الأسد البغل.. من روائع الأدب التركي لجاهد ظريف أوغلو
جاهد ظريف اوغلو ولد في أنقره عام 1940 وأتم تعليمه الجامعي في جامعة استانبول وعمل في العديد من المؤسسات من بينها هيئة الإذاعة التركية،وتوفي جاهد ظريف أوغلو في عام 1987.
جاهد ظريف أوغلو له أعمال متعددة في ميادين الشعر والقصة والرواية، وقد اتجه للكتابة للأطفال منذ اوائل عام 1980، وتحتل أعماله مكانًا بارزًا في أدب الأطفال التركي، حيث تميزت عن غيرها بأنه جعل كل أبطال حكاياته من الحيوانات وجعلها تفكر وتتصرف كالإنسان تمامًا.
أعماله كثيرة ولكن أهمها "أطفال الإشارة" و"سبعة رجال ظرفاء" و"الخوف والرجاء"، ومن أشهر مجموعاته القصصية في أدب الأطفال "طائر الزرزور" و"الأسد البغل" و"مدرسة الأشجار" و"الأمير الصغير" و"الطائر ذو الموتور "
وفي هذا المقال نروي لكم قصة "الأسد البغل" للكاتب جاهد ظريف اوغلو،ترجمة دكتور صبري توفيق همام:
الرحلة
- خرج الأسد مع الثعلب في رحلة وحملا حقائبهما على حمار وبغل واتفقا على أنا يكونا صديقين وسأل الأسد الثعلب هل من الافضل أن نقسم الأعمال بيننا أم يقوم كل واحد منا بكل الأعمال على حدة
- اقترح الثعلب أن يقوم كل واحد منهما بتجهيز ما يحتاجه من مستلزمات الرحلة على أن يقوم هو بعد ذلك بكل الأعمال حتى لايثقل كاهل الأسد،فابتسم الأسد واستحسن الفكرة
- في الصباح جاء الثعلب ومعه حمار ووضع عليه آنية طعام وفرشاة أسنان وبرنس حمام وثياب للصيف والشتاء وكأنه ذهب ليتزوج ومن كثرة الحمولة لم يكن لديه مكان ليجلس على ظهر الحمار فمشى بجانبه أما الأسد فقد أحضر معه نظارة القراءة ونظارة للمسافات البعيدة وخلات الأسنان وبندقية وشمسية
- تعجب الأسد من كثرة الأشياء التي أحضرها الثعلب معه بينما تعجب الثعلب لأنه لأول مرة يشاهد حيوانًا يخرج للرحلة مسلحًا وكأنه إنسان
- استمرا في رحلتهما ثم وجدا مكانًا جميلًا يطل على الماء فحطا رحالهما لكي يستريحا وجلس الأسد متكئًا على شجرة وأخرج لنفسه كتابًا وبدأ يتابع الثعلب وهو يعد الطعام وكان عبارة عن علبة طعام محفوظ وبصعوبة شديدة استطاع الثعلب فتح العلبة وقدم الطعام للأسد الذي لم يعجبه من حيث الطعم كما أنه غير كاف له وانتظر الأسد حتى ينهي الثعلب طعامه ثم أشار إلى مزرعة قريبة وقال للثعلب اذهب واحضر أرنبين وبعض الدجاج..أعتقد أنها ستكون وجبة خفيفة
- قفز الثعلب بسرعة طائعًا أمر الأسد وحاول عدة محاولات وأطلقت عليه رصاصات وبعد ذلك أحضر ثلاثة أرانب وأربع دجاجات وديكين وألقاهم أمام الأسد الذي تناولهم بسرعة ثم أطلق الثعلب صيحة محذرة للأسد عندما سمع أصوات ناس تقترب ومعهم كلابهم فقال له الأسد لا تقلق فقط كن مستعدًا، وفي هدوء حمل الثعلب كل الأشياء على حماره بسرعه وركب الأسد البغل ولما وجد الأسد الناس قد اقتربوا كثيرًا نظر إليهم وهو يركب بغله من خلف صخرة فارتعب الناس وفروا
- بعض الناس تقدم ليرى الأسد البغل وحاول أحدهم ان يرفع بندقيته لكنه كان يرتعش، فاستغل الأسد الفرصة وضرب الرجل على بطنه وألقاه أرضا وانطلق الناس بعيدًا ورموا أسلحتهم على الأرض فأمر الأسد الثعلب بجمع الأسلحة
كوب لبن
- بعد أن ابتعد الثعلب والأسد كثيرًا عن المكان،رأ ى الأسد أن يأخذوا قسطًا من الراحة ولما جاء موعد العشاء سأل الثعلب الأسد ماذا يريد أن يعد له في العشاء،فقال له الأسد لست جائعًا ولن أحتاج إلى طعام لعدة أيام ولكني بحاجة إلى كوب لبن حتى أستطيع أن أنام وعندما خيم ظلام المساء أشار الأسد بمخلبه إلى حظيرة وقال للثعلب انطلق فهم يحلبون اللبن في هذه الحظيرة.
