الخبير الإعلامى ياسر عبدالعزيز: إعلاميون وسياسيون غربيون يتابعون «القاهرة الإخبارية» لبناء رؤيتهم
قال الدكتور ياسر عبدالعزيز، المدرب والمستشار فى مجالات الاتصال والاعلام، إن قناة «القاهرة الإخبارية» كانت مشروعًا حيويًا وضروريًا لمصر، طالب به كثيرون منذ فترة طويلة، مشيرًا إلى أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة صهرت القناة، وأظهرت قدراتها واستفادتها من التمركز الجيوسياسى الفريد لمصر، ما جعل كثيرًا من السياسيين والإعلاميين فى الغرب يتابعونها لبناء رؤيتهم حول الأحداث.
وأوضح «عبدالعزيز»، خلال حديثه لبرنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز، على فضائية «إكسترا نيوز»، أن الإعلام الغربى أخفق فى إظهار احترامه لما يدعيه من قيم ومبادئ تحريرية خلال تغطيته أحداث ٧ أكتوبر، التى جاءت «مبتذلة للغاية»، وكذلك فى تغطيته الحرب الروسية الأوكرانية، التى اتسمت بالتمييز والكراهية والتحريض على العنف، موضحًا أن الإعلام لا يكسب معركة بمفرده، لكنه يظل قادرًا على اختطاف الشخص ذهنيًا وجعله يعيش فى واقع افتراضى.
■ ما الموضع الذى يجب أن يقف فيه الإعلام من أى حرب؟
- الإعلام هو نصف المعركة أو نصف الحرب، وهذا تعبير لم أصكه، لكنه صِيغ على ألسنة كثيرين، وأيمن الظواهرى، عندما كان الرجل الثانى فى «تنظيم القاعدة» فى عام ٢٠٠٤، أرسل رسالة مناصحة لأبومصعب الزرقاوى، الذى كان «زعيم الرافضين» فى العراق فى هذا الوقت، ومما كتبه فى هذه الرسالة قوله: «تذكر يا أخى أن نصف معركتنا فى الإعلام».
وإذا كنا نبحث عن التوصيف المعرفى، فـلدينا جوزيب نيل، بروفيسور العلوم السياسية فى جامعة «هارفارد»، الذى صك مصطلح «القوى الناعمة»، والذى قال عنه: «من يربح المعركة؟.. الإجابة من تربح قصته فى الإعلام».
والبعض يعتقد أن ربح المعارك يتم بالإعلام، ولكن هذا الاعتقاد خاطئ، فالإعلام وحده لا يربح معركة، لأنه ليس لديه أى شىء من مظاهر القوى الصلبة، أو القوى العملياتية أو الميدانية والتكتيكية، ولدينا دليل على أن هناك وسائل إعلام قوية جدًا اضطرت إلى أن تمتثل لبعض الحقائق التى تظهر على الأرض، والعكس صحيح.
ولكن الموارد التى تفرز بالعملية الإعلامية فى إطار الحرب هى موارد أساسية، مثل التى تفرز بالأسلحة الرئيسية، فالإعلام أقرب إلى تحريك واقع، وهو عامل حافز فى واقع موجود ومتشابك على الأرض، والإعلام هو ٥٠٪ من المعركة، وذلك ما قاله محاربون نظاميون وجنرالات فى جيوش نظامية، وإرهابيون، وكذلك باحثون محترمون.
والإعلام لا يكسب معركة بمفرده، أو هو صفر فى المعركة، لكنه يصنع واقعًا لا يستمر كثيرًا وطويلًا، فهو يستطيع أن يخدع الناس بعض الوقت، ولكن ليس طويلًا، لأن الواقع المصطنع لا يستمر، وأبرز مثال على ذلك هو أنه فى موازاة الانتفاضات العربية، وفى حرب مصر ضد الإرهاب، كان الجميع يتصور أن الدولة تم تقسيمها واستولى الإرهابيون على جزء منها.
والخلاصة هى أن الإعلام لديه أدوات ومؤثرات إعلامية، من الصحف وحتى الذكاء الاصطناعى، وهذه الأدوات يمكن أن تخطف شخص ما ذهنيًا، وتعيّشه فى واقع موازٍ أو مفترض، وهذا أمر حقيقى وعليه إثباتات كثيرة.
