
التنظيم والنظام

كانت جماعة فرسان المعبد تتميز بنظامها الصارم وتنظيمها العسكرى والدينى. تألفت الجماعة من ثلاث فئات رئيسية:

الفرسان: وهم النبلاء المحاربون الذين كانوا يقاتلون فى المعارك.

الكتبة: وهم الأعضاء الذين كانوا يتولون الشئون الإدارية والمالية.

الخدم: وهم الذين كانوا يخدمون الفرسان والكتبة.

اتبع فرسان المعبد قوانين صارمة تشمل الالتزام بالنذور الثلاثة للفقر والطاعة والعفة. كانوا يرتدون عباءة بيضاء تحمل صليبًا أحمر، وهو رمز شجاعتهم وتفانيهم.

النفوذ والثراء

خلال فترة قصيرة، أصبح فرسان المعبد من أكثر الجماعات نفوذًا وثراءً فى أوروبا. امتلكوا أراضٍ واسعة فى مختلف أنحاء أوروبا والشرق الأوسط، وأسسوا نظامًا مصرفيًا متقدمًا، مما جعلهم يحظون بثقة الملوك والنبلاء.

سقوط فرسان المعبد

بدأت نهاية فرسان المعبد فى بدايات القرن الرابع عشر عندما أدرك الملك فيليب الرابع من فرنسا قوتهم ونفوذهم، مما أثار قلقه. فى عام 1307، أمر فيليب باعتقال جميع أعضاء الجماعة فى فرنسا بتهمة الهرطقة والتآمر. وبعد محاكمات قاسية، تم إعدام العديد منهم وحل الجماعة بمرسوم من البابا كليمنت الخامس فى عام 1312.

من هم فرسان المعبد الجدد؟

فرسان المعبد الجدد هم مجموعة حديثة تستلهم اسمها من فرسان الهيكل أو فرسان المعبد الذين كانوا ينتمون إلى جماعة عسكرية ودينية فى العصور الوسطى. على الرغم من أن هؤلاء الأفراد يزعمون اتباع مبادئ الفروسية والشرف، إلا أن تصرفاتهم المثيرة للجدل غالبًا ما تتعارض مع القيم الأخلاقية التى اشتهر بها فرسان المعبد الأصليون.

الحادثة

وقعت الحادثة خلال حفل خاص أقامه فرسان المعبد الجدد، حيث قاموا بإعادة تمثيل مشهد مائدة العشاء الأخير بطريقة اعتبرت مهينة ومسيئة. استخدموا خلالها رموزًا دينية بشكل ساخر وألقوا تعليقات تهكمية أثارت استياء الحضور والمجتمع الدينى.

ردود الفعل

الكنيسة والمؤسسات الدينية: أصدرت الكنائس والمؤسسات الدينية بيانات استنكار تدين هذه الأفعال وتطالب باعتذار رسمى. وصفت الكنيسة الكاثوليكية الحادثة بأنها «إهانة صريحة لمقدسات الدين المسيحى» وطالبت الجهات المعنية باتخاذ الإجراءات المناسبة.

المجتمع المدنى: عبر العديد من الناشطين فى مجال حقوق الإنسان والمجتمع المدنى عن قلقهم من تداعيات هذه التصرفات، مؤكدين أهمية احترام الرموز الدينية والثقافية.

الإعلام: تناولت وسائل الإعلام الحادثة بشكل واسع، مما زاد من حجم الجدل وأدى إلى تصاعد النقاش حول حدود حرية التعبير وأهمية احترام المقدسات.

حرية التعبير واحترام المقدسات

أعادت هذه الحادثة فتح النقاش حول حرية التعبير وحدودها، وكيفية التوازن بين حرية الرأى واحترام الرموز الدينية والثقافية. بينما يؤكد البعض أن حرية التعبير حق لا يجب المساس به، يرى آخرون أن استخدام هذه الحرية لإهانة المقدسات يتجاوز الحدود المقبولة ويجب التصدى له بحزم.

الدعوات للإصلاح

فى ضوء هذه الحادثة، دعت العديد من الجهات إلى ضرورة مراجعة الأنشطة والتصرفات التى تقوم بها مجموعات مثل فرسان المعبد الجدد. أكدواأهمية التوعية بقيم التسامح والاحترام المتبادل، ودور المؤسسات الثقافية والتعليمية فى تعزيز هذه القيم.

فى النهاية تظل حادثة إهانة مائدة العشاء الأخير من قبل فرسان المعبد الجدد تذكيرًا بأهمية التوازن بين حرية التعبير واحترام المقدسات الدينية. فى عالم يشهد تزايد التوترات الثقافية والدينية، يصبح تعزيز قيم التسامح والاحترام المتبادل أمرًا حيويًا للحفاظ على السلم الاجتماعى والتعايش السلمى بين مختلف الأطياف.

عضو مجلس أمناء كتلة الحوار