خالد داود: «الإخوان» تعاملوا بـ«عجرفة» بعد 25 يناير.. و«أحداث الاتحادية» كشفت أن التنظيم فى طريقه لإشعال «حرب أهلية»
قال الكاتب الصحفى والسياسى خالد داود إن الوجه القبيح لجماعة الإخوان ظهر أثناء ثورة ٢٥ يناير، عقب رحيل الرئيس الأسبق حسنى مبارك مباشرة، عبر فرض سطوتها على ميدان التحرير، وظهور عجرفة أعضائها فى تعاملهم مع القوى السياسية.
وأوضح «داود»، فى حديثه لبرنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز على فضائية «إكسترا نيوز»، أنه اكتشف بنفسه حقيقة ميليشيات «الإخوان»، فى أول يوم لاجتماع البرلمان المنتخب بعد الثورة، بعد اعتدائهم على المتظاهرين بالضرب المبرح. كما أن «أحداث الاتحادية» أيام فترة حكم محمد مرسى، كشفت عن أن الجماعة فى طريقها لإشعال حرب أهلية فى مصر.
ورأى أن الولايات المتحدة اتخذت موقفًا إيجابيًا من جماعة «الإخوان» بعد أحداث «١١ سبتمبر»، لكونها أثقل تنظيمات المعارضة المصرية، والنظر إليها باعتبارها «جماعة معتدلة»، لافتًا إلى أن وجهة النظر هذه ظلت سائدة حتى ما بعد ٣٠ يونيو، وهى ما منع تصنيف «الإخوان» كجماعة إرهابية من «الكونجرس» الأمريكى.
■ قبل ٢٥ يناير ٢٠١١ كانت هناك حالة من الحراك السياسى الكبير على الأرض.. كيف كنت ترى ذلك؟
- حالة الحراك الحقيقية فى الشارع المصرى بدأت منذ انتخابات عام ٢٠٠٥ والتجديد للرئيس الأسبق حسنى مبارك، ومن بعدها تقريبًا بدأت مرحلة رفع شعارات مثل «كفاية» و«لا للتمديد.. لا للتوريث»، وهذا الجو العام أطلق شرارة ثورة ٢٥ يناير، فهى عملية تراكمية.
والتخوف من مشروع التوريث تحديدًا كان هاجسًا رئيسيًا عند المعارضة، كما أن أى شخص يبقى فى منصبه سنوات طويلة تستمر لأكثر من ربع قرن يشيخ وتشيخ أفكاره ومستشاروه، وتلك التخوفات كانت أحد أسباب تشكيل الجبهة الواسعة من خلال حركة «كفاية» و«٦ أبريل» و«الجبهة الوطنية للتغيير» وغيرها.
وحالة الانفتاح النسبى أيضًا سمحت بظهور مجموعات وقيادات شبابية جديدة فى المشهد السياسى، بجانب القيادات التاريخية المعروفة، والنظام وقتها كان يطرح سؤالًا رئيسيًا وهو: «مَن بديل مبارك؟، وأنه لا يوجد بديل له ودونه ستتفكك مصر وأنه رمز الاستقرار»، لكنى أرى أن مصر ولادة وبلد عظيم وكبير، ولدينا من الخبرات ما يكفى، وتاريخنا يشهد على ذلك.
والترجيحات وقتها كانت أن يكون جمال مبارك هو الرئيس التالى، رغم النفى الرسمى، لكن هذا الانطباع العام كان موجودًا عند كل الناس.
■ كيف كان الأمريكان ينظرون إلى وضع جمال مبارك فى تلك الفترة؟
- فى عام ٢٠٠٢، كنت قد بدأت العمل كمراسل للأهرام فى واشنطن، أى قبل غزو العراق بفترة قصيرة، وكنت سعيدًا جدًا بهذه المهمة، لأنها جاءت فى وقت صعب جدًا والمنطقة كانت ملتهبة.
ووقتها كان جمال مبارك يأتى فى زيارات إلى واشنطن، وكانت الجهات الرسمية هى التى تشرف على تلك الزيارات، وكان يعقد لقاءات فى البيت الأبيض، ودوره تجاوز منصبه كمسئول حزبى، ولم يكن فقط يلتقى مستشار الأمن القومى الأمريكى، لكن كانت له علاقات مع الرئيس الأمريكى باراك أوباما.
