رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الوداع الأخير| مصر تودّع صلاح السعدنى.. و«المتحدة»: «فقدنا قامة فنية كبيرة»

صلاح السعدني
صلاح السعدني

فقدت مصر النجم الكبير صلاح السعدنى، الذى رحل عن عالمنا، عن عمر ناهز ٨١ عامًا، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا كبيرًا فى السينما والدراما.

احترف «السعدنى» التمثيل فى منتصف الستينيات، حين شارك بدور صغير فى مسرحية «لوكاندة الفردوس» التى لعب بطولتها عبدالمنعم مدبولى وأمين الهنيدى، وحصل على عدد من الأدوار فى المسرح والسينما والتليفزيون، قبل أن يحصل على فرصة إثبات موهبته ومساحات أكبر فى الأعمال خلال فترة السبعينيات.

شارك فى عدد من الأفلام المهمة فى تاريخ السينما المصرية، منها «الأرض»، و«أغنية على الممر»، و«الرصاصة لا تزال فى جيبى»، و«العمر لحظة»، إلى جانب دوره الشهير فى مسلسل «أبنائى الأعزاء شكرًا» مع مكتشف موهبته عبدالمنعم مدبولى.

وصل «السعدنى» إلى قمة نجاحه بعد لعبه شخصية «العمدة سليمان غانم» فى مسلسل «ليالى الحلمية»، وقرر اعتزال التمثيل فى صمت، قبل ١٠ أعوام، تزامنًا مع احتفاله بعيد ميلاده السبعين.

ولد فى ٢٣ أكتوبر ١٩٤٣، وحصل على شهادة البكالوريوس من كلية الزراعة، وهو من أصول ريفية، وبالتحديد من محافظة المنوفية، كما أنه شقيق الكاتب الصحفى الساخر محمود السعدنى.

دخل المجال الفنى مع زميل الدراسة النجم عادل إمام، ومثّلا سويًا بمسرح الكلية، ثم عمل فى العديد من الأفلام السينمائية والمسلسلات.

من أهم أعماله الدرامية: «أرض الرجال، والضحية، والرحيل، وحصاد الشر، والساقية، وخان الخليلى، وأبناء العطش، وأرابيسك، وأوراق مصرية، وسنوات الحب والشقاء، وحلم الجنوبى، وجسر الخطر، وملحمة الحب والرحيل، وليالى الحلمية (خمسة أجزاء)، وأبنائى الأعزاء شكرًا، والزوج أول من يعلم، وبين القصرين، وقصر الشوق، والأصدقاء، ورجل فى زمن العولمة، والناس فى كفر عسكر، ونقطة نظام، وحارة الزعفرانى، وللثروة حسابات أخرى، وعدى النهار، وقطار منتصف الليل، والباطنية، والأخوة الأعداء، والقاصرات».

فى المسرح لعب بطولة: «الناصر صلاح الدين، وثورة الموتى، والملك هو الملك، وزهرة الصبار»، أما فى السينما فشارك فى العديد من الأعمال، أبرزها أفلام: «ليل وخونة، وكراكيب، وزوجة بلا رجل، والأرض، وشياطين الليل، والرصاصة لا تزال فى جيبى، وأغنية على الممر، والحب والثمن، وسوزى بائعة الحب، وخلف أسوار الجامعة، ولعنة الزمن، وبرج المدابغ، والاعتراف الأخير، والغول، والمراكبى، وبدون زواج أفضل، وهكذا الأيام، وشقة فى وسط البلد، وطائر الليل الحزين، واحترس نحن المجانين، والحساب يا مدموزيل، وحكمتك يا رب، والأشقياء، وقضية عم أحمد، وملف فى الآداب، واليوم السادس، وفوزية البرجوازية، وفتوة الناس الغلابة، وإنهم يقتلون الشرفاء، وانحراف، وزمن حاتم زهران، وجبروت امرأة، والزمار، ولعدم كفاية الأدلة، والموظفون فى الأرض، وأولاد الأصول، والعملاق، وليل وخونة، ودرب الرهبة، وتحت الصفر، وبنات فى ورطة، وشحاتين ونبلاء، وليه يا دنيا، وأحلام صغيرة».

