رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تعرف على الاختلاف بين الأرثوذكس والبروتستانت فى الأمور الكنسية

الأنبا نيقولا أنطونيو
الأنبا نيقولا أنطونيو

نشر الأنبا نيقولا أنطونيو، مطران طنطا والغربية للروم الأرثوذكس، ومتحدث الكنيسة الرسمي بمصر، ووكيلها للشؤون العربية، جزء مقتطع من كتاب "سألتني فأجبتك"، للدكتور عدنان طرابلسي، عن أبرز الخلافات اللاهوتية والعقائدية بين الأرثوذكس والبروتستانت، في الأسرار الإلهية.

وجاء فيه إنه في الأرثوذكسية، الأسرار الإلهية هي الاندماج بالنعمة الإلهية التي تنسكب بها النعمة على الإنسان فتقدّسه وتحقق فيه أعمالاً معينة بحسب السر. فلا يوجد سرٌّ كنسي بدون نعمة إلهية غير مخلوقة تحلّ على المؤمن بصورة غير منظورة وغير مفهومة ولهذا دُعيت هذه الأعمال بالأسرار. 

المعمودية ومسحة الروح القدس بالميرون المقدس وسر الشكر الإلهي:

المعمودية هي الولادة الجديدة (الثانية) وهي دفن مع المسيح وقيامة معه، وهي تجدّد الطبيعة البشرية القديمة (آدم القديم) وتلد الإنسان إلى آدم الجديد بطبيعة بشرية جديدة فيها تصير الصورة الإلهية (التي كانت مُمزَّقة ومهمّشة بالخطيئة والسقوط) متجدّدة، وبالتالي يصير المعتمد عضواً في الكنيسة (جسد المسيح) وتحلّ النعمة الإلهية فيه ويصير بالتالي جاهزاً لاستقبال ملء نِعَم الروح القدس ومواهبه التي تنسكب في المعتمد بعد مسحه بزيت الميرون المقدس بعد المعمودية مباشرة. بعد هذا يصير المعتمد أيضاً مؤهَّلاً لمناولة جسد المسيح ودمه بسر الشكر الإلهي (الأفخارستيا) تحت شكلي الخبز والخمر. اللذين بهما نغتذي بيسوع ونستقر فيه ويستقر فينا على ما قال هو نفسه له المجد (يوحنا 6).

يوجد أيضاً سر التوبة: تستطيع الكنيسة أن تغفر خطايا المسيحي بعد التوبة الصادقة بالقوة الممنوحة لها وذلك بسر التوبة. 

أيضاً توجد ثلاثة أسرار كنسية أخر: "سر الزواج"، و"سر الكهنوت"، و"سر مسحة المرضى"، بها تتمّم النعمة الإلهية غير المخلوقة أعمالاً إلهية معينة.

أما في البروتستانتية فلا توجد أسرار كنسية بالمفهوم الأرثوذكسي. لا بل على العكس، بعد انفصالها عن الكثلكة، رفضت البروتستانتية وبشدة كل الأسرار الإلهية وحاولت أن تمارس بعضها بصورة شكلية خالية من المضمون الرسولي. فأولاً بانشقاقها غير الشرعي عن الكثلكة، ظهرت البروتستانتية كحركة كنسية خالية من أي تسلسل رسولي يجمعها بكنيسة القرون الأولى (كنيسة العهد الجديد) عبر العصور. وبالتالي، لا يوجد في البروتستانتية أي كهنوت كنسي يحمل نعمة إلهية فاعلة تستطيع أن تتمّم الأسرار الكنسية؛ لأن مؤسسها راهب ليس إكليريكي مُشرطن بوضع اليد. وإن كان قد ظهر لاحقاً مبشّرون ووعاظ ومفروزون لخدمة الكلمة، إلا أن هؤلاء جميعهم تنقصهم نعمة الكهنوت التي انتقلت وتنتقل بوضع الأيدي عبر رسامات كهنوتية شرعية بدأت من يوم العنصرة وحتى يومنا الحالي. إذاً لا يوجد كهنوت في البروتستانتية ولا مراتب كهنوتية كالتي نراها في العهد الجديد وكنيسة القرون الأولى (الـ 300 سنة الأولى). 

من هنا نفهم لماذا لا توجد أسرار كنسية في الفرق البروتستانتية، وإن كان يوجد أشباه أسرار ظاهرياً لكنها لا تماثل الأسرار الكنسية الأرثوذكسية (أو الكاثوليكية). فمثلاً في البروتستانتية:

المعمودية هي مجرد رمز لانضمام المؤمن إلى الكنيسة ولقبوله المسيح مخلصاً شخصياً، وبالتالي لا تنقل مفاعيل النعمة الإلهية الموجودة في المعمودية الأرثوذكسية (أو الكاثوليكية). فالمعمودية في البروتستانتية لا تلد الإنسان في المسيح ولا تغفر الخطايا.

سر الشكر الإلهي، البروتستانتية تمارس شكلاً خارجاً رمزياً سر الشكر الإلهي حيث تقدّم لأعضائها خبزاً وخمراً مرة أو أكثر في السنة (وليس كل أحد) كرمز لجسد المسيح ودمه وليس كجسد المسيح ودمه الفعليين. لهذا ما يتناوله البروتستانت هو مجرد خبزٍ وخمرٍ، بينما ما يتناوله المؤمنون في أعضاء الكنائس الرسولية هو جسد المسيح ودمه الفعليان. 

 مسحة الروح القدس بالميرون المقدس لا توجد في البروتستانتية، ولا سر التوبة أو مسحة المرضى بالشكل المعروف في الأرثوذكسية. وتعتبر البروتستانتية الزواج عقداً شرعياً قانونياً بين العريس والعروس يتم بشهادة الكنيسة، ولا علاقة له بالروح القدس أو بسر الكهنوت الذي بواسطته يتم هذا السر في الكنيسة الأرثوذكسية.

بالإضافة إلى هذا، توجد العديد من النقاط الأخرى التي لا يسعها المقام هنا، مثل: "مفهوم الخلاص"، "الاختطاف"، "الدينونة"، "شفاعة القديسين"، و"الإيمان بالأعمال حصراً". 

البروتستانتية تعتمد مبدأ التفسير الحرّ الفردي. أي تجعل العقل هو الحكم. كل مفسّر وفق هواه. الأرثوذكسية كنيسة ألفي سنة من التواصل الموحد بالروح القدس أستاذها. لم تظهر في العام كذا. للباقين تواريخ ظهور: آريوس، نسطوريوس… لوثر… راسل…