"قاص يكتب عن روائي".. آية طنطاوي: ألاعيب الواقع والخيال في كتابة سامح الجباس
فى مستهل سلسلة “قاص يكتب عن روائي” وهي سلسلة أسبوعية تطلقها “الدستور”، تكتب القاصة أية طنطاوي هذا الأسبوع عن تجربة الروائي الدكتور سامح الجباس؛ وأعماله الأدبية المتنوعة ابتدءًا من "حي الإفرنج، دار العين، 2007؛ حتى "بوستة عزيز ضومط" 2023؛ وكذلك مجموعاته القصصية وترجماته وكتبه:
ارتبط عندي اسم سامح الجباس بإثارة الجدل بعض الشيء، ولن أتجه بالحديث هنا إلى سامح بقدر ما أفضل أن أضع "سليم العشي" في صدراة الصورة، فهو أثار الجدل في قصته الحقيقية وفي رواية سامح "رابطة كارهي سليم العشي" الصادرة عن دار العين. كان عندي فضول أن أعرف ملخص عن قصة الرواية قبل أن اقرأها، وبالفعل تتبعته من حكايات الأصدقاء ومن تعليقات الأصدقاء على فيسبوك وبعض جروبات القراءة، وقلت في بالي إن رواية تجعل القراء في حالة شد وجذب، مناقشات دائرية في الندوات وطولية في مواقع التواصل هي أكثر شيء يحبه الكاتب، أن يكون مقروئًا، يترك أثرًا عند القراء، وتمتد معهم الرواية بعد انتهاء قراءتها.
يهتم سامح الجباس -الدكتور الذي يمارس الطب والكتابة معًا- بالشخصيات الواقعية ويخرجهم من صفحاتهم المطوية إلى سطور حكايات يرويها. فيعود بالزمن إلى الأربعينات حيث يطلب من "سامح" أن يكتب رواية عن الدكتور داهش، الرجل الغريب، صاحب العقيدة الداهشية، اللبناني المقصي من بلده، وصاحب التأثير والعلاقات مع توفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف وهبي. تضعك كتابة الجباس في حيرة فلا تعرف أين يبدأ الخيال وأين ينتهي، وتلك هي اللعبة.
أما "بوستة عزيز ضومط" بطل أخر من عهد قديم، وجزء من حركة سرية في الأربعينات، بطلها رجل غامض، مسرحي، مطبع مع الصهيونية، وربما جاسوس، وربما كل شيء متناقض وغامض في شخصيات الجباس، الحقيقية في الوثائق وحكايات الواقع، والمشتبكة مع خياله في طريقة غزلها واستعراضها وسرد حكاياتها.
إذا فتحتم قلبي ستجدون في داخله قبورًا محطمة.
لماذا أكتب وأنا حبيس الماء؟
ربما أكتب لأن الزمن لا تهزمه إلا الأحلام.
نجحت في الهرب. ممن هربت؟ لا تسأل.
الآن يشق بي وأبور البحر قلب المتوسط إلى اللامكان، ولا أكترث لأن أعرف، المهم في الأمر أني نجحت في الهرب.
تميل الكثير من الكتابات الحديثة الآن إلى إعادة كتابة الشخصيات المؤثرة، التاريخية، أو حتى المنسية تمامًا والتي لا تذكرها كتابات الأدب والتاريخ، ولكن يبقى السؤال دومًا لماذا تستعيد الروايات هذه الشخصيات الآن؟ لماذا يعاد كتابة التاريخ؟ وأي أجزاء منه؟ ولماذا نعيد تدوير أفكار بعينها في زمن غير زمانها؟ والإجابات قد لا تحسم تمامًا، وقد تكون سطور الروايات هي الإجابات الكاملة لسؤال كبير.
وكما ذكرت، لعبة الواقع والخيال بدت لسامح الجباس جذابة جدًا له، يعمل فيها خياله ويجنح نحو رسم سرد موازي للحقيقة. ويبدو أيضًا أن قراء الجباس يحبون مثله اللعبة، وينتظرون منه مبارايات جديدة.
يذكر أن صدر للكاتبة أية القصاص مجموعتين قصصيتين هما: “احتمالات لا نهائية للغياب” و"في مد الظل".