حصل على العديد من الألقاب من جمهوره، ولعل اللقب الأبرز هو لقب «عمدة الدراما»، نظرًا لما قدمه طوال مشواره الفنى على مستوى السينما والدراما، حيث يعتبر النجم الراحل أكثر الفنانين الذين برعوا فى تجسيد دور «العمدة» على شاشة التليفزيون، بتألقه فى مسلسل «ليالى الحلمية» بدور «العمدة سليمان غانم» طوال أجزاء المسلسل.

على الرغم من وقوفه أمام العديد من عمالقة التمثيل، فإن أداءه تميز بخفة الظل إلى جانب سمات فنية فريدة ميزته عن الكثيرين من أبناء جيله، حيث أجاد الأدوار الميلودرامية والتراجيدية بنفس كفاءة أدائه الأدوار الكوميدية التى برع فيها واشتهر بها.

كان حريصًا على إبعاد أسرته عن الإعلام، لكن ابنه «أحمد» أصبح أحد الفنانين المشهورين حاليًا، بينما ابتعدت ابنته الأخرى «ميريت» عن الساحة الفنية تمامًا، وتعمل مذيعة بأحد البرامج الدينية فى إحدى القنوات المصرية وملتزمة بارتداء الحجاب، كما أن الحفيد الأكبر للفنان الراحل فى مرحلة الدراسة الجامعية، وهو نجل ابنته ميريت.

على مدار السنوات الـ١١ الماضية لم يوافق الفنان الراحل على أى عرض من العروض المصرية أو العربية للظهور الإعلامى التليفزيونى أو الصحفى، كما كان يعتذر وبشدة عن أى عرض مقدم له للعودة للتمثيل، إضافة إلى رفض كل الإغراءات المادية التى قدمت له كأجر من أجل العودة، وكان منهجه فى تلك الفترة أنه أدى رسالته وترك الساحة للأجيال الجديدة.

الفنان القدير حتى الأيام الأخيرة كان فى كامل تركيزه، دائم القراءة والاطلاع، وكان حريصًا على الاستمتاع بجمال الطبيعة من خلال الجلوس أوقات طويلة فى حديقة منزله، كما ارتبط خلال السنوات الأخيرة بأحفاده بشكل كبير حتى تراجعت حالته الصحية، مؤخرًا، بسبب أعراض الشيخوخة.

وشيعت جنازة «السعدنى»، عصر الجمعة، إلى مقابر الأسرة بالسادس من أكتوبر، بحضور فنى كبير، ليوارى جسده الثرى ويدفن فى مقابر عائلة السعدنى بجوار صديقه الفنان الراحل أبوبكر عزت، حيث حرص الثنائى على شراء مقبرتين متجاورتين.

ونعت وزيرة الثقافة، الدكتورة نيفين الكيلانى، الفنان الراحل، وقالت: «فقدت مصر قامة فنية عظيمة، وفنانًا أثرى شاشتنا بأعماله التى ستظل محفورة فى ذاكرة الفن.. الراحل لم يكن ممثلًا موهوبًا فقط، بل كان فنانًا مبدعًا، صاحب رؤية ثاقبة، واستطاع من خلال أدواره أن يلامس قلوب الجماهير، ويجسد الواقع المصرى بكل تفاصيله، ببساطة وعمق فى آن واحد، وستظل أعماله باقية خالدة تخلد ذكراه وتلهم الأجيال القادمة».

كما نعت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية الفنان الكبير، وذكرت أن مصر فقدت قامة فنية وثقافية كبيرة، وتقدمت بخالص العزاء للشعب المصرى، داعية الله، عز وجل، أن يتغمد الفنان الراحل بواسع رحمته، وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان.

كما نعت نقابة المهن التمثيلية، برئاسة الدكتور أشرف زكى، الفنان الكبير، ونعت نقابة المهن الموسيقية، برئاسة الفنان مصطفى كامل، ببالغ الحزن والأسى، الفنان الراحل أيضًا.