- انطلق الثعلب ووجد سيدة تحلب عنزة، وبمجرد أن رأته العنزة تراجعت للخلف فأسرعت المرأة ناحيتها فوقعت على ظهرها فأخذ الثعلب الإناء وجرى وصرخت السيدة وأخذت تحكي للناس ما جرى لكن أحدًا لم يصدقها
- حاول الثعلب أن ينام بعد أن أحضر اللبن للأسد وأضاف إليه ملعقة سكر لكنه لم يستطع من الخوف من أن يلاحقه الناس بعدما سرق اللبن وظل على هذا الحال حتى أغمي عليه من التعب أما الأسد الذي نام جيدًا طوال الليل فقد استيقظ في الصباح وأدي تمارينه الرياضية ثم أمره بالانطلاق معه لاستكشاف أماكن جديدة
- كان الثعلب متعًبا وجائعًا لأنه تعود أن يأكل وجبات صغيرة ثلاث مرات في اليوم، وفكر الثعلب في أنه من الأفضل لو تخلى عن كل هذه الأشياء حتى يجلس على ظهر الحمار كما يجلس الأسد على ظهر البغل لكنه لم يجرؤ على فعل ذلك، ويبدو أن الأسد قد فهم ما يفكر فيه الثعلب فأمره أن يفرغ حقيبته على الأرض ثم يضع الحقيبة على ظهر الحمار ويجلس فوقها، كان الثعلب يحدث نفسه وهو يشعر بالندم كيف تخلى عن أشيائه لكنه في نفس الوقت لم يكن قادرًا على السير.
- بدأ الثعلب يتضايق من تلك الرحلة فهو لا يستطيع النوم على الأرض مثل الأسد فهناك أماكن آمنه لة كالمغارات والحفرات في الصخور،وماذا يستفيد من تجواله طوال النهار وفي يده بندقية وحاول أن يشرح للأسد ما يفكر فيه لكن الأسد طلب منه أن ينام وبالطبع لم يستطع الثعلب النوم
- وفي الصباح استيقظ الأسد نشيطًا وطلب من الثعلب ان يحضر له أرانب، بالكاد استطاع الثعلب صيد أرنب واحد ثم نام فأيقظه الأسد وعرف أنه نام من التعب فانطلق الاسد واصطاد أيلًا وترك الأرنب الصغير ليتناوله الثعلب
- انتشرت حكاية الأسد البغل الذي هاجم الصياد في أنحاء القرية والقرى المجاورة وأصبح الناس في حيرة شديدة هل هذا مخلوق غريب في هيئة أسد وبغل معًا أم أنه أسد ولكنه يركب بغلًا وكيف يصادق الأسد ثعلبًا؟ وكيف يستخدم الأسد بندقية ؟
- بعد أيام امتلأ المكان بالصيادين والصحفيين ومديري حدائق الحيوان والسكرتير العام لمنظمة حقوق الحيوان ورئيس جمعية محبي القطط وعربات الشرطة وبمرور الأيام انضم لهم باعة البطيخ والفطير والنشالون والنصابون وبدأ يتوافد السائحون من كل مكان فبدأ تنظيم معسكرات للسائحين وانشأت بيوت صغيرة على جانبي الطريق يؤجر المتر فيها بالساعة واستخدمت الطائرات الهليكوبتر في نقل الجدران الخرسانية للمنازل الجاهزة وكانت أعداد السائحين خلال الثلاث أيام هذه تعادل 9999 ضعف الأعداد في العام الماضي
