حزم مالية وبرامج إصلاحية.. ماذا يُنتظر من مؤتمر الاستثمار الأوروبى؟
تستضيف القاهرة اليوم وغدًا، مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي بعنوان "مصر والاتحاد الأوروبي"، تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
ويستهدف المؤتمر تعزيز التعاون الاقتصادي بين مصر والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، من خلال جذب الاستثمارات الأوروبية المتنوعة إلى مصر، خاصة في القطاعات ذات الأولوية مثل البنية التحتية المستدامة، والطاقة المتجددة، والأمن الغذائي، والصحة والتعليم، والنقل المستدام وشبكات المياه والصرف الصحي.
ويأتي مؤتمر هذا العام في وقت مميز بالنسبة للدولة المصرية، إذ أنه يأتي بعد أسابيع معدودة من توصل مصر لاتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن تطبيق برنامج إصلاحي مكمل للبرنامج السابق، وعقد مصر أكبر صفقة في تاريخها، "صفقة رأس الحكمة"، والتي من المتوقع أن تجذب استثمارات لمصر بما يفوق 150 مليار دولار خلال عمر المشروع.
تعاون وثيق بمجالات البنية التحتية المستدامة
ويتناول مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي مجموعة متنوعة من الموضوعات الرئيسية، والتي تشمل البنية التحتية المستدامة مثل مشروعات النقل والطاقة والمياة، والطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح والطاقة النووية، والأمن الغذائي، حيث ستتم مناقشة فرص الاستثمار في القطاع الزراعي وقطاع الصناعات العذائية وكيفية تحقيق الأمن الغذائي بمصر، وقطاع الصحة والتعليم، حيث سيتطرق المؤتمر للحديث عن فرص الاستثمار في قطاعات الصحة والتعليم، وكيف يمكن تحسين الخدمات العامة في هذه المجالات، وقطاع النقل المستدام وشبكات المياه والصرف الصحي، والتي تتمثل في توفير خدمات الصرف الصحي التي تساهم في تحسين مستوى معيشة المواطنين.
ويوفر المؤتمر منصة للمستثمرين الأوروبيين والمصريين، للتشاور بشان سبل جذب الاستثمارات الأجنبية بمصر، وتطوير الاستثمارات القائمة.
8 مليارات يورو قروض ميسرة
يشكل هذا المؤتمر أيضًا منصة حوار لنقل التجربة الأوروبية الناجحة للاستثمار إلى مصر، حيث يمكن لمصر الاستفادة من الاقتصاد الأوروبي المتنوع، إذ يكون ذلك دافعًا لمصر على تنويع الاستثمارات وعدم الاعتماد على قطاع واحد، مما يزيد من مرونة الاقتصاد ويعزز النمو المستدام.
ويمكن لمصر الاستفادة من الاستثمار في تمويل البنية التحتية التي تقدم من الاتحاد الأوروبي، وذلك بهدف جذب المستثمرين وتوفير مليون يورو منحًا مختلطة، ما أدى إلى تحفيز تمويلات تصل إلى حوالي 8 مليارات يورو من القروض الميسرة من المؤسسات المالية الأوروبية مجتمعة مع التمويل العام والخاص.
ويشهد المؤتمر الحالى الإعلان عن حزم مساعدات مالية من الاتحاد الأوروبي إلى مصر بقيمة 7.4 مليار يورو خلال الفترة من 2024 وحتى 2027، وذلك بهدف دعم الاقتصاد المصري لتعويض الأثر السلبي الذي خلفته حرب غزة وتوابعها على الاقتصاد المصري، والحد من اعتمادها على الغاز الروسي.
الاستثمار في التعليم والتطوير يعد إحدى الركائز التي قامت عليها النهضة الأوروبية، وعليه يمكن لمصر تعزيز قدراتها البشرية من خلال الاستثمار في التعليم والتدريب، بما يزيد من جاذبية المستثمرين الباحثين عن قوة عاملة مدربة.
وفي هذا المجال، يجدر الإشارة إلى مبادرة "Egypt TEVT"، التي تعد مبادرة وطنية مصرية تم تمويلها بالتعاون بين حكومة مصر والاتحاد الأوروبي، وهي عبارة عن برنامج لإصلاح التعليم المهني والتقني في كل المحافظات المصرية، بهدف تعزيز البيئة الاقتصادية والاجتماعية من خلال إصلاح وتطوير التعليم المهني والتقني.