■ منذ ٧ أكتوبر وبداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والإعلام لاعب رئيسى على كل الجبهات بما يملكه كل طرف فى الحرب من أدوات.. فهل هو جانٍ أم مجنى عليه؟
- الإعلام تابع للسياسة، ولا يصح أبدًا أن نتحدث عن أن الإعلام مخلوق لذاته، بل هو متغير وتابع، والإعلام علم صرف، وعلم بينى، وأنت مضطر لدراسة علم النفس والاجتماع والاقتصاد.
والنظر للإعلام بوصفة مخلوقًا لذاته أو أنه إطار كامل يقود منظومات أخرى هو أمر فيه تضخيم وتدليس، فالإعلام بكونه «إطارًا تابعًا» لا يمكن الحكم عليه أو تقييم أوضاعه دون أو بمعزل عن الإطار العام الذى يتبع له، فصناعة الإعلام تزدهر فى نظر البعض فى جو من الحريات، لكن هذا أيضًا غير صحيح، فالحريات موجودة فى بريطانيا واليابان، وهما دولتان ليس بهما حرية إعلام، فالحريات فى الإعلام ليست كافية لازدهاره، وكذلك الأموال ليست كافية، وحتى طبيعة الكادر غير كافية.
وبالبحث، وجدنا أن كل دولة كبيرة تستكمل قدرات تمكنّها السياسى والجيوسياسى، أو تطمح لاستكمالها، عادة ما يكون لديها منظومة إعلامية تعبر عن هذا المركز الإقليمى أو الدولى، فالإعلام ليس كائنًا له قواعده الخاصة.
■ الصورة المرسومة عند المصريين ترى أن الإعلام الغربى حر ومهنى.. فكيف ترى هذا فى إطار تغطية الحرب الروسية الأوكرانية؟
- تناول الإعلام الغربى للحرب الروسية الأوكرانية هو سقطة غربية كبرى، بمعنى «أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم»، فالامتحان الخطير الذى لفت نظر الجميع لوسائل الإعلام الغربية كان الحرب الروسية الأوكرانية، لأنها أظهرت الشىء الصادم والتراجع المهنى ونزعة التمييز.
صحيح أن بعض الزملاء فى الإعلام الغربى حافظوا على قدر من المهنية والأخلاقية، لكن الاتجاه العام أو التيار الرئيسى أظهر نزعة تمييزية، والإعلام الغربى أخفق فى إظهار احترام ما ادعاه من قيم ومبادئ تحريرية، ورأينا نماذج منه تعوق المظاهرات حتى تتمكن الشرطة من القبض على المتظاهرين.
وكان هناك ذهاب للعقل فى تناول الإعلام الغربى للحرب، وأظهر عكس القيم الغربية بما تضمنه من التحريض على العنف والتمييز والكراهية، وعلى استهداف روسيا دون أن يعلّق على أوكرانيا بأى تعليق سلبى، فما هى المصادر الصحفية الموثوقة لما يجرى فى أوكرانيا حاليًا؟.
■ كيف تقارن بين الإعلام العربى والإعلام الغربى خلال تغطية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؟
- فى الحرب الروسية الأوكرانية كنتُ أرى فرصة كبيرة للإعلام العربى من أجل منافسة الإعلام الغربى فى تغطية الحرب، وكان السبب الرئيسى فى ذلك هو أن النيران ليست مشتعلة فى العالم العربى، وبالفعل تابعت بعض وسائل الإعلام العربية والفضائيات المهمة والمنصات الإلكترونية التى قدمت أداءً أكثر توازنًا، مقارنة بعدد كبير للغاية من المؤسسات الإعلامية الغربية، فالإعلام العربى لم يتمكن منه الخوف أو الانحياز البنيوى خلال تغطية الأزمة الروسية الأوكرانية.
