عاجل.. أسرار مخطط تنمية الساحل الشمالى الغربى: استيعاب 34 مليون نسمة.. وتوفير ملايين من فرص العمل
يعتبر مشروع تنمية الساحل الشمالى الغربى، من «العلمين» حتى «السلوم»، المشروع القومى الثالث من سلسلة المشروعات القومية للتنمية على مستوى الجمهورية، التى حددها «المخطط الاستراتيجى القومى للتنمية العمرانية ٢٠٥٢»، وأخذت الحكومة فيها خطوات جادة خلال الفترة الأخيرة، أولاها مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، ثم «المثلث الذهبى» للتعدين فى الصحراء الشرقية.
ويتزامن المشروع مع الخطة التى تنفذها الحكومة لترسيم الحدود المستقبلية لمحافظات الجمهورية، ما يحمله من توفير فرص تنموية واستثمارية، وإقامة مجتمعات عمرانية جديدة تستوعب الزيادة السكانية المتوقعة فى العقود المقبلة.
ويمتد نطاق الساحل الشمالى الغربى من العلمين حتى السلوم لمسافة نحو ٥٠٠ كم، بنطاق وظهير صحراوى يمتد فى العمق لأكثر من ٢٨٠ كم، ليشغل مسطح نحو ١٦٠ ألف كم٢ تقريبًا. وتعود أهمية وتفرد وتميز هذا النطاق التنموى إلى امتلاكه كل موارد ومقومات التنمية الموزعة بكل أنحاء الجمهورية، لتتركز فى مكان واحد، هو الساحل الشمالى الغربى، وظهيره الصحراوى.
وتعتبر منطقة الساحل الشمالى الغربى، بما تمتلكه من موارد مختلفة، أمل مصر لاستيعاب الزيادة السكانية خلال الـ٤٠ عامًا المقبلة، وتقدّر بحوالى ٣٤ مليون نسمة، كما ستولد المشروعات المزمع تنفيذها بالمخطط نحو ١١ مليون فرصة عمل، حتى سنة الهدف وهى ٢٠٥٢.
وتهدف تنمية الساحل الشمالى الغربى إلى تحقيق النمو الاقتصادى، الذى يُعد الهدف الرئيسى لكل المشروعات التى تتبناها الدولة، من أجل مستقبل أفضل للأجيال المقبلة، ومن أهم الأهداف الاستراتيجية للتنمية الإقليمية للمنطقة تحقيق معدل نمو اقتصادى مرتفع لا يقل عن ١٢٪ فى السنة، وتوطين ما لا يقل عن ٥ ملايين نسمة، وتوفير نحو ١.٥ مليون فرصة عمل، كمرحلة أولية، بالإضافة إلى دمج المنطقة فى الاقتصاد القومى والعالمى، عن طريق زيادة مساهمتها فى الناتج المحلى الإجمالى من أقل ٥٪ حاليًا إلى ٧٪.
ويهدف هذا المشروع، أيضًا، إلى الارتقاء بالأوضاع الاجتماعية، وتحسين الأحوال المعيشية للمجتمعات المحلية، بحيث لا يقل مؤشر التنمية البشرية عن ٧٧٪، وكذلك تطوير شبكات البنية الأساسية وتعزيز علاقات التبادل بين المنطقة وباقى الأقاليم المحيطة.
ويعتمد الفكر التنموى المقترح لمشروع تنمية الساحل الشمالى الغربى على الاستخدام الأمثل لكل الموارد والمقومات فى هذا النطاق، ويتمثل ذلك فى استغلال المناطق جنوب الشريط الساحلى، بدءًا من العلمين إلى السلوم، فى استصلاح الأراضى، بالاعتماد على مياه الأمطار والمياه الجوفية، وتنمية المدن الساحلية القائمة كمراكز تنمية رئيسية، مع إنشاء مراكز سياحية عالمية.
وبالإضافة إلى ذلك، يعمل المشروع على استغلال ظهير الاستصلاح الزراعى فى إنشاء تجمعات عمرانية جديدة قائمة على الأنشطة السياحية والسكنية، وأنشطة التصنيع الزراعى والتعدين، فضلًا عن إنشاء عدد من التجمعات البيئية الجديدة لخدمة أنشطة سياحة السفارى، مع إمكانية استصلاح ملايين الأفدنة؛ اعتمادًا على تحلية مياه البحر ومياه الصرف الزراعى المعالجة، لاستزراع نباتات الوقود الحيوى والأعلاف، بجانب استغلال منخفض القطارة فى التنمية المتكاملة.
ويعد وجود شبكة طرق أهم مقومات النجاح لمشروع تنمية الساحل الشمالى الغربى، لأن الطرق هى شرايين التنمية، وهو ما أكده الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان، الذى قال إنه تم البدء فى تنفيذ مجموعة من المحاور العرضية التى تدعم الاتصال بين المراكز العمرانية بهذا النطاق التنموى وباقى أنحاء الجمهورية، خاصة مناطق الصعيد، وذلك ضمن الخطة القومية للطرق، التى بدأت الحكومة تنفيذها بالفعل.
