رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المالكى: إسرائيل مستمرة فى ارتكاب أبشع جريمة إبادة جماعية بالعصر الحديث

وزير الخارجية الفلسطيني
وزير الخارجية الفلسطيني

أكد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، مساء اليوم الأربعاء، أن لغة البيانات والشجب والإدانة التي دأبنا على استخدامها في جامعة الدول العربية على مدار عقود من عمر القضية الفلسطينية أصبحت لغة صماء لا يفهمها العالم ولا تحسب إسرائيل لها أي حساب.

وأشار المالكي إلى أن دولة الاحتلال مستمرة بارتكاب أبشع جريمة إبادة جماعية في العصر الحديث، بل تذهب إسرائيل في وحشيتها إلى ما هو أبعد من جريمة الإبادة الجماعية كما عرفها القانون الدولي، واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948.

كما أكد المالكي في كلمته أمام مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب في دورته العادية الـ161 والتي عقدت بمقر الأمانة العامة اليوم الأربعاء، برئاسة موريتانيا وحضور الأمين العام للجامعة العربية وعدد من وزراء الخارجية العرب، أن الأطفال والنساء وكبار السن يُقتلون اليوم جوعًا، حرفيًا وواقعيًا يُقتلون جوعًا، علاوة على قتلهم وتدمير بيوتهم ومدارسهم ومساجدهم ومستشفياتهم بـ70 ألف طن من المتفجرات.

وتابع وزير الخارجية الفلسطيني "نحن نجتمع اليوم في الدورة الـ161 لمجلس الجامعة العربية، وعلى مسافة قريبة من مقر اجتماعنا هذا، تستمر إسرائيل، قوة الاحتلال والفصل العنصري لليوم الـ152على التوالي في جرائم الحرب الإبادية الممنهجة، فإسرائيل عدو الإنسانية، التي قتلت على مدار أكثر من خمسة شهور متواصلة أكثر 30 ألف شهيد وأصابت أكثر من 72 ألف جريح، وهجرت قسريًا داخل قطاع غزة مليوني فلسطيني، أي 87% من مواطني قطاع غزة، ودمرت 360 ألف بيت في غزة أي نحو 65% من الوحدات السكنية في القطاع، وقد فعلت ذلك بوعي وتخطيط كاملين، فإسرائيل تستمر بإخضاع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة للتجويع على مدار 152 يومًا، وقد أفادت تقارير وشهادات من منظمات دولية بأن جميع سكان قطاع غزة (100% من سكان قطاع غزة) يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد والشديد، ولكن نصف مليون منهم يعيشون في مرحلة المجاعة، أي معرضون للموت جوعا".

وأوضح المالكي أن جريمة التطهير العرقي التي تنتهجها إسرائيل على مدار أكثر من 76 عامًا، ضد الإنسان الفلسطيني، قاصدة قتله وتدميره نفسيًا، ومحو آثاره وتراثه وطمس هويته وثقافته، حيث خططت إسرائيل، قوة الاحتلال والفصل العنصري والإبادة الجماعية، لاقتلاع الإنسان الفلسطيني من أرضه وسرقة الجغرافيا والتاريخ والرواية والسردية التي ربطت الإنسان الفلسطيني بأرضه على مدار آلاف السنين.

كما أكد المالكي، أن إسرائيل التي تعمدت تدمير المنظومة الصحية عبر تدمير 32 مستشفى و53 مركزًا صحيًا في قطاع غزة أخرجتها جميعًا عن الخدمة، وقصدت تدمير الاقتصاد الوطني الفلسطيني عبر تدمير معظم المصانع والمراكز الاقتصادية، وأرادت أيضًا تدمير ثقافة وتراث الشعب الفلسطيني عبر التدمير الكلي أو الجزئي لـ404 مدارس وجامعات، و486 مسجدًا و200 موقع أثري، و3 كنائس بما فيها 12 متحفًا يحتوي على آثار الحضارة العربية في فلسطين.

وأوضح المالكي أنه مع كل هذه الجرائم الإسرائيلية، يقف العالم بين عاجز عن وقف الإبادة الجماعية، أو صامت عنها أو داعم لها وحتى بعد 40 يومًا من أمر محكمة العدل الدولية بوقف قتل المدنيين الفلسطينيين أو إيذائهم جسديًا أو عقليًا ومنع الولادات وتأمين تدفق المساعدات الإغاثية، كتدابير مؤقتة، ما زالت إسرائيل، قوة الإبادة الجماعية تمعن في القتل والتدمير والإيذاء ومنع الولادات.