والأمريكان دائمًا ينظرون إلى مصلحتهم أولًا، ويدعمون من يضمن استمرار وبقاء المصالح الأمريكية، بالإضافة إلى الالتزام بالحفاظ على معاهدة السلام مع العدو الإسرائيلى، واستقرار الوضع الداخلى، ومكافحة الإرهاب والتطرف.
وإلى جانب ذلك، كانت هناك «البيعة التى يبيعها» جمال مبارك فى ذلك الوقت، وهى أنه شاب صغير فى السن ومتعلم فى الغرب ويجيد اللغة الإنجليزية، وكان مشروع التوريث وقتها قد بدأ فى سوريا والعراق وليبيا واليمن، وحتى فى تونس.
■ كيف كنت ترى التقارب بين الإخوان والأمريكان وقتها؟
- الولايات المتحدة تعرضت لزلزال فى هجمات أحداث ١١ سبتمبر عام ٢٠٠١، وكانت هناك وجهة نظر رائجة فى أمريكا فى ذلك الوقت، تقوم على دعم جماعات الإسلام السياسى المعتدل لمواجهة واستيعاب وإضعاف الجماعات المتطرفة الإرهابية، مثل «القاعدة»، وفى مرحلة لاحقة «داعش».
وفى هذا السياق، كانت هناك خطوط اتصال مفتوحة وربما زيارات من شخصيات بارزة فى جماعة الإخوان لقيادات الكونجرس ومراكز الأبحاث وأعضاء مجلس النواب الأمريكى.
وأمريكا كانت ترى اتخاذ موقف إيجابى بعض الشىء من جماعة الإخوان، مع الضغط على النظام المصرى للانفتاح على الجماعة؛ للقضاء على العناصر الأكثر تطرفًا وعنفًا، خاصة أنهم كانوا يروجون لأنفسهم على أنهم متسامحون ومنفتحون ويحترمون الآخر ويؤمنون بالديمقراطية، فهم دائمًا يتحدثون بلغتين، وعندما كنت أحضر جلساتهم كنت أشعر من كلامهم بأنهم المدافع الأول عن الحرية والديمقراطية، لكن لأنى أعرفهم جيدًا كنت أقول: «ده إحنا دافنينه سوا».
■ ما كواليس حوارك مع مرشد الإخوان السابق مصطفى مشهور؟
- كنت وقتها صحفيًا شابًا أعمل فى وكالات الأنباء الأجنبية، وكانت معى مراسلة أمريكية أثناء إجراء الحوار، وكنت متخصصًا فى شئون الجماعات الإسلامية، وسبق أن أجريت العديد من المقابلات مع قيادات الجماعة، ولذا كانت هناك راحة لدى المرشد فى الكلام معى.
وقد وجهت يومها لمرشد الإخوان سؤالًا عن موقف الجماعة من الإخوة المسيحيين، خصوصًا بعد أحداث الاعتداءات على الكنائس، وسألت: «هل ستسمحون لهم بالانضمام للقوات المسلحة حالة وصول الإخوان للحكم؟»، وإجابته صدمتنى، وهى أنه سيتم حرمانهم من دخول الجيش وسيدفعون الجزية، لأن «الجيش هو جيش الأمة الإسلامية ووظيفته إعلاء كلمة الله، وكيف للمسيحيين أن يعلوا كلمة الله؟»، ولذا لا مكان للمسيحيين بالجيش.
والحوار تم نشره فى «الأهرام ويكلى»، وأثار ضجة مرعبة لأن جمهور الجورنال كان جمهورًا نوعيًا، وعلى رأسهم المثقفون والليبيراليون واليساريون.
وأذكر أن الدكتور رفعت السعيد أخذ هذه النقطة عنوانًا رئيسيًا فى جريدة «الأهالى»، ومن بعده مكرم محمد أحمد فى «المصور»، والرئيس مبارك علق على هذا التصريح وقتها فى أحد خطاباته وقال: «إيه الكلام الفارغ ده؟.. إيه المسيحيين مايدخلوش الجيش؟.. كلنا مصريون ولا فارق بيننا».