ويأتى فى مقدمة هذه المحاور محور منخفض القطارة، من طريق القاهرة - الإسكندرية، شرقًا بطول ٢٢٠ كم، وصولًا إلى رأس الحكمة، ووصلاته الفرعية إلى البرقان، والحمام، والعلمين، والضبعة وفوكة، بالإضافة إلى ربط المنطقة بمحافظات الصعيد، من خلال شبكة جديدة من المحاور العرضية، وهى: «البهنسا- الواحات البحرية- سيوة- جغبوب عند الحدود الليبية»، و«أسيوط- الفرافرة - عين دلة- سيوة».
ويمثل مشروع تنمية الساحل الشمالى الغربى المدخل نحو آليات تنفيذية جديدة للتصدى لقضيتى ندرة المياه والطاقة، من خلال العديد من التوجهات والأفكار والأدوات التنفيذية، وذلك من خلال استخدام موارد طاقة جديدة ومتجددة من الطاقة الشمسية التى سيتم توليدها بهذا النطاق، الذى يعد ثانى أكبر مناطق سطوع شمسى على مستوى الجمهورية، وكذا من خلال الطاقة النووية، خاصة بعد بدء إنشاء المفاعل النووى فى الضبعة.
كما سيتم توظيف تحلية مياه البحر فى استخدامات التنمية المختلفة، وبالتالى تحقيق الاكتفاء الذاتى من هذا المورد لتنفيذ المشروع، بما يمثل المقوم الأساسى لتفعيل باقى مقومات التنمية بالمنطقة.
وبالنسبة لمقومات استصلاح الأراضى والتنمية الزراعية، تزخر المنطقة بموارد المياه الجوفية فى الظهير الصحراوى، مع نطاقات ساحلية تتجمع بها مياه الأمطار، وتوافر مصدر للرى من نهر النيل، من خلال ترعة الحمام، المقرر استصلاح وزراعة نحو ١٤٨ ألف فدان حول مسارها، فور إعادة الترعة إلى التشغيل وإزالة المعوقات أمامها.
ومن المقرر، أيضًا، زراعة ١٥٠ ألف فدان فى منطقة المغرة، ونحو ٥٠ ألف فدان جنوب منخفض القطارة، و٣٠ ألف فدان فى سيوة، ما يتيح رقعة زراعية موزعة على أنحاء الظهير الصحراوى فى المنطقة، اعتمادًا على موارد المياه الجوفية ومصارف الرى المؤكدة.
وبالنسبة لمقومات التنمية السياحية، تحتوى المنطقة على العديد من الموارد الاستخراجية، التى تكفل إقامة العديد من الصناعات التى تقوم عليها، بشكل أساسى أو ثانوى، ومن أهم تلك الموارد: الحجر الجيرى متوسط وعالى النقاء، والطفلة، والبتونايت، والدولومايت، والجبس، ورمال الكوارتز، وكلها من مقومات صناعة مواد البناء.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك الملح الصخرى شديد النقاء ذى القيمة الاقتصادية العالية فى التصدير فى منخفض القطارة، فضلًا عن وجود نطاقات استكشاف واستخراج البترول عند حافة المنخفض، مع استكشافات للزيت الخام والغاز الطبيعى.
ويتضمن مخطط تنمية الساحل الشمالى الغربى، كذلك، إنشاء عدد من المدن الجديدة فى الأقاليم التنموية الواعدة، من بينها مدينة «العلمين الجديدة»، ذات الطابع البيئى العمرانى المتميز، وباكورة الجيل الرابع من المدن الجديدة فى مصر، التى تمثل أحد أهم أقطاب التنمية المتكاملة للساحل الشمالى الغربى ومنخفض القطارة، وتقام على مساحة ٨٨ ألف فدان، وتعتمد على مصادر الطاقة المتجددة، فى منطقة تم تطهيرها من الألغام.
وتتسم المنطقة بتوافر أنماط متعددة ومقومات جاذبة للسياحة الشاطئية، على طول امتداد الساحل لنحو ٤٠٠ كم من غرب الإسكندرية حتى الحدود الغربية، بطول نحو ٩٠ كم من غرب الإسكندرية حتى العلمين، ومن العلمين حتى رأس الحكمة بطول نحو ١٣٠ كم، ومن النجيلة حتى السلوم بطول نحو ١٣٠ كم، كما تضم بداخلها شرق وغرب مدينة مرسى مطروح بطول نحو ٩٠ كم.ـ
كما تتوافر بها السياحة العلاجية فى رمال واحة سيوة، والسياحة البيئية فى نطاق محميات العميد وسيوة والسلوم، فضلًا عن سياحة السفارى التى تمتد مساراتها من الصحراء البيضاء إلى الواحات البحرية عبر الكثبان الرملية بالصحراء الغربية، وصولًا إلى منطقة واحة سيوة، وعبر محاور العلمين- رأس الحكمة - سيدى برانى- السلوم.
وتزخر المنطقة، كذلك، بمقومات السياحة الثقافية والتاريخية، التى تظهر فى مقابر الكومنولث والمقبرة الإيطالية والألمانية، بعد أن شهدت ساحات ومعارك الحرب العالمية الثانية، بالإضافة إلى متحف العلمين الحربى فى العلمين، ومتحف روميل، فضلًا عن مجموعة من المقابر والمعابد الفرعونية والأثرية فى منطقة كليوباترا، وفى العمق الصحراوى فى مدينة شالى القديمة بواحة سيوة، ما يسمح بإقامة سياحة المهرجانات والاحتفالات فى تلك المناطق.