قصة نجاح كبيرة
أما عن مجال الابتكار والتكنولوجيا، فلدى مصر والاتحاد الأوروبي قصة نجاح كبيرة، إذ يتعاون الاتحاد الأوروبي ومصر في مجال العلوم والتكنولوجيا بموجب اتفاقية العلوم والتكنولوجيا الموقعة بينهما في عام 2005 تحت برنامج التمويل البحثي والابتكاري السابق "هورايزون 2020".
وشاركت مصر مع الاتحاد الأوروبي في 51 مشروًعا يغطي مجموعة متنوعة من القطاعات، بما في ذلك المياه والطاقة والغذاء والزراعة والصحة والهجرة والثقافة، بالإضافة إلى أن مصر تعد عضوًا في منصة الاتحاد من أجل البحر الأبيض المتوسط للبحث والابتكار، والتي تجمع بين جميع دول الاتحاد الأوروبي في المنطقة الجنوبية والشرقية من البحر الأبيض المتوسط لتحديد التوجهات الاستراتيجية للتعاون العلمي والتكنولوجي في المنطقة.
برامج للإصلاحات القانونية والإدارية
أما عن مجال برنامج الإصلاحات القانونية والإدارية، فتربط مصر والاتحاد الأوروبي علاقة تعاون استراتيجية وشاملة تستند إلى قيم العدالة والاحترام المتبادل والثقة، ويتمثل هذا التعاون في العديد من البرامج والمبادرات مثل: برنامج SIGMA، يعمل هذا البرنامج منذ عام 2008 على تعزيز التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي في مجال الإصلاحات القانونية والإدارية.
أيضًا برنامج الشراكة المؤسسية Twinning Institutional EU: يهدف إلى تعزيز التعاون في مجال الإصلاحات الإدارية والتنظيمية.
وكذا مشروع ERRADA، الذي يعمل على تطوير نظام إجراءات إدارية جيدة ومبسطة في الإدارة العامة المصرية.
ومشروع الدعم المحسن للإدارة والخدمات العامة والإصلاح الإداري OECD-EU ويستهدف تعزيز الشفافية والكفاءة في المؤسسات الحكومية المصرية.
أما عن مجال التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومصر في مجال البيئة، فيستند إلى العديد من البرامج والمبادرات، فهذه الجهود تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية.
شراكة استراتيجية وشاملة
وتعد برامج التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبى شراكة استراتيجية وشاملة، ففي 17 مارس 2024 وبناء على اتفاقية الشراكة المبرمة في عام 2004 وأولويات الشراكة المتفق عليها في عام 2022، فقد وقع الاتحاد الأوروبي ومصر إعلانًا مشتركًا بإطلاق شراكة استراتيجية وشاملة جديدة تستهدف استغلال الإمكانات الهائلة للعلاقة في جميع المجالات المشتركة.
ويشمل التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومصر دعمًا للتنمية الخضراء والمستدامة، والتحول الرقمي والاقتصادي، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
وفى مجال التكيف مع التغير المناخي، فيتم التركيز على تعزيز التكيف مع التغير المناخي، بما في ذلك إدارة الموارد الطبيعية والزراعة المستدامة والصناعة الخضراء.
وفي إطار التعاون في مجال الطاقة النظيفة، فيتم تعزيز التعاون في مجال الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر وتحقيق الانتقال إلى اقتصادات منخفضة الانبعاثات.
تلك البرامج تأتي في ظل التزام أوروبي بالاستثمار في مجال الهيدروجين الأخضر بمصر، وتنفيذ عدد من مشروعات الربط الكهربائي بين مصر وأوروبا، مما يساهم في أمن واستدامة الطاقة، والدعم الفني والمالي المقدم في برامج إنتاج الطاقة المتجددة والمستدامة بمصر، خاصة في ظل بحث أوروبي عن بديل للطاقة الروسية التي قطعت الحرب بين روسيا وأوكرانيا إمداداتها.
وتعكس تلك البرامج التزام الاتحاد الأوروبي بدعم مصر في كل المجالات، وإدراكًا أوروبًيا لأهمية الدولة المصرية في منطقة الشرق الأوسط كدولة ميزان لتحقيق استقرار منطقة الشرق الأوسط وضمان الأمن الأوروبي، ومن ثم تعزيز الاستقرار والازدهار.