رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مثقفون فى افتتاح معرض مقتنيات أمل دنقل: نواة لمتحف.. كان شاعرًا بلا مسودة

جريدة الدستور

مخطوطات نادرة للقصائد بخط اليد، وبعض التذكارات والمقتنيات الشخصية، ورسائل وصور فوتوغرافية تُعرض لأول مرة، إضافة إلى حضور كثيف من المحبين والمثقفين والمهتمين، هذا ما تضمنه الحفل الافتتاحي للشاعر الكبير أمل دنقل، الذي افتتح معرض مقتنياته مساء أمس بمكتبة تنمية.

لم يقتصر حفل الافتتاح على المقتنيات واللوحات المُهداة من كبار الفنانين مثل "بهجت عثمان"، "صلاح عناني"، "جودة خليفة" و"مصطفى فياض"، ومخطوطات نادرة لفنان الخط العربي الراحل "حامد العويضي" فحسب، وإنما شمل كذلك كلمات المحبين ممن عاصروه، فكشف خالد لطفي، مدير مكتبة ودار نشر تنمية، عن نواة المعرض الذي بدأت فكرته من خلال مشاوراته مع زوجة الشاعر الراحل، الكاتبة الكبيرة عبلة الرويني، عن كتاب يضم تذكاراته ومسوداته وخطاباته، والذي تطور إلى فكرة المعرض.

وشمل حفل انطلاق المعرض عددا من الفعاليات، دشنها وأدارها الكاتب والشاعر سيد محمود، الذي ذكر الكثير عن حياة وأهمية الشاعر الكبير، مؤكدا أن الاحتفاء بأمل دنقل هو احتفاء بالشعر في ذاته. هذه ليلة استثنائية في الشعر والاحتفاء بالشاعر أمل دنقل. وقال إن شعر أمل دنقل في البدايات كانت الرومانسية ثم الوضع السياسي، مضيفا: "هذه الأمسية تعيد التأكيد على أن الشعر باقٍ وقادر على تجديد حضوره، هذه أمسية من أجل الشعر ولا يوجد من في مكانة أمل دنقل"، ولفت إلى أن الكثيرين عادوا إلى أشعار أمل دنقل في الحرب الفلسطينية الحالية.

فيما سردت الكاتبة عبلة الرويني تفاصيل المعرض الذي تأمل أن يكون نواة متحف بدعم مؤسسي من الدولة يصون الذاكرة الثقافية للمبدعين.

وأكدت أن المعرض نادر في تقديمه للمقتنيات، لكنها أوضحت أن فكرة المقتنيات والمخطوطات والصورة كانت ضد تكوين دنقل ومسيرة حياته.

وقالت: "على امتداد حياته كان في حالة من عدم الاستقرار، ويكاد يكون شاعرا بلا تذكارات. فقد كان يعيش ما بين صديق لآخر لبيت مؤجر، فلم يسمح له عدم الاستقرار بالاحتفاظ بمخطوطات ومسودات، وقصائده المنشورة، حتى إنه يمكن اعتبار دنقل شاعرا بلا مسودات، فقد كان تكوينه الذهني يساعده على ذلك، إذ كانت ذاكرته حديدية، فتكتمل القصيدة تمامًا في ذهنه ويطرحها. والمسودات بدأت تظهر في سنواته الأخيرة فترة المرض حين قال إنه يعمل بنصف عقل".

وأضافت: "قصيدة الخيول تكاد تكون قصيرة المسودات الطويلة، إذ كتبت خلال سنتين وكانت في فترات طويلة من التقطيع بسبب المرض".

فيما أهدت أسماء يحيى الطاهر عبدالله مفاجأة للحضور أثناء المعرض، وهي لوحتان كانت قد رسمتهما في صغرها، إذ خصت الحضور بتلك اللحظة التي جمعتها بالشاعر أمل دنقل بعد أسبوع من وفاة والدها يحيى الطاهر عبدالله، فكانت قد رسمت لوحتين وقتها، واحتفظت بهما الكاتبة عبلة الرويني لتعرضا في المتحف.

وقالت أسماء: "ليت أسماء تعلم أن أباها صعد لم يمت" التي كتبها لها الشاعر أمل دنقل بعد وفاة يحيى الطاهر عبدالله، كانت هي التي أعادت صياغة مشاعرها تجاه وفاة والدها.

وقالت: "وجودي في هذه اللحظة يستدعي علاقتي بكل الدوائر، وكأنه قدمني العالم وترك لي علاقة بيني وبين والدي".

فيما شارك الفنان صلاح عناني في الحوار بسرد علاقة الصداقة التي جمعته بالشاعر أمل دنقل ويحيى الطاهر عبد الله وعبد الرحمن الأبنودي.

وأشار عناني إلى أن أمل دنقل كان شخصا حاد الطباع لكن على الجانب الانساني رائع، كما كان هو والأبنودي ويحيى الطاهر عبدالله مدخل عناني للحياة الفكرية والثقافية.

من جانبه قال د. محمد بدوي إنه قد عادت إليه الذكريات ورائحة الشوارع والمقاهي في هذه المرحلة. مشيرا إلى أن امل دنقل اختار ان يتحصن بالمقهى بعيدا عن اي مظاهر.

وأضاف بدوي أن أمل دنقل ظل دائما بلا بيت، وقد كان شاعرا لا يقبل ان يخدع، فقد كان من القليلين الذين تلتقي لديهم الكلمة مع الموقف.

تلى هذا النقاش أمسية شعرية شارك فيها الشعراء بهاء جاهين وبروين حبيب وحبيبة الزين وعزمي عبد الوهاب، ومحمد المتيّم.

كما تضمن الحفل فقرة غنائية شارك فيها الفنان أحمد نبيل، وعزف على العود. إضافة إلى الاستماع لقصائد مسجلة بصوت الشاعر الراحل أمل دنقل.

واختتمت الأمسية بعرض فيلم تسجيلي تناول سيرة الشاعر الراحل بعنوان «حديث الغرفة ٨»، من إخراج عطيات الأبنودي.

يذكر أن أمل دنقل هو شاعر مصري ولد في أسرة صعيدية في 23 يونيو عام 1940 بقرية القلعة. كان والده عالمًا من علماء الأزهر، حصل على "إجازة العالمية" عام 1940، فأطلق اسم "أمل" على مولوده الأول تيمنًا بالنجاح الذي أدركه في ذلك العام.

فقد أمل دنقل والده وهو في العاشرة، فأصبح مسؤولًا عن أمه وشقيقيه. وأنهى دراسته الثانوية بمدينة قنا، والتحق بكلية الآداب في القاهرة لكنه انقطع عن متابعة الدراسة منذ العام الأول ليعمل موظفًا بمحكمة "قنا" وجمارك السويس والإسكندرية ثم موظفًا بمنظمة التضامن الأفرو آسيوي، لكنه كان دائم الفرار من الوظيفة لينصرف إلى الشعر.

عرف بالتزامه القومي وقصيدته الرافضة ولكن أهمية شعر دنقل تكمن في خروجها على الميثولوجيا اليونانية والغربية السائدة في شعر الخمسينات، وفي استيحاء رموز التراث العربي تأكيدًا على هويته القومية.