تأييد سياسى وشعبى ومجتمعى.. كيف اصطف الشعب وراء الجهود المصرية لحل القضية الفلسطينية؟
تعددت مستويات الجهد المصري بداية من اندلاع الصراع في يوم ٧ أكتوبر الماضي، إذ بدأت مصر جهدها في اليوم الأول من الصراع بتدشين الرئيس عبدالفتاح السيسي لغرفة الأزمات في مقر الأوكتاجون بالعاصمة الإدارية الجديدة لمراقبة تطورات الأزمة ومدة تأثيرها على استقرار الوضع الأمني الإقليمي وتكليف الاتصالات الدبلوماسية مع عدد من الدول.
كيف استقرأت القيادة السياسية المصرية الخطط الإسرائيلية؟
ومع اشتداد وتدرج العنف من الجانب الإسرائيلي الموجه ضد المدنيين في قطاع غزة، وتصاعد الدعوات الإسرائيلية بدفع الفلسطينيين للنزوح جنوبًا في غزة، ومن ثم التوجه إلى معبر رفح وطلب اللجوء في مصر على أراضي شبه جزيرة سيناء؛ استقرأت القيادة السياسية المصرية الخطط الإسرائيلية الساعية لتصفية القضية الفلسطينية عبر العمل في عدة مستويات:
"الأول": التنسيق مع العواصم العربية والإقليمية والدولية للمبادرة بعقد قمم دبلوماسية تهدف للضغط على إسرائيل من أجل وقف إطلاق النار وإدانة الأعمال العسكرية التي تستهدف المدنيين.
"الثاني": عقد مؤتمرات صحفية رئاسية مع ممثلي بعض الدول وتوجيه رسائل سياسية تدين العمل العسكري وتكشف التوجهات الإسرائيلية الساعية لتصفية القضية الفلسطينية مع ضرورة العمل على استئناف محادثات السلام، وكذلك عرض الوساطة غير المشروطة.
"الثالث": عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومي المصري وإصدار قرارات تدعو إلى ضرورة وقف إطلاق النار وإضافة أبعاد جديدة للدور المصري تعمل على حفظ الاستقرار والسيادة المصرية في سيناء على الحدود الفاصلة مع قطاع غزة وتنظيم دخول المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح.
وتجدر الإشارة إلى أن المؤسسات النيابية في مصر سرعان ما دعت إلى عقد جلسات طارئة للبرلمان المصري بغرفتيه النواب والشيوخ؛ للتأكيد على نيابتها عن الرأي العام المصري الرافض للصراع القائم في غزة، واستهداف الفلسطينيين العزل والتخطيط لتصفية القضية الفلسطينية عبر تهجير الفلسطينيين قسريًا إلى سيناء المصرية.
التوجه الشعبي العام
أما على المستوى الشعبي، فأعلنت القيادة السياسية عن أنها تصطف مع التوجه الشعبي العام في مصر، ذلك التوجه الذي انعكس في النزول إلى مظاهرات داعمة للقضية الفلسطينية ورافضة أن تنجر السيادة المصرية إلى خطط إسرائيلية هدامة تعد خطًا أحمر بالنسبة للأمن القومي.
وشاركت قطاعات المجتمع المصري، على سبيل المثال ليس الحصر النقابات والجامعات في النزول إلى مظاهرات تفويض للقيادة السياسية ودعم قراراته في سبيل حل الأزمة واستئناف المفاوضات الساعية للوصول إلى حل نهائي في إنهاء الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وذلك في ٢٠ أكتوبر الماضي بالتزامن مع عقد قمة القاهرة للسلام في العاصمة الإدارية الجديدة، وذلك تأييدًا لمبادرات السلام الدولية التي سعت إليها مصر عملًا على إنهاء الصراع واستئناف عملية السلام.
وتعد قضية التلاحم والاصطفاف الوطني في مصر بين الموقف الشعبي المصري وموقف القيادة السياسية في القاهرة من أهم الظواهر الملحوظة والجديرة بالدراسة في الصراع الأخير بين إسرائيل وغزة. إذ تلاحظ تنامي ظاهرة عدم التجانس الشعبي السياسي في عدد من العواصم، خاصة في أوروبا، التي مال موقف شعوبها إلى تبني القضية الفلسطينية في حين مالت حكوماتها لتبني الرواية والموقف الإسرائيلي.
وتتفق البوصلة الأخلاقية وتقدير الموقف العام تجاه القضية الفلسطينية وأهمية الوصول إلى حل سياسي لدى الشعب والسلطة في مصر، واتضح طوال العقود الماضية وخاصة في الصراع الأخير أن الاتجاه التوافقي كان متبادلًا بين القيادة والشعب أي أن الطرفين دعما كلًا منهما الآخر سواء بالاصطفاف السياسي أو بالتأييد الشعبي.