72 عامًا على ثورة يوليو.. يوم حمل فيه الضباط الأحرار مصيرهم على كف أيديهم
يحتفل الشعب المصري هذه الأيام بالذكرى الثانية والسبعين لقيام ثورة 23 يوليو 1952، بقيادة الضباط الأحرار ــ على رأسهم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ــ أولئك الشباب من أفراد الجيش المصري الذين حملوا أرواحهم على كفهم لرفع الظلم والظلمات التي لحقت بمصر وشعبها منذ خروج الحملة الفرنسية عن مصر، ووقعها في براثن حكم الأسرة العلوية.
مجتمع الواحد فى المائة
مجتمع الواحد في المائة، هو خير توصيف وأدق تسمية لحال الشعب المصري قبل قيام ثورة 23 يوليو 1952 فعدد سكان مصر آنذاك كان يبلغ عشرين مليونا، احتكر مليونا فقط منهم الثروة والسلطة والنفوذ والجاه والمال، ولم يتبق لـ19 مليون الآخرين سوى الفقر والحرمان والعوز، ولا أدل على ذلك أكثر مما رصده الأدب المصري في ذلك الوقت، بل والسير الذاتية لعمالقة الفكر والأدب المصري من أول العقاد مرورا بطه حسين وغيرهم.
ولا أدل على ذلك أكثر من طوابير السخرة التي أُرغم عليها المصريون خلال حفرة قناة السويس لصالح الفرنسيين والإنجليز، أو السخرة الأخرى للمصريين الذين سخرهم الاحتلال الإنجليزي لخدمة جنوده وجيشه خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية. بل ووصل الأمر لتسخير كل الموارد والثروات المصرية لخدمة المستعمر البريطاني في حروبه التي لم تكن لمصر فيها ناقة ولا جمل.
عمال التراحيل قبل ثورة 23 يوليو 1952
ربما ما رصده الدكتور يوسف إدريس في روايته “الحرام” والتي تحولت إلى فيلم سينمائي، بكل ما تضمنه من هوان وإذلال للمصريين خاصة من الفلاحين الذين لم يكونوا يملكون من حطام الدنيا إلا رداء واحدا حرصوا على أن يكون لونه أزرق حتى لا تظهر عليه “الأوساخ” فيضطر إلى غسله ومن ثم اهتراءه سريعا.. أو الطوابير الممتدة في انتظار “مقاولي الأنفار”، للانتقال من بلد لآخر ومن قرية لأخرى، يعيشون في خيام على أطرافها كعمال زراعيين موسميين.
كل ما تضمنته الرواية والفيلم السينمائي لا ينقل بدقة الظروف اللا آدمية التي عاشها أغلبية الشعب المصري سواء في الريف أو المدن والتي لم تفلت هي الأخرى من مظاهر الفقر والعوز التي غلبت على المصريين، فحتى قبيل أيام من قيام ثورة 23 يوليو 1952، كان هناك ما يسمى بـ “مشروع القرش” لمحاربة الحفاء لجمع تبرعات من الأثرياء الإقطاعيين والتعطف على المصريين وإنقاذهم من الحفاء.
الضباط الأحرار يحملون أرواحهم على كفهم من أجل مصر
عندما شارك الصاغ جمال عبد الناصر وقتها في حرب 1948، والتي انتهت بهزيمة الجيوش العربية بخيانتها من قبل الإنجليز وتواطؤ الملك فاروق فيما عرف بفضيحة الأسلحة الفاسدة، وإصابة عبد الناصر في الفالوجا، كان أن تحولت الفكرة التي راودته قبلها بسنوات طويلة إلى حيز الفعل، فكان تكوين تنظيم الضباط الأحرار، لتطهير مصر من الفساد والفاسدين، بل واستردادها ممن اختطفوها سواء الإنجليز أو أعوانه في الداخل الأسرة العلوية وحاشيتها وفي القلب منها الملك فاروق، مرورا بالإقطاعيين الذين بنوا ثرواتهم من دماء المصريين وقوتهم وقوت أولادهم على مر مئات السنين.
ثم جاءت حادثة استشهاد قوة الشرطة المصرية بمدينة الإسماعيلية بأسلحة المحتل البريطاني خلال دفاعهم عن المدينة في 25 يناير 1952، وبعدها في اليوم التالي حريق القاهرة 26 يناير 1952، لتعلن ساعة الصفر لقيام ثورة 23 يوليو 1952، بقيادة الضباط الأحرار جمال عبد الناصر، خالد محيي الدين، يوسف صديق، عبد الحكيم عامر، حسين الشافعي، جمال سالم، عبد اللطيف البغدادي وغيرهم، لتخرج الدبابات حسب الخطة الموضوعة مسبقا لحصار قصر عابدين، وإعلان الثورة على كل الأوضاع المختلة وتعيد مصر لأبنائها، بعد أن التف حولها الشعب وباركها.