السياحة في مصر.. "الدستور" ترصد رحلة تعافي القطاع خلال 10 سنوات
على مدار 10 سنوات ماضية، أولت القيادة السياسية اهتمامًا خاصًا بقطاع السياحة، إذ يعد واحدًا من القطاعات الحيوية في اقتصاد الدولة.
وبالرغم من تأثر قطاع السياحة بالأحداث الجارية سواءً المحلية أو العالمية إلا أنه حقق نجاحًا وإيرادات قابلة للزيادة والنمو على مدار الـ 10 سنوات الماضية.
ومنذ عام 2013 وقد واجهت مصر العديد من التحديات التى أثرت سلبًا على جميع القطاعات بالدولة ولاسيما قطاع السياحة، وذلك يرجع إلى أن السياحة هي الأكثر تأثرا بالأحداث السياسية والتغيرات الاقتصادية الوطنية والدولية.
ويستعرض "الدستور" في السطور التالية جهود الدولة في تحقيق تعافي ونمو قطاع السياحة في مصر على مدار 10 سنوات بالرغم من التحديات السياسية والاقتصادية على المستوى المحلي والعالمي.
في العام 2010 والذي يُعرف بعام الانتعاش وذروة السياحة في مصر حيث أشارت إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن هذا العام شهد زيادة بنحو 14 مليون سائح.
ومن هنا بدأت الدولة والقيادة السياسية الحالية توجه جهودها وتركز على الاستمرار في النمو الثابت لتحقيق الاستراتيجية الوطنية والوصول إلى 30 مليون سائح بحلول 2028 من خلال اتخاذ التدابير والجهود اللازمة لاستعادة الأرقام التاريخية.
وشهدت مصر عدد من التحديات السياسية والأمنية منذ عام 2011 أدت إلى تراجع السياحة خاصة في أعوام 2016 وعامي 2020 و2021 بسبب كورونا، إلا أن الإجراءات التى اتخذتها مصر خلال تلك الفترة أسهمت في استعادة الحركة السياحية لمعدلاتها بما يتناسب مع استراتيجية السياحة ورؤية مصر 2030 للوصول إلى إيرادات 30 مليار دولار.
ووفقا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، حققت صناعة السياحة فى مصر إيرادات بلغت نحو 63.4 مليار دولار، كما زارها نحو 90.1 مليون سائح خلال الـ10 سنوات الماضية.
التعامل مع الكوارث والأوبئة العالمية
أدت فترة انتشار جائحة كورونا في العام 2020 إلى عدم الاستقرار بجميع القطاعات وخاصةً قطاع السياحة في مصر وعلى المستوى العالمي بسبب الإجراءات والتدابير الصحية التي اتخذت حينها بعدم السفر والتجوال منعًا لانتشار فيروس كورونا.
ومع تفاقم ازمة السياحة في مصر بدأت الحرب الروسية الأوكرانية مما زاد من سوء الأوضاع في قطاع السياحة ليس في مصر فقط بل في معظم دول العالم.
ومن هنا وجهت الدولة دعمًا كبيرًا لقطاع السياحة خلال جائحة كورونا والأزمة الأوكرانية، من أجل الحفاظ على الأيدي العاملة المصرية في القطاع، حيث تم مد فترة السماح لمبادرة البنك المركزي ووزارة المالية بضمان الأخيرة بقيمة 3 مليارات جنيه وبسعر فائدة 5% لتمويل سداد مرتبات العاملين.
وعلى مستوى الطيران والرحلات فقد ساهمت مصر ويسرت الحصول على موافقة وزارة البترول والثروة المعدنية على زيادة التخفيض الممنوح على سعر وقود الطيران للرحلات السياحية إلى 15 سنتا حتى أبريل 2022.
كما تم مد إعفاء جميع "الكافيتريات" و"البازارات" الموجودة بالمتاحف من دفع الإيجارات حتى أكتوبر 2021، وتخفيض نسبة 50% من القيمة الإيجارية عن شهري نوفمبر وديسمبر 2021 ويناير 2022، وتخفيض 50% من أسعار تذاكر المواقع الأثرية والمتاحف للمصريين خلال مبادرة "شتي فى مصر".