وتساءل المالكي، أي نوع من التقارير الذي قدمته إسرائيل حول التزامها بالتدابير المؤقتة التي أمرت بها محكمة العدل، وأي تضليل تضمنه ذلك التقرير، وكل العالم قد تابع مباشرة حيث ارتكبت إسرائيل من بعد أمر المحكمة وحتى يومنا هذا أكثر من 584 مجزرة راح ضحيتها أكثر من 4600 شهيد وأكثر من 10800 جريح، مشيرًا إلى أن حرب غزة دخلت شهرها السادس ولا أفق لاحتمالية وقفها رغم كل محاولات التوصل إلى وقف إطلاق النار ومن الواضح أن إسرائيل لا تريد وقف الحرب ومستمرة في حرب الإبادة الجماعية أمام عجز دولي مخجل وفشل إدخال المساعدات الضرورية لشعبنا المحاصر والمحروم بالشمال الذي يستحق أن يوصف بأن ما يعانيه يتجاوز وصف الكارثي.

وقال المالكي، إن إسرائيل ما زالت تضرب بأمر المحكمة ومعها 8 عقود من بناء المنظومة الدولية والقانون الدولي، عرض الحائط، وما زالت مستمرة في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بكل صورها، فهي تستمر بمنع الولادات وتعريض أكثر من 60 ألف امرأة حامل في غزة لخطر الموت أثناء الولادة في ظروف غير صحية وغير آدمية، مشددًا على أن إسرائيل تستمر بذبح الأطفال والنساء على الهواء مباشرة حتى بلغت مذبحة الأطفال والنساء أكثر من 13400 طفل فلسطيني، ومعهم نحو 9000 امرأة، ما يعني أن أكثر من 73% من ضحايا الإبادة الجماعية هم الأطفال والنساء، في محاولات ممنهجة للقضاء على أجيال الشعب الفلسطيني القادمة، بجريمة منظمة ممنهجة تمنع الولادات وتقتل المواليد، وذلك ضمن جريمة التطهير العرقي الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، والمستمرة على مدى 76 عامًا.

كما أضاف، أنه بدلًا من أن يقوم مجلس الأمن بتولي مهمته في حفظ الأمن والسلم الدوليين، ويصدر قرارًا ملزمًا بوقف العدوان الإسرائيلي وإطلاق النار، يتم تعطيل دور المجلس، وتقوم الولايات المتحدة الأمريكية، بتعطيل دور مجلس الأمن، من خلال "الفيتو" الظالم الذي استخدمته الولايات المتحدة 3 مرات خلال فترة وجيزة، الأمر الذي منح إسرائيل الحماية وأعطاها الفرصة الكاملة لترتكب جريمة الإبادة الجماعية لمدة 5 شهور متواصلة، في بث حي ومباشر عبر وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي، معربًا عن تقديره للعضو العربي في مجلس الأمن الجزائر في متابعة تطورات القضية الفلسطينية في مجلس الأمن بما في ذلك المساعي الدءوبة لاستصدار قرار بوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والتوصل إلى وقف إطلاق النار، وكذلك حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، كما لا بد لنا من تقديم الشكر للإمارات على دورها البناء خلال عضويتها في مجلس الأمن الدولي.

وأكد أن آلة الإبادة الجماعية تتجهز للانقضاض على رفح الفلسطينية التي تؤوي 1.65 مليون فلسطيني في مساحة تبلغ 20% فقط من إجمالي مساحة قطاع غزة، بقصد تنفيذ المخططات والنوايا الإسرائيلية بتهجيرهم قسريًا إلى خارج الأرض الفلسطينية، بعد أن تم دفعهم منهجيًا للنزوح نحو أقصى جنوب قطاع غزة على مقربة من الحدود الفلسطينية المصرية بـ70 ألف طن من القنابل والذخائر المقدمة لإسرائيل من الدول الداعمة للإبادة الجماعية بشكل مباشر أو غير مباشر.