ولكن، حين اقتربت النيران من المنطقة، وتحديدًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ظهرت المشكلات لدينا بشكل أكبر، وتبين أن أداء الإعلام العربى لم يكن بنفس الكفاءة فى تغطية الحرب الروسية الأوكرانية، رغم أن العكس كان من المفترض أن يحدث.
■ هل منحت أحداث ٧ أكتوبر دولة الاحتلال الإسرائيلى غطاءً سياسيًا وإعلاميًا لارتكاب جرائمها؟
- فى الأحداث التى شهدتها الأراضى الفلسطينية منذ عام ٢٠٠٨، وفى أعوام ٢٠١٢ و٢٠١٤ و٢٠١٨ و٢٠٢١، كانت حركة «حماس» تربح معركتها اتصاليًا، وذلك الربح كان تدريجيًا بشكل محسوب، وليس كبيرًا بقدر الإمكان، وكانت القضية الفلسطينية تكتسب أرباحًا ضئيلة، ولكن فى كل مرة كان هناك تقدم اتصالى ملحوظ.
وعمومًا القضية الفلسطينية أكبر من حركة «حماس»، والثمن الذى يُدفع لتحقيق هذا النصر الاتصالى بين قوتين غير متكافئتين تمامًا هو الدم، والجانب الفلسطينى كان سخيًا فى هذا الإطار طوال هذه المواجهات التاريخية بين طرفى النزاع الفلسطينى والإسرائيلى.
والأسبوع الأول من أحداث السابع من أكتوبر الماضى منح دولة الاحتلال الإسرائيلى غطاءً سياسيًا وإعلاميًا لارتكاب جرائمها بحق الشعب الفلسطينى، وكانت هذه هى الفرصة التى منحتها حركة «حماس» لإسرائيل، حتى تستعيد كل خسائرها فى الحرب السابقة، من حيث الجانب الإعلامى والاتصالى.
■ كيف رأيت استجابة الإعلام الغربى لتغطية الحرب الإسرائيلية على غزة؟
- الإعلام الغربى تناول أحداث السابع من أكتوبر الماضية والمواجهات بين حركة «حماس» وجيش الاحتلال الإسرائيلى فى الأسبوع الأول من الحرب بطريقة مبتذلة للغاية، وقرر أن يستثمر هذه الفرصة إلى أقصى درجة ممكنة، ليظهر ما بداخله من قواعد الانحياز التاريخى لدولة الاحتلال الإسرائيلى.
أما فى استجابته لتغطية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، كان مرتبكًا للغاية، وكانت هناك درجة من التوازن الإجرائى فى التغطية، لكن لم تصل بعض المؤسسات الإعلامية الغربية إلى الحقيقة كما هى، فيما أظهر البعض درجة من المهنية والتوازن خلال تغطية الحرب.
ومرحلة الارتباك هذه ظهرت لدى بعض المؤسسات الإعلامية الغربية حين ارتفعت فاتورة الدم لدى الشعب الفلسطينى، جراء توحش الآلة العسكرية الإسرائيلية فى قصف المدنيين الأبرياء.
ومؤخرًا، أظهر الإعلام الغربى درجة من التوازن، يمكن أن تكون فوق الإجرائية، وبدأ أيضًا فى الحديث عما يحدث داخل الأراضى الفلسطينية بدرجة من التجرد نحو الموضوعية.
وعندما نقول «إعلام غربى» فهذا يعنى أننا لسنا أمام إعلام واحد، خاصة أمام التطور الكبير فى الوسائط، كما أن هناك عددًا كبيرًا من المؤسسات الإعلامية الغربية الكبيرة هى مجرد مؤسسات تجارية، ولديها بعض المنصات التى نطلق عليها «منصات بير السلم»، والتى تنشر أخبارًا لا يوجد بها أى معلومات واضحة، حتى إن هناك رئيس دولة عظمى وقع فى هذا الفخ، وذلك الأمر نطلق عليه «الغرق فى الخطل».
والمجتمع الغربى رأى وحشية إسرائيل عبر الإعلام التقليدى بعد أن دخلت وسائط السوشيال ميديا، التى كانت الأكثر تأثيرًا فى تعريف المجتمع الأمريكى أو المجتمع الغربى بما حدث.