- تم تشكيل فريق من الخبراء المحليين لاقتفاء أثر الأسد البغل وبعد كثير من التحريات والاستخبارات ومناقشات بين العلماء شكك البعض في نزاهة كبير الخبراء وطالبوا بتعيين خبراء أجانب وبالفعل تم تعيين 1500خبير أجنبي لفحص الآثار وتوصلوا في النهاية إلى تشكيل فرق عمل للبحث عن الأسد البغل في أنحاء العالم
في البيداء
- نعود للأسد والثعلب فبعد أن ابتعدا كثيرًا عن القرية بدأ الأسد يشعر بالعطش فطلب من الثعلب أن يستريحا عندما يصلا إلى الربوة ولكن فوجئ الأسد والثعلب بأنها صحراء مترامية الأطراف
- كان الأسد مستمتعًا بمنظر الصحراء أما الثعلب فكان يرتعش من الخوف ماذا لو لم يستطع أن يجد طعامًا للأسد،في تلك الليلة لم يكن الأسد جائعًا فقدم الثعلب له كوبًا من اللبن
- وفي اليوم التالي استيقظ الأسد مبكرًا وطلب من الثعلب الانطلاق قبل أن يشتد الحر وفي الطريق قال الأسد: أنا جائع وعطشان وكرر نفس الكلام ثم نظر إلى الثعلب والبغل والحمار ثم ثبت نظره على الحمار الذي ارتعب من نظرات الأسد فرمى الثعلب من فوق ظهره وجرى وبعد فترة نزل الأسد من على ظهر البغل في هدوء وبدأ يركض خلف الحمار بخطى سريعة حتى أدركه
- بعد أن انتهى الأسد من طعامه جلس هادئًا بجوار الثعلب الذي كان يرتعد من الخوف فأحضر له بردعة الحمار ليتدفأ بها وفي اليوم التالي أعطاه قطعة صغيرة من لحم الحمار فاحمر وجه الثعلب وشبع وقدم له في اليوم التالي قطعة أخرى من لحم الحمار
- في اليوم التالي أيقظ الأسد الثعلب وقال له: أنا جائع وعطشان ثم أدار عينيه على البغل والثعلب ثم ثبتهما على البغل الذى حاول الهرب لكن الأسد أدركه في الحال وعرض الأسد على الثعلب أن يتناول الطعام معه لكن الثعلب لم يستطع فادخر له الأسد قطعًا صغيرة من لحم البغل كما حدث في المرة السابقة وفي الليل احتضن الأسد الثعلب كي يدفأه وقدم له طعامًا في الصباح واحتفظ الأسد بطعام يكفي الثعلب أربعة أيام أخر ى بينما كان الأسد يشرب الماء خلال تلك الفترة
- في اليوم الخامس ايقظ الأسد الثعلب وقدم له آخر قطعة باقية من لحم البغل وعند الظهيرة كان الثعلب سعيدًا لأنهم اقتربوا من الوصول إلى العمار وبدأت تظهر الأشجار الخضراء على مرمى البصر وأخذ الثعلب يصيح لقد وصلنا ها هو العمار
- استمر الأسد في السير مع الثعلب في الصحراء وبعد دقائق سمع الأسد يقول: أشعر بالجوع والعطش فصاح الثعلب: لا يمكن لقد بقيت دقائق ونصل إلى بلاد عامرة بالأرانب والدجاج والديوك لكن الأسد لم يستمع له ونظر حوله ثم نظر إلى الثعلب وقدر رأى الثعلب في عين الأسد ما رآه الحمار والبغل من قبل، ودون إرداة منه بدأ يركض والأسد خلفه غير آبه لأصوات الاعتراض التي كات تأتي من أعماقه ومن داخله