عودة السياحة الروسية واستئناف رحلات الطيران
تساهم السياحة الروسية في مصر بمعدلات كبيرة لذا سعت الدولة في محاولات توطيد العلاقات بين مصر وروسيا ولاسيما استئناف الرحلات الروسية إلى مصر بعد توقف الرحلات منذ عام 2015، إذ نجحت الدولة المصرية في عودة رحلات الطيران الروسية إلى المقاصد السياحية المصرية، واستئناف رحلات الطيران من روسيا إلى مدينتي شرم الشيخ والغردقة، فضلا عن استئناف رحلات الطيران من إنجلترا إلى شرم الشيخ.
ونظمت وزارة السياحة في مصر برامج ورحلات تعريفية لوفدين من ممثلي أهم وسائل الإعلام الروسية؛ للتعرف على ضوابط السلامة الصحية المطبقة في المنتجعات المصرية والترويج السياحي لمصر بعد قرار استئناف حركة السياحة الروسية إلى شرم الشيخ والغردقة، ورعاية واستضافة العديد من البطولات الرياضية والمهرجانات والفعاليات المحلية والدولية.
كما نظمت مصر واستضافت عدد من البطولات والمهرجانات السياحية التي تسهم في انتعاش السياحة وكان أهمها؛ بطولة العالم لكرة اليد للرجال 2021، بطولة العالم للرماية، ماراثون الأقصر الدولي للجري، بطولة الجونة للإسكواش، رالي تحدي صحراء مصر، مهرجان الطبول الدولي للإنشاد والموسيقى الروحية، مهرجان أسوان للمرأة، مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.
أفضل فيلم دعائي وأفضل حملة ترويجية
انتهجت القيادة السياسية الحالية عدد من الخطط لترويج السياحة في مصر وسرعة تعافيها خلال السنوات الماضية وذلك من خلال إنتاج البرامج الوثائقية وتنظيم الفعاليات والمهرجانات والمسابقات لتنشيط السياحة في مصر.
انتجت وزارة السياحة والآثار مجموعة من الأفلام الترويجية والتوثيقية مثل فيلم "مصر الحضارة" والذي تناول جهود الدولة في مجال الآثار، وفيلم ترويجي للأسواق العربية، وفيلم توثيقي لأعمال إعادة الألوان لمعابد الأقصر والكرنك وإسنا ودندرة، و27 فيلما لإبراز المقومات السياحية بكل محافظة من محافظات الجمهورية، بالإضافة إلى تصوير شهادات لمجموعات من السائحين حول تجربتهم الإيجابية في زيارة مصر وعرضها بدولهم، وفيلم "الأقصر السر" لإبراز المقومات السياحية والأثرية لمحافظة الأقصر.
ونظمت الدولة عدد من المبادرات والبرامج التي تسهم في تنشيط السياحة الداخلية والخارجية وكان أبرزها مبادرة شتي في مصر؛ لتشجيع السياحة الداخلية، وإطلاق فيلم ترويجي للمبادرة وشراء مساحات إعلانية - حملة ترويجية في السوق العربية بعنوان "الصيف في مصر حكاية" في مايو 2021. وبعد نجاح المبادرة تقرر إطلاق الجزء الثاني من الحملة في شهر يونيو من نفس العام
وفي عام 2021 فازت مصر بجائزة أفضل فيلم دعائي في الشرق الأوسط لفئة القصص الاستثنائية عن السياحة المستدامة، كما فازت مصر بأفضل حملة ترويجية رقمية على منصات التواصل الاجتماعي في روسيا في نوفمبر 2021، بعد نجاح حملة "مصر في عيون سفراء الاتحاد الأوروبي" والتي قام من خلالها سفراء دول الاتحاد الأوروبي بالقاهرة بنشر أكثر من 20 فيلما للترويج للأماكن السياحية والأثرية المصرية المفضلة لهم ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بهم وبسفارات دولهم - حملة على مواقع التواصل الاجتماعي في السوق الروسية.