والإعلام الغربى له إطاران؛ الإطار النظامى والإطار غير النظامى، والإطار النظامى هو وسائل الإعلام الخاضعة للتسجيل، وهى وسائل الاتصال التابعة لهيئة الاتصال الفيدرالية، أى وسائل الإعلام التى لها عنوان وتخضع للتقييم وبها آلية للمساءلة، أما النوع الثانى فيتمثل فى السوشيال ميديا أو التدوينات على مواقع الإنترنت، وكلاهما قابل للتنظيم والتحكم، لأن النصف غير النظامى هو فى حوزة الغرب.
لذا، عندما دخل لاعب كبير رئيسى، وهو «تيك توك»، ليأخذ حصة، بدأوا يشعرون بأنه قادر على اللعب والتأثير، فقام المشرعون الأمريكيون بإصدار مشروع قانون يلزمه بأن يبيع نفسه فى أمريكا أو أن يغلق، والرئيس الأمريكى جو بايدن صدّق على ذلك، والاتحاد الأوروبى فرض عليه القيود.
والخلاصة أن الإعلام الغربى أظهر ثلاث استجابات لحرب غزة، أما «حماس» فقد خسرت المعركة فى الأسبوع الأول وأعطت زمام المبادرة لإسرائيل، وذلك لأنها أخفقت فى قراءة مناط قوتها، ومناط قوتها هو إظهار الضعف وليس إظهار القوة، لذا خسرت اتصاليًا مع الأسف، لكنها كسبت ثانية مع الضعف، وما يهم فى السياسة هو المكسب وليس مسائل الفخر الفارغة.
■ ما تقييمك لوضع الإعلام الإسرائيلى؟
- لو طلب منى أحد تقييم وضع الاتصال السياسى فى إسرائيل سأقول له إن إسرائيل ليست فى مرحلة الدفاع، وإنما فى مرحلة «العجز عن التعبير»، لأن الحكومة الإسرائيلية ضائعة، وبالتالى فإن أى شىء ستفعله الحكومة الإسرائيلية سيكون خطأ.
وأحيانًا توجد نقطة يصل إليها القائد السياسى لو قام فيها بفعل أى شىء فإنه يكون خطأ، أى أنه لو تحدث يكون خطأ ولو صمت يكون خطأ، ولو استخدم العنف يكون على خطأ ولو استخدم الوسائل الدبلوماسية يكون على خطأ، وبالتالى أصبح لا يملك حتى القدرة على الدفاع.
وصحيح أن إسرائيل هى مشروع أمريكى، وهى ربيبة أمريكا، وصحيح أن هناك مصالح عملية تجبر أى إدارة أمريكية أو تصور لأى إدارة أمريكية أن تتخذ إجراءات مناصرة لإسرائيل- لكن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لا يساعد نفسه، كما أن وجوده أصبح عبئًا على «بايدن»، خاصة مع قرب الانتخابات الأمريكية، كما أن المظاهرات التى خرجت فى ٢٢ جامعة أمريكية جعلت «بايدن» غير قادر على الكلام.
ونحن نتحدث عن مظاهرات فى أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وفى أستراليا فى جامعة سيدنى، وفى المكسيك، لا عن دول عربية وإسلامية، وبالتالى، وفى النهاية فإن إسرائيل تسببت فى مشكلة للإدارة الأمريكية.
■ كيف أثر امتلاك مصر ذراعًا إخبارية إقليمية هى قناة «القاهرة الإخبارية» فى صياغة الرسائل والمواقف المصرية تجاه الأحداث الحالية؟
- الإعلام هو تعبير سياسى وتابع للإطار السياسى، وكل دولة لديها إعلام يشبهها ويناسبها ويعبّر عن كتلتها الحقيقية والحيوية، ونحن نرى صورة البلد فى مرآة الإعلام، وبالتالى، فإن امتلاك قناة إقليمية كان مطلبًا أساسيًا من المطالب التى كنا ننادى بها، وأنا شخصيًا ناديت به كثيرًا.