■ ماذا كان رد فعل الإخوان وقتها على هذا التصريح؟
- الإخوان تنصلوا من هذا الكلام، وقالوا إنه ليس كلام المرشد، وإن التصريح تم تحريفه، لكن كان معى تسجيل للحوار، ووقتها أخذ مكرم محمد أحمد التسجيل منى، وكذلك الراحل عبدالعال الباقورى، رئيس تحرير جريدة «الأهالى»، كما أخذه الكاتب عادل حمودة فى «روزاليوسف»، وكان هذا الأمر نقطة فاصلة وبقعة سوداء فى سجل الإخوان، وكاشفة للموقف الطائفى والأفكار المتطرفة تجاه أكبر أقلية مسيحية بالشرق الأوسط.
■ ما رد الفعل فى واشنطن على ذلك؟
- كانوا يتحدثون عن الديمقراطية والحريات، وأنهم يستطيعون تجاوز مثل هذه النقاط والترويج لوجهة نظر أنه مع الوقت ومع ممارسة الإخوان الديمقراطية ودخولهم البرلمان سيتبنون مواقف أكثر اعتدالًا، خاصة فيما يتعلق بقضايا المسيحيين والحريات.
ووجهة النظر هذه ظلت سائدة من ٢٠٠٥ وحتى مرحلة ما بعد الثورة، وحتى بعد ٣٠ يونيو، وقد كانت هناك محاولات داخل الكونجرس لاعتبار الإخوان مجموعة إرهابية، لكن تصدى لها نواب من الديمقراطيين وبعض الجمهوريين، لأن أمريكا ترى أن الإخوان جماعة ثقيلة جدًا كمعارضة فى مصر، ومن المصلحة الأمريكية استخدامها بشكل ما فى الضغط على الأنظمة.
■ كيف بدأت عملك السياسى بعد ٢٥ يناير؟
- بعد عودتى من واشنطن عقب ٢٥ يناير، وكصحفى، كان همى الرئيسى وقتها هو خلق مناخ للحريات التى أراها فى دول مختلفة، وكان التحاقى بالعمل السياسى مرتبطًا بهذا الهدف، لأن الصحفيين من أوائل من سيستفيدون منه، وكان هناك وقتها إقبال عام على العمل السياسى من أشخاص لم تكن لهم علاقة بالسياسة قبلها.
وكنت قد بدأت العمل بالسياسة منذ وقت الدراسة، وكنت منضمًا لحزب «التجمع» اليسارى، ولكن شغلت بالعمل المهنى والصحفى، وبعد يناير خرج عدد كبير من الأحزاب إلى النور، وكان الانطباع هو أن هذه الأحزاب الجديدة ستحل مكان الأحزاب التقليدية القديمة.
وكنت فى الولايات المتحدة أرى أن بعض الصحفيين، وبعد ممارسة طويلة للعمل الصحفى، من الممكن أن يتوقفوا لمدة عام أو عامين ليمارسوا العمل السياسى مع إدارة معينة، أو يعملوا كمتحدثين لجهة ما، ومن هنا جاءت فكرة العمل مع الدكتور محمد البرادعى، كمتحدث باسم حزب «الدستور»، لأنى كنت أراه يمتلك التنظيم من الناحية السياسية، وكان قويًا ومنتشرًا فى كل مصر، كما كانت هناك حملة لترشيح الدكتور البرادعى لرئاسة الجمهورية.
والدكتور محمد البرادعى أصوله قانونية، وكان يرفع دائمًا شعار «الدستور أولًا»، ويرى أنه لا بد أولًا أن نمتلك الوثيقة التى سنتفق عليها كمعيار لوضع الأسس التى سيحكم بها رئيس الجمهورية وعلاقته مع باقى المؤسسات، وبعدما يتم الاتفاق على الدستور ستكون لديه القدرة والرغبة فى الترشح لرئاسة الجمهورية.
■ كيف رأيت اختطاف ثورة يناير من قبل الإخوان؟
- علينا أن نتذكر تصريح القيادى الإخوانى عصام العريان وكبار قيادات الجماعة قبل ٢٥ يناير، وأنها مشروع وهمى، وأنهم لن يشاركوا فيها، ولن يسيروا خلف «شوية عيال صغيرة»، لكنهم عندما وجدوا أن الثورة تكتسب زخمًا بعد يوم ٢٨ يناير، وما حدث فيه من انهيار للجهاز الأمنى بشكل كامل، وجدنا جحافل وأعدادًا ضخمة من جماعة الإخوان تتواجد داخل ميدان التحرير.
