رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

استغلال مشين ليوم اللاجئين

احتفالًا بـ«اليوم العالمى للاجئين»، دعا أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، أمس الخميس، إلى إعادة تأكيد المسئولية الجماعية لدول العالم على مساعدة اللاجئين ودعم حقوقهم الإنسانية. وكالعادة، استبقت «منظمة العفو الدولية» هذه المناسبة، أو استغلتها، لنشر تقرير كيدى جديد ضد الدولة الوحيدة فى العالم، التى تستضيف، اليوم، ملايين اللاجئين وطالبى اللجوء، من حوالى ٦٢ جنسية مختلفة!

بقرار أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، فى ٤ ديسمبر ٢٠٠٠، قبل أسابيع من الذكرى الخمسين لإعلان اتفاقية جنيف المتعلقة بأوضاع اللاجئين، جرى اختيار يوم ٢٠ يونيو، ليكون «اليوم العالمى للاجئين». ومع غالبية دول العالم، احتفلت مصر، أمس، بهذا اليوم، ورأته مناسبة للتذكير بمعاناة ملايين الأشخاص، حول العالم، أُجبروا على الفرار من أوطانهم بحثًا عن حياة آمنة وكريمة، ولتجديد التضامن معهم، ومع المجتمعات المضيفة التى احتضنتهم. وأكدت، فى بيان أصدرته وزارة الخارجية، التزامها بمواصلة التعاون مع المنظمات الدولية المعنية، اللجوء، وبالمضى قدمًا فى مساعيها الحثيثة على الصعيدين الإقليمى والدولى لدعم تسوية النزاعات وتعزيز جهود بناء السلم وتحقيق التنمية المستدامة.

تصادف أن يحل هذا اليوم، السنة الماضية، فى اليوم التالى مباشرة، لعقد «المؤتمر رفيع المستوى لدعم الاستجابة الإنسانية فى السودان والمنطقة»، الذى نظمته مصر بالتعاون مع الأمم المتحدة والاتحادين الإفريقى والأوروبى والسعودية وألمانيا، والذى حث فيه وزير خارجيتنا، المجتمع الدولى على ضرورة تنفيذ تعهداته السابقة للسودان وتوفير المساعدات الإغاثية العاجلة له، وكذا توفير التمويل اللازم لتنفيذ مشروعات تنموية لدعم صمود المجتمعات المضيفة فى دول الجوار، لحمايتها من مخاطر الهجرة غير الشرعية ومن استغلال شبكات التهريب والاتجار بالبشر، والوقوع فى أيدى الجماعات الإرهابية.

اليوم، وفى ظل سياق عالمى تتفاقم وتتقاطع فيه الأزمات، ومع بلوغ أعداد اللاجئين حول العالم مستويات غير مسبوقة، يظل التعاون الدولى السبيل الوحيد للتعاطى الفعال والمستدام مع قضايا اللجوء. وعليه، أعادت مصر التذكير بأهمية مضاعفة الجهود الدولية لضمان التفعيل المنصف والمستدام لمبدأ تقاسم الأعباء والمسئوليات، خاصة من خلال تعبئة الموارد اللازمة لتلبية احتياجات اللاجئين والمساهمة فى تخفيف الضغوط الواقعة على كاهل الدول المضيفة. كما أكدت الدولة المصرية أهمية التعامل مع قضايا اللجوء من منظور شامل، يدرك التكامل بين البعدين الإنسانى والتنموى، على نحو يعزز من صمود المجتمعات المضيفة، بالتوازى مع تعزيز جهود تحقيق السلام، لمعالجة جذور الأزمات فى دول اللاجئين، بما يساعد على خلق ظروف مواتية لعودتهم الآمنة والكريمة إلى دولهم ويحول دون تكرار الأزمات بها.

تلك هى ثوابت الدولة المصرية، التى وفرت، ولا تزال، الملاذ الآمن لكل من قصدها، وتواصل الوفاء بالتزاماتها الدولية، وتتبنى سياسات قائمة على احترام حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية للاجئين وطالبى اللجوء، وتكفل لهم حرية الحركة، وتقدم لهم كل الخدمات الأساسية التى تقدمها لمواطنيها. ولعلك تعرف، أن مصر حرصت، منذ اللحظة الأولى لبدء الصراع الدائر فى السودان، على فتح أبوابها أمام الفارين من ويلاته، واستقبلت ما يزيد على نصف مليون منهم، أضيفوا إلى ٥ ملايين سودانى يعيشون بيننا منذ عقود طويلة، وتوفر لهم الدولة معاملة كريمة، دون أى تفرقة بينهم وبين المواطنين المصريين.

مع كل ذلك، فوجئنا بتقرير أصدرته «منظمة العفو الدولية»، أمس الأول، الأربعاء، يدعو السلطات المصرية إلى «التوقف فورًا» عما وصفته بـ«الاعتقالات التعسفية، والإبعاد القسرى»، للاجئين السودانيين. واستنادًا إلى اتهامات مرسلة، وأرقام متضاربة، وادعاءات مجهولين، طالبت المنظمة الاتحاد الأوروبى بـ«الضغط» على مصر لحملها على اتخاذ تدابير ملموسة لحماية اللاجئين والمهاجرين!

نحن، إذن، أمام تقرير مشين، يُضاف إلى تقارير كيدية عديدة سابقة، وضعت تلك المنظمة، تحت مستوى الشبهات. وتكفى الإشارة، مثلًا، إلى أن جريدة الـ«تايمز» البريطانية فضحت فى ١٧ أغسطس ٢٠١٥ علاقة مسئولة رفيعة فى المنظمة، التى يقع مقرها فى لندن، بشبكة دولية سرية تضم تنظيمات متطرفة، من بينها جماعة الإخوان، ومنظمة فى «يوركشاير»، ثبت أنها قدمت دعمًا ماديًا لحركات إرهابية.