رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اليوم.. الكنيسة اللاتينية تحتفل بذكرى القدّيس يوحنّا بوسكو الكاهن

الكنيسة اللاتينية
الكنيسة اللاتينية

تحتفل الكنيسة اللاتينية بذكرى القدّيس يوحنّا بوسكو الكاهن، الذي ولد في إقليم طورينو عام 1815. كانت طفولته صعبة. فلما سيم كاهناً اهتم بشؤون الشباب وأسَّس رهبنة لذلك، ولتعليم الشباب العلوم والمهن. وتُعرفُ اليوم برهبنة السالزيان، أو الرهبنة السالسية (نسبة الى القديس فرنسيس السالسي شفيع الرهبنة). توفي عام 1888.

العظة الاحتفالية

وبهذه المناسبة ألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها: لقد أحبّ القدّيس يوسف الرّب يسوع كما يجبّ الأب ابنه. اهتمّ به وأعطاه أفضل ما لديه. اعتنى يوسف بهذا الطّفل كما أُمِر وجعل منه حِرفيًّا ماهرًا، إذ نقل إليه حرفة النّجارة. لذلك كان أهل الناصرة يقولون عن الرّب يسوع أنّه "النّجّار" و"ابن النّجّار".

كان الرّب يسوع يشبه إلى حدّ بعيد يوسف في طبعه وطريقة عمله وكلامه. فإنّ واقعيّته وحسّ الملاحظة لديه وطريقة جلوسه حول المائدة ومشاركته الخبز، بالإضافة إلى طريقته الخاصة في عرض أفكاره بطريقة ملموسة مستعينًا بأمثال من الحياة اليوميّة، تظهر لنا بوضوح ما كانت عليه طفولة الرّب يسوع وشبابه، ونوعية علاقته مع القدّيس يوسف. يا لعمق هذا السرّ! فيسوع هذا، الإنسان الذي تكلّم لغة منطقة محدّدة من إسرائيل ويشبه حرفيًّا يدعى يوسف، هو ابن الله حقًّا. لكن من يستطيع أن يعلّم الله شيئًا؟ لذلك هو إنسانٌ حق، وقد عاش حياة طبيعية: فكان أولاً طفلاً، ثم شابًا يساعد القديس يوسف في محترفه وأخيرًا رجلاً ناضحًا: "كانَ يسوعُ يَتسامى في الحِكمَةِ والقامَةِ والحُظْوَةِ عِندَ اللهِ والنَّاس".

لقد كان القدّيس، يوسف على الصعيد البشريّ، معلمَ الرّب يسوع. لقد أحاطه بعاطفة كبيرة واعتنى به بتفان. أليس هذا السبب كفيلاً بأن يجعل منه "رجلاً بارًا"  ومعلمًا للحياة الداخلية إذ فيه بلغ إيمان العهد القديم ذروته؟.

إنّ الحقيقة التي تقضي بأن الإنسان يشارك من خلال عمله في عمل الله خالقه، قد تمّ إبرازها بنوع خاص من قبل الرّب يسوع المسيح حيث كان الكثير من مستمعيه الأولين "قد دَهِشوا" في الناصرة وكانوا يقولون: "مِن أَينَ لَه هذِه الحِكمةُ وتِلكَ المُعجِزات؟ ... أَلَيسَ هذا ابنَ النَّجَّار؟".

في الواقع، كان الرّب يسوع يبشّر بالإنجيل، كلمات الحكمة الأبدية، الذي أوكل إليه وبالأخص يضعه موضع التنفيذ أولاً. لهذا السبب، كان الأمر يتعلق حقا "بإنجيل العمل" لأن من بشّر به كان هو نفسه عاملا، حرفيًا على غرار يوسف الناصري. حتى وإن لا نجد في كلام الرّب يسوع المسيح أمرًا خاصا لمزاولة العمل - أو بالأحرى هناك مرة واحدة نهى فيها عن الانشغال المفرط بالعمل وبوسائل العيش – غير أنّ لحياته في هذا المجال بلاغة لا ريب فيها: إنه ينتمي إلى عالم العمل؛ إنه يقدّر ويحترم عمل الإنسان. ويمكننا قول المزيد: إنه ينظر بحبّ إلى هذا العمل وأوجهه المختلفة، مشاهدًا في كل واحد منها طريقة خاصة في إبداء شبه الإنسان بالله الخالق والأب.   

أليس هو من يقول: "أَبي هوَ الكَرَّام"؟... في أمثاله عن ملكوت الله، يشير الرّب يسوع المسيح باستمرار إلى العمل: عمل الرّاعي والفلاّح والطّبيب والزّارع وسيّد المنزل والخادم والمدبّر والصيّاد والتّاجر والصّانع. يتكلم أيضا عن مختلف أعمال النساء. ويقدّم العمل الرّسولي على أنه على صورة عمل الحصّادين أو الصيّادين اليدوي... [ها هو] إنجيل العمل، الكبير على الرغم من أنه خفّي، الذي نجده في حياة الرب المسيح وأمثاله، في ما "عَمِلَ يسوعُ وعلَّم".