وخلال موقعة «الجمل»، لاحظنا وجود أعداد كبيرة من جماعة الإخوان، وكنت موجودًا فى الميدان يومها، وبدأ الخطاب فى الميدان يختلف وتحول إلى «الجهاد الجهاد.. الله أكبر الله أكبر».
وخلال هذه الفترة، كان الإخوان يتعمدون أن يظهروا بشكل لطيف على أنهم يتعاونون مع كل الناس، وتبين أنهم كانوا فى الواقع يتركون قيادات لهم فى الميدان ثم يذهبون للتفاوض مع عمر سليمان والمجلس العسكرى وقتها، وبالتالى كانت هناك حالة من الازدواجية فى خطابهم، لأن لدى الجماعة إيمانًا بالغرف المغلقة والصفقات.
■ متى ظهر الوجه القبيح للجماعة بعد الثورة؟
- الوجه القبيح للإخوان بدأ يظهر بعد رحيل مبارك، فى ١١ فبراير ٢٠١١، مباشرة، وبدأوا فى محاولة فرض سطوتهم على ميدان التحرير، وهو ما ظهر فى دعوتهم للدكتور يوسف القرضاوى شخصيًا ليكون إمامًا فى صلاة الجمعة فى ميدان التحرير، وتصوير الأمر على أنه ثورة إخوانية، وكأنها «عودة الخُمينى».
وكان ذلك بداية شعورى برغبة الإخوان فى اختطاف الثورة، وكل الأحداث التى تلت ذلك سارت فى نفس الاتجاه، والإخوان دائمًا كانوا يمتازون بشىء لا يتواجد عند أى أحد آخر، وهو «التمويل»، لأنهم يملكون أموالًا طائلة، ولا يمكن لأى مجموعة أخرى داخل مصر أن تتنافس معهم.
ورغم أن النظام المصرى اتسم بالقبضة الأمنية المشددة أيام مبارك، لكن كان من المعروف أن الإخوان تأتيهم تمويلات من الخليج، ومن الإخوان فى الدول الأوروبية، وتبرعات من الأعضاء وكبار المشايخ، حتى إن أحد الأمراء فى الخليج قرر أن يخرج زكاته فى سنة ما لصالحهم.
والدليل على ذلك هو أن الإخوان أقاموا ١٠٠ مقر فى عدة أيام بعد رحيل مبارك، ولو كانوا يريدون إقامة ٢٠٠ أو ٣٠٠ مقر لفعلوا، وكانت هذه نقطة تميزهم، فى حين لم يكن اليساريون أو الليبراليون لديهم القدرة على المنافسة، لأنه كان من الممنوع علينا كأحزاب سياسية أن نتلقى تبرعات خارجية من أى طرف، لدرجة أنهم، حتى بعد الثورة، ظلوا رافضين تقنين وضعهم كجمعية، لأن هذا سوف يخضعهم للمحاسبة.
وبعد حالة المسكنة والتودد التى كانت موجودة قبل الثورة والابتسامة الدائمة على الوجوه، انتقل الإخوان إلى مرحلة «ما بعد التمكين»، وظهر الوجه الثانى للإخوان، واختفت الابتسامة، وحلت محلها العجرفة فى التعامل مع الناس، وكان لديهم شعور دائم بأنهم بمجرد نزولهم للانتخابات سيكسبون، ومن هنا كانت بداية الشقاق الحقيقى، فبعد ثورة ٢٥ يناير كنا نقول «الشرعية من الميدان»، وكانوا هم يقولون «الشرعية من البرلمان».
وكان من أوائل نذر الخطر الكبيرة بالنسبة لى ما حدث فى أول يوم لانعقاد البرلمان، عندما ذهبت مجموعة من الناس المعترضة على طريقة انتخاب البرلمان وقتها، وكنت معهم، وشهدت ضرب الناس بطريقة مبالغ فيها، رغم أنها كانت مظاهرة سلمية مثل كل المظاهرات التى كانت تحدث فى ميدان التحرير بعد ثورة ٢٥ يناير.