وكان التفكير هو أنك لا تستطيع أن تتمركز فى الأوضاع السياسية والإقليمية فى ظل المنافسة الشرسة على الأدوار، ولا تستطيع حتى أن تدافع عن وجهات نظرك، إلا عندما تمتلك وسائل إعلام قوية ونافذة بما يكفى، ووجود قناة «القاهرة الإخبارية» هو تجسيد لاستحقاق كان على أجندة الأولويات.
ورغم أن كل القنوات الدولية والمشروعات الإعلامية الكبيرة فى العالم تأخذ حظوظًا متفاوتة من النجاح والإخفاق، لكن عند مراجعة تاريخ الإعلام وجدت أن كل وسيلة كبيرة يلزمها حدث كبير لكى تصهر فيه وتظهر إشراقها، وحرب غزة تعد الحدث الذى انصهرت من خلاله «القاهرة الإخبارية» فى البوتقة، وكما يفرز الحديد وينقى بالنار كانت هذه الحرب دفعة لـ«القاهرة الإخبارية»، لأنها أظهرت استفادتها من مزايا التمركز الجيوسياسى الفريد، الذى يرفدها بفرص كبيرة تعز على المنافسين.
وبالإضافة إلى ذلك، فهناك شىء آخر، وهو أنها جعلتنا نشعر بحجم الجهد الذى تبذله الإدارة المصرية فى القضية الفلسطينية، فقبل ذلك كانت هناك أدوار كثيرة، لكننا كنا لا نعرف عنها شيئًا، لأننا لا نملك وسيلة اتصالية وإعلامية فعالة تستطيع أن تبرز هذا الدور، فى الوقت الذى كان فيه بعض القوى والمنافسين الإقليميين يسوقون ويبرزون الأدوار السياسية التى كانوا يريدون إبرازها بشكل فعال.
ولكن، تغير الوضع حاليًا مع «القاهرة الإخبارية»، حيث أصبح لمصر دورها السياسى الموجود على الأرض، وكذلك دورها الاتصالى، وإذا كان الإعلام هو نصف المعركة فإن الإعلام أيضًا هو نصف السياسة.
و«القاهرة الإخبارية» هى مشروع جاء متأخرًا، لكنه حيوى وضرورى، وقد دخلت فى معترك أساسى وهو حرب غزة، وهذا المعترك أعطاها الفرصة لكى تُظهر قدرتها، وفى هذا المعترك استفادت من التمركز الجيوسياسى الفريد، وأصبح واضحًا بشكل كبير أنها مصدر رئيسى للمعلومات فيما يتعلق بتطورات الأحداث المهمة فى غزة وعلى معبر رفح وفى المفاوضات السياسية، وكذلك فإن وسائل إعلام غربية وسياسيين غربيين يتابعون «القاهرة الإخبارية» لبناء رؤيتهم وتلخيص الوضع على الأرض.
لماذا أخفق الإعلام الغربى فى دوره خلال تغطية الحروب الأخيرة؟
- لأن الإعلام الغربى أخفق فى أن يظهر احترامه لما ادعاه من قيم ومبادئ تحريرية على مدار السنوات الطويلة الماضية، وهذا الإخفاق كان فى بعض العناصر الرئيسية، مثل التمييز والكراهية والتحريض على العنف، والأخطر من كل ذلك هو إخفاقه فى أن يكون مصدرًا محترمًا للمعلومات والتحليلات التى تضىء للقارئ وتمكنه من بناء رأى صحيح حول ما يجرى، وهذه هى أكبر خسارة تعرض لها الإعلام الغربى. وأظن أن الخوف هو السبب الرئيسى فى إخفاق الإعلام الغربى خلال الآونة الأخيرة؛ لأن الغرب دائمًا ينظر لنفسه على أنه وصل لمرحلة السيادة، فضلًا عن شعوره بمرحلة نهاية التاريخ، كما يعتقد أنه لن يتأثر بعصر الحروب مرة أخرى.
والإعلام الغربى يعانى أيضًا الانحيازات البنيوية داخل هياكله على مدار عقود طويلة، التى تكون منسوبة للمذهب السياسى أو الأيديولوجى أو الدينى، وذلك هو ما اتضح بشدة من خلال انحيازه ضد الروس، فى ظل الحرب الروسية الأوكرانية.