كيف تتعامل "المجموعة الاقتصادية" مع ملف الصناعة وتعزيز الصادرات المصرية؟
يعتبر ملف الصناعة من أولويات عمل الحكومة الجديدة وهناك تكليفات رئاسية بضرورة عودة قاطرة التنمية إلى الريادة وأن تصبح مصر في مقدمة دول المنطقة في توطين الصناعات الكبيرة، ولذا قامت الدولة باتخاذ إجراءات متعددة لجذب المستثمرين وتهيئة بيئة جيدة للاستثمار.
وفي هذا التقرير نرصد أبرز الإنجازات في قطاع الصناعة وماذا سيحدث في ولاية الحكومة الاقتصادية الجديدة وعلى رأس الوزارة الفريق كامل الوزير وزير النقل والصناعة ونائب رئيس الوزراء لشؤون الصناعة، وكيف سيتم إعادة هيكلة المنظومة لتصبح اكثر إنتاجا.
وأكد الدكتور عبد المنعم السيد مدير مركز القاهرة لدراسات الاستيراتيجية والاقتصادية، أن ملف الصناعة من أهم الملفات الاقتصادية التي تهتم بها الدولة المصرية، حيث تمثل عمود الخيمة وقاطرة التنمية الحقيقية لزيادة معدل النمو الاقتصادي.
وقال عبد المنعم، فى تصريح لـ" الدستور"، إن الدولة المصرية استطاعت خلال الـ10 سنوات الماضية تدعيم قطاع الصناعة وتُعد عملية توطين الصناعة المحلية في مصر خطوة استراتيجية مهمة لتعزيز الاقتصاد الوطني وتقليل الاعتماد على الواردات، بالإضافة إلى ذلك تسعى الحكومة المصرية إلى تحقيق هذا الهدف من خلال سلسلة من الإجراءات والمبادرات التي تشمل تقديم الحوافز الاستثمارية، وتطوير الإطار التشريعي، وتوفير الدعم للقطاعات الصناعية، خاصةً في ظل التحديات العالمية الراهنة مثل ارتفاع معدلات التضخم وأزمات الطاقة.
وأشار إلى أن مصر قامت ببناء وتجهيز ١٧ مجمع صناعي أغلبهم في صعيد مصر و٣ مدن صناعية و١٠ مناطق استثمارية كما قامت الدولة بتسهيل بعض إجراءات التراخيص للمصانع من خلال الرخصة الذهبية ومنح المجلس الـعلى للاستثمار بعض المزايا والإعفاءات الضريبية للصناعات الاستراتيجية.
وكشف أن نسبة مشاركة قطاع الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي لمصر كانت ١١٪ عام ٢٠١٤ وفي عام 2023 أصبحت 18% ولكي يكون القطاع مؤثر ومحقق للتنمية المستدامة يجب أن تصل نسبة مساهمته لنحو 35% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأضاف أنه كلما زاد توطين الصناعة والتكنولوجيا زادت فرص التشغيل وزادت الصادرات المصرية لتصبح ٨٥٪ من صادرات مصر غير النفطية تأتي من قطاع الصناعة وتُعد هذه الأرقام دليلًا على الأهمية المتزايدة للصناعة المحلية في الاقتصاد المصري وعلى النجاح المتحقق في توطين الصناعات.
واستطرد عبد المنعم السيد قائلا، إن مصر أعلنت عن قائمة بعدد (152) فرصة استثمارية لمنتجات صناعية لتوطينها في مصر والعمل على إنتاجها محليًا بدلًا من استيرادها، والتي تتمثل فيما يلي: الصناعات الخشبية والأثاث، والصناعات الطبية والدوائية، والصناعات الغذائية والحاصلات الزراعية، والصناعات النسيجية، وصناعات الطباعة والتغليف، والصناعات الكيماوية، وصناعات مواد البناء والصناعات المعدنية، والصناعات الهندسية.
