فى أمسية بمنتدى "أوراق".. نقَّاد وكتَّاب: المستقبل للقصة القصيرة
قال الناقد الأكاديمي الدكتور يسري عبدالله إنه لا يمكن التعاطي مع مشهد القصة القصيرة بوصفه كتلة صماء ثابتة من جهة، أو بوصفه مشهدًا منغلقًا على ذاته من جهة ثانية، وإنما هناك ثمة تنويعات متعددة داخله، وانفتاحًا على الفنون الأخرى في إطار التراسل بين الأنواع الأدبية المختلفة.
جاء ذلك في الأمسية القصصية ضمن فعاليات منتدى "أوراق" بمؤسسة "الدستور"، بمشاركة المبدعين: سيد الوكيل، صفاء عبدالمنعم، سمير فوزي، هناء متولي، وقدم الندوة الكاتب والناقد الدكتور يسري عبدالله، متحدثًا عن النصوص، وإشكاليات القصة القصيرة وتحولاتها، والسردية الجديدة، وتنويعاتها اللا نهائية، كما تطرح الندوة سؤالًا جماليًا حول مستقبل القصة القصيرة.
قصة حجرة الأشياء المنسية
وأشار "عبدالله" إلى أنه في قصة الكاتب القاص سيد الوكيل، والتي جاءت تحت عنوان " حجرة الأشياء المنسية"، دوما هناك هدى كمال لدى سيد الوكيل، لكنك هنا يمكن أن تتعامل معها على نحو خاص.
ولفت "عبدالله" إلى أن الذكرى العالقة في الروح مثل صورتها المعلقة في حجرة الأشياء المنسية (تركت شيئًا مهمًا في درج مكتبي)، هذا الاستهلال القصصي الذي يبني عليه الكاتب قصته؛ وتصبح آلية التذكر تقنية مهمة هنا، يمهد لها الكاتب جيدًا، وتصبح تداخلات الحلم والواقع علامة على التشظي الذي يجتاح الذات الساردة الموزعة بين عوالم مختلفة عززتها سياقات زمنية متباينة داخل القصة.
أما عن قصة "الأحمر خلص"، للكاتبة صفاء عبدالمنعم، فأكد "عبدالله" أن القصة تشير إلى العذوبة في نسج العلاقة الإنسانية بين وحدتي السرد الأساسيتين في قصة (الأحمر خلص) لصفاء عبدالمنعم، هو أبرز ما يميز القصة التي تستدعي رمزية جمال عبدالناصر دون غرق في الأيديولوجيا والزعيق الصاخب، وبدت النهاية تعزيزًا للمشهد الاستهلالي على نحو مختلف.
وعن قصة "زيارة"، للكاتب القاص سمير فوزي، أوضح "عبدالله" أن عالم سمير فوزي القصصي المبني على مهل ينشد الكثافة التعبيرية، عبر "صديقة" التي غاب زوجها رفاعي، الإشارة إلى الطبقات الاجتماعية والتكوينات بنعومة من خلال الثنائيات المتعارضة ودون صخب أيديولوجي. العاديون واستغراق التفاصيل.. الترصيع السردي.. الشيخ الذي غرق في الترعة ثم عاد.
وفي قصة الكاتبة هناء متولي "سبب مفاجئ للنوم الطويل" يؤكد "عبدالله" قدرة الكاتبة على المراوحة بين الواقع والمتخيل، والانطلاق من وضعية الرمزية الجاهزة لميدان التحرير إلى المنصورة وتنوع الفضاءات المكانية، بحثا عما يبدد الفقد والوحشة بالنسبة للذات الساردة التي تستدعي ذلك الحبيب الغائب عبر لغة دالة ونافذة.
وأكد "عبدالله"، في ختام كلمته، أن مستقبل القصة القصيرة هو مستقبل مرهون بهذا الانفتاح اللا نهائي بصيغ كتابية جديدة، وبوجود الوسائط التكنولوجية الحديثة التي سيصبح لها دور كبير في فكرة التحول للنوع.
وأشار إلى أن مصطلح "القصة الومضة" هو مصطلح غير علمي، حيث إن النصوص القصصية نتيجة التغول الذي يحدث في عالم الميديا تؤدي حالة من التكثيف التعبيري.
من جهته، قال الكاتب الروائي والقاص فهمي عبدالسلام: "كان للناقد الدكتور فاروق عبدالقادر تشبيه عن القصة القصيرة والرواية، ويصف القصة بأنها أشبه بالمسدس به طلقة واحدة، أما عن الرواية فكان يرى فيها جيشا متعدد الأسلحة متأهبا للاستعداد لمعركة".
ولفت "عبدالسلام" إلى أن إيقاع الحياة لا يسمح بالأعمال الروائية الطويلة، وإيقاع العصر الآن لا يسمح إلا بالقصة القصيرة والنوفيلا، والزمن كفيل بغربلة ما يبقى وما يندثر.
من جهته، أشار الكاتب القاص سمير فوزي إلى أن المداخلات تؤكد أن القصة القصيرة ما زالت تعمل على الإشباع والمتعة، ولا يقل بأي شكل من الأشكال في الرواية، سنجد أسماء كبيرة في القصة على مستوى العالم من تشيكوف إلى يوسف إدريس، وهؤلاء يؤكدون أنه ما زال للقصة القصيرة سحرها، والقصص القصيرة التي قرئت اليوم قابلة أن تكون أعمالا روائية.