وعلى مستوى تثقيق الأطفال والأجيال الجديدة أطلقت وزارة السياحة والآثار عددا من المسابقات لتشجيع السياحة ورفع الوعي السياحي مثل مسابقة فوازير رمضان للأطفال بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، ومسابقة "في كل شبر حكاية"، فضلا عن التعاقد مع شركة دولية جديدة لإدارة موقع وصفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بالترويج السياحي.
100 تابوت خشبي.. أبرز الاكتشافات الأثرية خلال 10 سنوات
نجحت البعثة الأثرية المصرية العاملة بجبانة الحيوانات المقدسة (البوباسطيون) بمنطقة آثار سقارة في الكشف عن أول وأكبر خبيئة بالموقع تعود إلى العصر المتأخر، وذلك أثناء أعمال موسم الحفائر الرابع للبعثة.
تمكنت البعثة من الكشف عن مجموعة جديدة من آبار الدفن عثر بداخلها علي مجموعة من ٢٥٠ تابوتا خشبيا ملونا من العصر المتأخر، حوالى 500 ق.م، مغلقة وبداخلها مومياوات بحالة جيدة من الحفظ، واكتشفت البعثة الخبيئة المكتشفة التي تضم 150 تمثالا من البرونز مختلفة الأحجام لعدد من المعبودات المصرية القديمة منها أنوبيس، آمون مين، أوزير، إيزيس، نفرتوم، باستت، وحتحور.
عثر علماء الآثار في مصر، على أحد معابد الشمس الـ 6 المفقودة أثناء تنقيبهم عن الآثار تحت بقايا معبد الشمس في أبوغراب شمال أبوصير في الجيزة، ويعد معبد الشمس المفقود أهم اكتشاف أثري خلال نصف قرن، فهو ثالث معبد قديم نادر يتم العثور عليه على الإطلاق، والأول الذي يتم اكتشافه منذ 50 عامًا.
أعلنت مصر في 2019 عن اكتشاف 30 تابوتًا فى منطقة العساسيف، والتى تضم مجموعة متميزة من 30 تابوتا خشبيا آدميا ملونا لرجال وسيدات وأطفال، فى حالة جيدة من الحفظ والألوان والنقوش كاملة.
اكتشاف أكثر من 100 تابوت خشبى بسقارة؛ أما عن الاحتفالات الكبرى فتمثلت فى افتتاح المتحف القومى للحضارة المصرية، بموكب "المومياوات الملكية "، وافتتاح طريق الكباش بالأقصر وجعله احتفال سنوى يُدعى السائحون.
يضاف إلى ذلك افتتاح العديد من المتاحف الجديدة أو تجديد المتاحف القائمة وأشهرها "المتحف المصرى الكبير، وأعمال ترميم قصر البارون"، وافتتاح متحف المركبات الملكية وهرم زوسر للزيارة، والعمل على وضع متحف فى كل محافظة مصرية، فيوجد نحو 31 متحفًا وموقعا أثريا للزيارة، وافتتاح وتطوير 3 مواقع على مسار العائلة المقدسة، وافتتاح متحفين للآثار المصرية بالصالتين 2 و3 بمطار القاهرة الدولى.
فضلا عن الاهتمام بالأحداث الضخمة لجذب الانتباه للمقصد السياحى المصرى، وخاصةً السياحة الثقافة والتاريخية؛ إذ تمتلك مصر ما يقرب من 2،160 موقعًا أثريًا، ويوجد منها 135 موقعا مفتوحا للزيارة و6 مواقع مسجلة على قائمة التراث العالمى لليونسكو، بحسب موقع وزارة السياحة.