المبادرات لتشجيع الصناعة المصرية
وأردف أن الدولة قامت بعدة مبادرات لتشجيع وتوطين التكنولوجيا الصناعية منها "ابدأ" وهي مبادرة تعمل بشكل أساسي على دعم وتوطين الصناعات الوطنية للاعتماد على المنتج المحلي وتقليل الواردات، وذلك من خلال تعزيز دور القطاع الخاص الوطني في توطين العديد من الصناعات الكبرى والمتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر في مصر.
وكشف مدير مركز القاهرة لدراسات الاقتصادية، أن المبادرة تعمل على ثلاثة محاور أساسية بشكل متكامل ومتوازي
- محور المشروعات الكبرى نجح في عقد شراكات بمختلف القطاعات
- يجرى حتى الآن تنفيذ 64 مشروعا صناعيا تحت مظلة محور المشروعات الكبرى
- تستهدف بعض المشروعات تصدير إنتاجها بالكامل للخارج
- نستهدف تدريب العمالة فنيا وثقافيا ومهنيا وفقًا للمقاييس الدولية
- مبادرة دعم القطاعات الإنتاجية (الصناعة والزراعة) دفعة قوية للقطاعين
- نعمل على تشجيع المستثمر وتذليل كافة العقبات أمام المصنعين
- نستهدف ضخ 200 مليار جنيه استثمارات بقطاع الصناعة
كيف تخرج أزمة المصانع المتعثرة؟
وأردف أن ملف المصانع المغلقة والمتعثرة يعتبر أحد أهم الملفات في قطاع الصناعة والتي يصل عددها إلى ١٣ ألف مصنع موضحا أن إعادة تشغيل المصانع المتعثرة والمتوقفة يحتاج إلى تكاتف جميع الهيئات والوزارات الحكومية من خلال إعداد خريطة واضحة المعالم تتضمن تعديلات تشريعية وقوانين تساعد في إنقاذ الصناعة، موضحًا أن التوقف والتعثر لهذه المصانع يرجع لعدة أسباب سواء كانت تمويلية أو فنية لمساعدتها على استعادة نشاطها الإنتاجي مرة ثانية.
وتابع أن من أهم هذه الأسباب المديونيات والقروض على المصانع تجاه البنوك والضرائب أو بأسباب نقص السيولة لشراء المواد الخام ومستلزمات التشغيل التصنيعية أو لعدم وجود التراخيص اللازمة لمزاولة النشاط بسبب عدم استيفاء اشتراطات التشغيل والحماية المدنية أو وجود مخالفات بناء.
كما استكمل أن هناك العديد من المصانع تواجه شبح التعثر خلال الفترة الحالية بسبب زيادة الأعباء المالية والتمويلية للصناعة وتواجه العديد من التحديات التي تعرقل نموها واستقرارها، وتتمثل في ارتفاع تكلفة الإنتاج من طاقة ومياه وكهرباء وأخرى فهذه التحديات التي تواجه الصناعة تؤثر بشكل كبير على سعر المنتج الصناعى وتجعله غير قادر على منافسة نظيره الأجنبي فتشغيل هذه المصانع سيعمل على إخراج الصناعة من كبوتها، بالإضافة إلى القضاء على البطالة.
وأكد أنه لا شك أن تشغيل المصانع المعطلة وحل كافة مشكلات المصانع المتعثرة وفق إجراءات سريعة ودقيقة تتسم بالحوكمة والاهتمام بتدريب وتأهيل القوى البشرية، والتصديق الفورى لإعادة تشغيل ومساعدة المصانع المتعثرة على امتداد النشاط وزيادة مساحته وسيساعد حل أزمة المصانع المتوقفة والمتعثرة، لتوفير فرص عمل وزيادة الإنتاج ونحتاج توفير التمويل اللازم للمصانع المتعثرة، وإعفاء ضريبي يليق بهذه الصناعة.
وأضاف أنه من المؤكد أن حل مشاكل المصانع المتعثرة، وتحقيق كل هذه الطموحات المهمة تحتاج إلى معالجة مظاهر الخلل والمشاكل، وتصنيفها وإيجاد الحل المناسب لكل مشكلة ومعرفة كل سبب من أسباب هذه المشاكل على حدة حيث لا يصلح علاج واحد لجميع المشاكل.