 وقال المالكي، إنه لو حدث ذلك فإنه لن يشكل تهديدًا للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة فحسب، بل سيمثل ضررًا بالغًا للأمن القومي العربي بمجمله، وسيدخل المنطقة في مراحل جديدة من الصراع وسيقضي على أي فرصة للسلام والأمن والاستقرار في المنطقة، وتتصاعد الجرائم الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك التدمير المنهجي لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين وبنيتها التحتية بقصد إعادة تهجير وطمس قضيتهم، وكذلك الاقتحامات اليومية لعشرات المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وإرهاب المستوطنين الإسرائيليين وقتل مئات المدنيين الفلسطينيين وهدم منازلهم وحرق مزارعهم واعتقالهم وتعذيبهم وإخفائهم قسريًا، كما تقوم إسرائيل بحصار المسجد الأقصى المبارك، وتقويض حرية العبادة ومنع المصلين من الدخول إليه على مدار 5 شهور متواصلة، ويترافق مع ذلك تصعيد حملات التهويد والاستيطان وهدم المنازل والتهجير القسري في مدينة القدس المحتلة.

وسلط الوزير المالكي في كلمته الضوء على قضية هامة مرتبطة بحرب الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل ضد كل مكونات القضية الفلسطينية، وهي حملة التحريض الممنهجة التي تمارسها إسرائيل ضد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين - الأونروا، هذه الوكالة الأممية التي تعمل بموجب تفويض أممي متجدد يتضمن التزامات واضحة تجاه اللاجئين الفلسطينيين في جميع الدول المضيفة لهم، مشيرًا إلى أن هذه الحملة الممنهجة ليست جديدة، فلطالما سعت إسرائيل إلى تجفيف موارد الأونروا وإنهاء دورها وتقويضها، بغية القضاء على ما تمثله من قضية نحو 6 ملايين لاجئ فلسطيني، بالإضافة إلى أن إسرائيل وضعت الأونروا ومدارسها ومقراتها وموظفيها وكوادرها، كأهداف عسكرية لحربها العدوانية، فقد قامت بكيل الاتهامات الجزافية بالإرهاب لكوادرها دون تدقيق أو تحقيق، وأدى ذلك مع كل أسف إلى اتخاذ بعض الدول المساهمة في الأونروا إجراءات لوقف تمويلها، ومن هنا نطالب الدول التي اتخذت تلك الإجراءات بإعادة النظر فيها والتراجع عنها، ومحاسبة إسرائيل أولًا على الجرائم التي ارتكبتها بحق الأونروا ومؤسساتها وكوادرها في غزة، وثم التدقيق بالاتهامات الإسرائيلية وأهدافها وجذورها، مشيرًا إلى أن ما تقوم به إسرائيل من تدمير ممنهج لمخيمات اللاجئين في الضفة الغربية وبشكل يومي إنما يهدف إلى استكمال مخطط إنهاء وجود اللاجئ الفلسطيني ومعه قضيته وحقه في العودة. 

وزير الخارجية الفلسطيني: دولة فلسطين وشعبها الصامد المرابط على أرضه تؤكد للقاصي والداني رفضها القاطع للمخططات الإسرائيلية 

وقال المالكي إن دولة فلسطين وشعبها الصامد المرابط على أرضه، تؤكد للقاصي والداني رفضها القاطع للمخططات الإسرائيلية وغير الإسرائيلية لما يُسمى باليوم التالي للعدوان الإسرائيلي، مؤكدًا أن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين، وأن دولة فلسطين يجب أن تُمكن من تولي مسئوليات الحكم في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، وهي أرض دولة فلسطين الموحدة وطنيًا وسياسيًا وجغرافيًا، ونحن جاهزون كجزء أصيل من المجتمع الدولي للقيام بالتزاماتنا نحو إحياء السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، في إطار رؤية سلام شاملة تقوم على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد استقلال دولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس وفق المرجعيات الدولية المعتمدة.

وأكد المالكي في ختام كلمته، إنه برغم هذا المشهد الفظيع من الجريمة والألم والدم والتدمير والتهجير، فإن الشعب العربي الفلسطيني العظيم، صاحب الأرض والرواية والتراث والثقافة المتجذرة في أرض فلسطين لآلاف السنين، لن يُهزم أمام أعداء الإنسانية الواهمين المعتدين بوحشيتهم وعنصريتهم، والمدعومين بنفاق الدول التائبة من ذنب الاستعمار ومعاييرها المزدوجة، وستلد النساء الفلسطينيات مجددًا، أجيالًا من الأبطال على إيقاع الرواية الفلسطينية، يعيدون إعمار بلادهم ويجسدون عليها استقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس، ويمارسون فيها حريتهم وثقافتهم وإنسانيتهم، رغم أنف العدو.