التحول الرقمي والخدمات الإلكترونية
وتتمثل أهم مشروعات التحول الرقمي على مدار الفترات السابقة في إطلاق خدمات للتواصل مع السائحين عند وصولهم، والتعريف بالخدمات المقدمة لتسهيل زيارتهم وتحسين تجربتهم، حيث تم إطلاق أول منصة حجز إلكتروني على الموقع الرسمي للمتحف القومي للحضارة، والانتهاء من نحو 80% من مشروع ميكنة خدمات المنشآت الفندقية والسياحية
وعمل قواعد بيانات موحدة للعاملين، والانتهاء من منظومة البرامج السياحية الإلكترونية، وإطلاق ودمج البوابة الإلكترونية لوزارة السياحة والآثار، والموقع الإلكتروني الخاص بالمتحف المصري بالتحرير، وتطوير الموقع الترويجي للتنشيط السياحي بشكل مستمر، والعمل على زيادة سعة الإنترنت في المنشآت الفندقية، وتطوير منصات حجز المواقع الأثرية والمتاحف وبوابات الدخول للتناسب وطبيعة التذاكر الإلكترونية.
وتسعى الدولة المصرية ولاسيما قطاع السياحة في توفير خدمات الإنترنت بالمواقع الأثرية، والعمل على إنشاء تطبيق محمول للترويج للسياحة المصرية، وذلك وفقًا لما نشره موقع “الهيئة العامة للاستعلامات.”
تأشيرات مجانية ضمن دعم وتمويل قطاع السياحة
في عام 2020 اتخذت مصر عدة قرارات هامة من أجل تنشيط السياحة الخارجية اذ أطلقت مصر تأشيرات معفاة من الرسوم مثل سداد رسوم التأشيرة السياحية لمدة عام حتى 30 أبريل 2021، ومنح تخفيض بنسبة 50% على رسوم الهبوط والإيواء، وتخفيض بنسبة 20% على رسوم الخدمات الأرضية المقدمة في المطارات المصرية في المحافظات السياحية حتى 31 أكتوبر2021، ورفع قيمة التخفيض على أسعار وقود الطائرات لتصل إلى 15 سنتًا على الجالون بمطارات المحافظات السياحية حتى 31 ديسمبر 2021، وإطلاق برنامج تحفيز الطيران الجديد حتى 31 أكتوبر 2021.
كما أطلق الجهاز المركزي لدعم القطاع السياحي مبادرة بنحو 5 مليارات جنيه لتخفيض سعر الفائدة من 12% إلى 10% ثم إلى 8%، ومبادرة وزارة المالية والبنك المركزي المصري لتمويل صرف رواتب العمالة ومصروفات التشغيل بقيمة 3 مليارات جنيه من وزارة المالية بسعر فائدة 5%، وتخصيص 10 مليارات جنيه لقطاع السياحة ضمن مبادرات البنك المركزي للقطاعات الإنتاجية التي تضم الزراعة والصناعة للعام المالي 2023 – 2024 ليصل إجمالي التمويل المتاح من خلالها إلى 160 مليار جنيه للقطاعات الإنتاجية المستهدفة بنظام مبادرة الـ11%.
90 مليون سائح خلال 10 سنوات
خلال الـ10 سنوات الماضية أسهمت الإجراءات الحكومية التي تم إتخاذها في الحفاظ على القطاع السياحي كقطاع عالي التأثير لمواجهة التقلبات الاقتصادية العالمية، وهو ما أدى إلى التوقع بتحقيق نمو بين 25% -30% سنويا، بما يصل بعدد السياح إلى 30 مليون سائح بحلول 2028.
وصل عدد السائحين على مدار العشر سنوات الماضية تزايدا مطردًا، ليسجل نحو 90.1 مليون سائح حتى عام 2022، واستمر في النمو حيث استطاعت مصر أن تجذب في النصف الأول من عام 2023، نحو 7 ملايين سائح كرقم قياسي تحققه السياحة المصرية للمرة الأولى في تاريخها، وكان شهر أبريل هو الأكبر من حيث استقبال السائحين مسجلا وحده نحو 1.3 مليون سائح.
ووفقًا للأرقام المحققة، فإنه من المتوقع أن يصل عدد السياح القادمين إلى مصر خلال عام 2024، نحو 18 مليون سائح، ويُتوقع أن يصل عدد السائحين الذين استقبلتهم مصر خلال عشر سنوات فى الفترة من (2016 - 2025) إلى نحو 120.5 مليون سائح، مقارنة بنحو 110.2 مليون سائح في فترات ما قبل الأزمات (2006 - 2015).