ويرى، أن من أهم الحلول تشجيع البنوك للمشاركة فى هذه المشروعات بهدف زيادة رأس المال ومنح تسهيلات ائتمانية وإتاحة التمويلات اللازمة للمصانع المتعثرة بسعر إئتماني تنافسي أو بحث تقديم مساندة فنية لتطوير تلك المصانع أو عرضها كفرص للشراكة مع مستثمرين آخرين هذه من أهم الحلول التى يمكن أن تساهم فى عودة تلك الطاقات المتعطلة إلى العمل مرة أخرى وبقوة.
ولفت إلى أن حل تلك الأزمة أو الظاهرة ستعزز من ثقة المستثمرين بالسوق المحلية، وكذلك ستعمل على رفع القدرات الإنتاجية للقطاع الصناعى وتوفير الآلاف من فرص العمل للشباب وأخيرا المساهمة وبقوة فى تنفيذ خطط الدولة الرامية إلى مضاعفة حجم الصادرات وتحقيق حلم الـ 100 مليار دولار صادرات خلال الفترة المقبلة، فبالتالى
عودة تلك المصانع إلى العمل سيحقق طفرة غير مسبوقة فى الإنتاج المحلى خلال السنوات القليلة المقبلة.
وأوضح أن وضع خطة إنقاذ لها سيوفر على الدولة أكثر من 100 مليار جنيه تكاليف إنشاء بنية تحتية للمشروعات الصناعية الجديدة بالإضافة إلى فرصة في كسب الوقت وزيادة الإنتاج لأن أغلب المصانع المتعثرة هي خطوط إنتاج جاهزة على التشغيل فورًا، منوها أن إعادة تشغيل المصانع المتعثرة يعد بمثابة حل سحرى للإنقاذ من أزمات كثيرة أبرزها البطالة وضعف الإنتاج المحلى وعجز ميزان المدفوعات، مؤكدا العمل على زيادة عمليات التصدير للخارج حتى يكون للمنتج المصري مكانة كبرى في كل دول العالم، ويتم التصنيع بأيد مصرية والتصدير إلى الخارج وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
تفائل بعودة تشغيل المصانع
وكشف الدكتور عبد المنعم السيد، أن هناك تفائل منذ تولي مسئولية وزارة الصناعة الرجل القوى فى الحكومة كامل الوزير حيث أظهرت الوزارة الجديدة التوجه للاستفادة من مشروعات البنية الأساسية التي تم إنجازها لتطوير الصناعة في كافة المجالات وفقا لخطة شاملة ترتكز على ترشيد الواردات لكل ما يحتاجه السوق المحلي وتصنيعه محليا بجودة عالية والعمل على تشجيع وتعظيم الصادرات.
وشدد على أهمية الاستفادة بما تتمتع به مصر من مواد وخامات أولية وصناعات لها سمعة كبيرة مثل صناعات الغزل والنسيج والتشييد والبناء والحديد والأسمنت والسيراميك وغيرها بما يساهم في زيادة العملة الصعبة ودعم الاقتصاد المصري مع التركيز على جودة المنتج ليستطيع المنافسة في الأسواق الخارجية حيث إن هذين المحورين سيؤديان إلى التوظيف (التشغيل) بما يساهم في القضاء على البطالة.
ولفت إلى ضرورة إنشاء مصانع جديدة وتشغيل المصانع المعطلة وحل كافة مشكلات المصانع المتعثرة وفق إجراءات سريعة ودقيقة تتسم بالحوكمة، والاهتمام بتدريب وتأهيل القوى البشرية والعمالة الفنية للارتقاء بمستواها وحرفيتها مما ينعكس على جودة الصناعة وتصديرها للخارج لجلب العملة الصعبة، التصديق الفوري لإعادة تشغيل ومساعدة المصانع المتعثرة على امتداد النشاط وزيادة مساحته.