وكانت هذه أول مرة بالنسبة لى كشاهد عيان أقابل فيها ميليشيات الإخوان، لأنى كصحفى كنت أقول إنه لا توجد ميليشيات، وقد فوجئت بصفوف من أنصار جماعة الإخوان وهم يرتدون الملابس المدنية، وبعضهم كانوا وجوهًا أعرفها، ومنعونا من الوصول إلى مدخل البرلمان، وعندما أصررنا على ذلك بدأوا فى الضرب بشكل عنيف جدًا، واكتشفت فعلًا أن مسألة «ميليشيات الإخوان» حقيقية وليست «هزار»، كما أن أحداث الاتحادية كشفت بعد ذلك عن أن جماعة الإخوان كانت فى طريقها لإشعال حرب أهلية.
■ ما تعليقك على ما جرى فى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بين المرشحين محمد مرسى وأحمد شفيق، وموقف «عاصرى الليمون» ممن وقفوا خلف «مرسى»؟
- يجب ألا ننسى أن أحد أكبر الأخطاء التى ارتكبتها الجماعة هى تراجعها عن التعهد بعدم التقدم بمرشح فى الانتخابات الرئاسية، وقد كان ذلك عين العقل وقتها، لأنها كانت حديثة العهد بممارسة العمل السياسى العلنى، وكانت هذه بداية النهاية لها، لأن الغرور ركبها، وتعجلت بالدفع بمرشح للانتخابات.
ولكن لدينا فى المعارضة المدنية مشكلة تاريخية كبيرة، تتمثل فى صعوبة الاتفاق بين أطراف المعارضة على مرشح واحد قوى لينزل الانتخابات أمام محمد مرسى أو أحمد شفيق، صحيح أننا لم نكن نريد مرشح الجماعة، لكننا أيضًا لم نكن نريد آخر رئيس وزراء عينه مبارك، والذى هتفنا ضده وطالبنا برحيله.
وكان اتجاه «عاصرى الليمون» بمثابة مشكلة كبيرة، لكنه كان أقل ضررًا بعض الشىء، لأنه من المستحيل إعطاء الأصوات لأحمد شفيق، لكن كان هناك أمل ما مخادع فى أنه من الممكن ممارسة الضغوط على محمد مرسى للالتزام بتعهداته فى «اتفاق فيرمونت»، قبل أن يتم إعلان انتخابه رسميًا كرئيس جمهورية.
ومع ذلك، كنت واحدًا من الناس الذين أبطلوا أصواتهم فى جولة الإعادة، لأنى لم أكن أستطيع أن أعطى صوتى للدكتور مرسى، ومستحيل أن أعطيه للفريق شفيق، وكان هذا أيضًا موقف حزب «الدستور»، فلم نكن مع المقاطعة وإنما إبطال الصوت فى الجولة الثانية، لإرسال رسالة نوضح فيها أننا نرفض كلا المرشحين.
وكان من بين الأشياء التى لا أستطيع أن أنساها هو يوم إعلان نتيجة الانتخابات وفوز «مرسى»، وكانت التوقعات تقول إن من سيتم إعلان فوزه هو الفريق أحمد شفيق، وفى هذا اليوم جاءت إلينا تعليمات فى الجامعة الأمريكية لإنهاء اليوم الدراسى، لأن اليوم سيكون ساخنًا بإعلان فوز شفيق، وسط تخوفات من ردود أفعال الإخوان وتهديداتهم بأنهم «هيولعوا فى البلد» لو لم يفز «مرسى».
■ هل كانت هناك ضغوط من واشنطن لكى يكون الإخوان بديلًا لنظام مبارك؟
- لم أرصد خلال وجودى فى واشنطن احتواءها للإخوان، وإتاحة الفرصة لهم سياسيًا حتى يكونوا البديل لنظام الرئيس مبارك، لكن كان من الممكن فى كلامهم مع جمال مبارك أن يقولوا له: «لا نمانع فى توليك منصب الرئاسة، ولكن تبنى مواقف أكثر انفتاحًا وتقبلًا مع الإخوان».
ولا أتوقع أن يكون أحد على علم بالثورة التى حدثت فى تونس والتخلص من زين العابدين بن على، وموجة الربيع العربى، لكن المنطقة كانت تمر بمرحلة ركود فى كل الدول، وكان هناك إدراك من الأمريكان لأن الإخوان ورقة ضغط من الممكن أن يستخدموها على نظام مبارك، وكانت هناك مصلحة متبادلة بينهما.