ذات قوة تدميرية هائلة.. كيف وصلت صواريخ "جافلين" الأمريكية لمليشيا الدعم السريع بالسودان؟
بعد مرور عام من الصراع الدائر بالسودان، تداولت وسائل إعلام خبرا عن تدمير الجيش السوداني لصاروخ أمريكي بمنطقة أم درمان، بعدما استخدمته ميليشا الدعم السريع، مما وضع علامات استفهام حول كيفية دخول هذه النوعية من السلاح إلى الأراضى السودانية وامتلاك تلك الميليشا له.
"جافلين"، أسم الصاروخ محمول على الكتف، وزنه لا يتجاوز 11 كجم، للاستخدام 6 كج، مضاد للدروع وخاصة الدبابات وطائرات الهليكوبتر ذات التحليق المنخفض، يحمل في جنباته قوة تدميرية هائلة، قادر على اختراق أقوى الدروع وإسقاط الطائرات المروحية في لحظة.
سؤال يدور في أذهان الكثيرين.. كيف وصلت تلك الصواريخ الحديثة إلى الأراضي السودانية؟ وهل الصورة التي تم تداولها عن دخوله إلى السودان حديثة أم لا؟
الحرب الدائرة في السودان تسببت في تدمير (65%) من قطاع الزراعة، (75%) بقطاع الصناعة، والقطاع الخدمي بنسبة (70%)، فيما تقدر الغرفة التجارية الخسائر المالية المباشرة لمنسوبيها بـ(5) مليارات دولار.
صحفي سوداني: "حميدتي" ينفذ أجندات أمريكية
تحدثنا مع الصحفي السوداني سيف الدين سليمان، رئيس تحرير شبكة "سودازول"، الذي أكد أن الولايات المتحدة الأمريكية من بين الداعمين الرئيسيين لمليشيا الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، الذي كان قدم نفسه فى البداية كرجل موثوقًا به في عملية الانتقال الديمقراطي، لكن سرعان ما تغيرت الأمور بشكل جذري لينشق "حميدتي"، يصبح له تأثير على الساحة السياسية السودانية، مما دفع هذه القوى إلى استغلاله لخدمة أجنداتها الخاصة فى ضرب استفرار السودان.
وأوضح "سليمان"، في حديثه مع "الدستور"، هناك خطة ممنهجة للقضاء على الجيش السوداني الوطني، الذي اعتبرته هذه القوى "جيشًا إسلاميًا" يجب القضاء عليه ، لذلك تم تزويد "حميدتي" بالأسلحة الفتاكة، بما في ذلك صواريخ "جافلين" المضادة للدروع.
وكشف أن هذه الأسلحة وصلت إلى مليشيا الدعم السريع عبر طرق ملتوية، مشيرًا إلى أن بعضها جاء عن طريق الدول الداعمة، في حين تم تجاهل هذه الحقائق من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا، اللتين تتحدثان عن الحرب دون الإشارة إلى مصادر تسليح المليشيا، مختتمًا بأن هذه الأسلحة تستخدم في إسقاط الطائرات وقتل المدنيين.
محلل سياسي: توزانات أمريكية
الجميل الفاضل، كاتب ومحلل سياسي سوداني، قال: في غالب الأحوال يمكن ملاحظة أن الولايات المتحدة تتحدث في كل القضايا بأكثر من لسان، فھناك الأصوات الأكثر ضجيجًا وعلوًا في الكونغرس، وھناك صوت المخابرات الھامس، وصوت البيت الأبيض والخارجية التي تعتصم في العادة المنطقة شبه الرمادية.
وأشار المحلل السياسي إلى أن رسائل واشنطن بفرضھا لعقوبات علي طرفي الحرب في السودان هو المنھج التقليدي الأكثر أمانًا، فھي تعمل على ترويض واستقطاب ھذا الطرف أو ذاك في معادلة الصراع، مؤكدًا أن تلك السياسة لم تعد ذات جدوى كبيرة، لكن التوازنات الأمريكية تقتضي أن تصدر الإدارة عقوبات من مثل ھذا النوع، لحفظ ماء الوجه ربما، ولإشباع نزعة الكبرياء الأمريكي الزائف.
كاتب سوداني: "أمريكا" مصدر تسليح الميليشيات
وفي مقال له، كتب الدكتور إبراهيم الصديق علي، رئيس تحرير صحيفة الصحافة السودانية السابق، على موقع النيلين، أن مليشيا الدعم السريع ظهرت في منطقة مصفاة الجيلي في الخرطوم بحوزتها صواريخ أمريكية مضادة للدروع من طراز "جافلين" الحديث، وهو سلاح القوات الخاصة الأمريكية، هذه الصواريخ كانت جديدة تمامًا، متسائلًا عن كيفية وصولها للمليشيا دون علم الولايات المتحدة.
واعتبر في مقاله، أن ظهور هذا السلاح المحظور في منشأة مدنية حيوية مثل مصفاة الجيلي جريمة خطيرة، وينتهك اتفاق جدة لإخلاء الأعيان المدنية، والذي نص على: "الالتزام بسيادة السودان والحفاظ على وحدته وسلامة أراضيه، والاتفاق على أن مصالح وسلامة الشعب السوداني هي أولوية رئيسية، والالتزام بضمان حماية المدنيين السودانيين في جميع الأوقات، والسماح بمرور آمن للمدنيين في السودان لمغادرة مناطق الأعمال العدائية، والامتناع عن تجنيد الأطفال واستخدامهم في الأعمال العدائية، وإجلاء الجرحى والمرضى دون تمييز والسماح للمنظمات الإنسانية بالقيام بذلك".
وأوضح أنه رغم هذا الاتفاق استخدمت المليشيا هذه الصواريخ بكثافة في هجومها على مدينة الفاشر السودانية، رغم أن تقارير الاستخبارات الأمريكية لم تشر إليها، موجهًا المسئولية إلى المؤسسات العدلية والدبلوماسية والإعلامية وقادة الرأي بعدم إغفال هذا الجانب الخطير، مؤكدًا أن الولايات المتحدة تتحمل جزءً من المسؤولية عن القتل والتشريد وتدمير البنى التحتية في السودان من خلال تجاهل مصادر تسليح المليشيا.
محلل سياسي: الأسلحة تدخل إلى الأراضي السودانية عبر طرف ثالث
فيما أكد عثمان ميرغني، صحفي ومحلل سياسي سوداني، أن الأسلحة الأمريكية تدخل إلى الأراضي السودانية عبر طرف ثالث؛ مفسرًا أن هذا الطرف إما تجار الأسلحة فى شتى الدول أو دول حليفة لميليشا الدعم السريع، مشيرًا إلى أن الأسلحة الأمريكية المتقدمة محدودة العدد، لكن تتوفر بنادق آلية أمريكية متطورة بكميات كبيرة.
مندوب السودان بالأمم المتحدة: "تشاد" ضمن الدول الممولة عسكريًا للميليشيات
في حديثه أمام مجلس الأمن، في 21 إبريل الجاري، كشف السفير الحارث إدريس، مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة، عن وصول أسلحة أمريكية متطورة إلى مليشيا الدعم السريع، حيث تم ضبط 1200 عربة تاتشر قادمة من تشاد، وامتلاكها لصواريخ "جافلن" الأمريكية المضادة للدروع والتي تستخدمها في المعارك.
وطالب السفير مجلس الأمن بإدانة الجهات الممولة للمليشيا بالسلاح، واصفًا إياها بـ "الرعاة الإقليميين للحرب" الذين يسعون لمنع تسليح الجيش السوداني، محمّلًا هذه الجهات مسؤولية استمرار الحرب والنزاع في السودان.
وفي الانفوجراف التالي، توضح أحدث إحصائيات ضحايا الحرب، وذلك بحسب أمية يوسف أبو فداية، مدير المركز السوداني لحقوق الإنسان، في بداية إبريل الجاري.