رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أقذر جرائم الإنسانية».. «الدستور» تحقق: كيف أنشأت إسرائيل أكبر بنك جلود بشرية فى العالم من جثامين الفلسطينيين؟

مقبرة جماعية للفلسطينيين
مقبرة جماعية للفلسطينيين

فى الوقت الذى يواجه فيه الشعب الفلسطينى حصارًا خانقًا وعدوانًا متواصلًا من الاحتلال الإسرائيلى، يتعرض شهداؤه لانتهاكات أخرى لا تقل بشاعة عن جرائم القتل والتدمير، تمثلت فى سرقة أعضائهم والتمثيل بجثامينهم، واتهمت السلطات الفلسطينية فى قطاع غزة جيش الاحتلال بسرقة أعضاء من جثامين ٨٠ شهيدًا، كان الاحتلال قد استولى عليها سابقًا خلال اقتحامه عددًا من المستشفيات فى القطاع.

وفى يوم ٢٦ ديسمبر الماضى، سلّم الاحتلال مستشفى الشهيد أبويوسف النجار فى رفح ٧٠ كيسًا بلاستيكيًا مليئة بجثث الشهداء المُشوَّهة، التى سبق واستولى عليها، عبر معبر كرم أبوسالم، بعد التنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وحسب مصادر رسمية وحقوقية، كانت هذه الأكياس تحتوى على جثث كاملة أو نصفية أو ممزقة بالكامل، ولم يتم تحديد عددها أو هويتها بدقة؛ بسبب تعنت الاحتلال ورفضه تقديم أى معلومات عنها، وتم دفن هذه الجثث مجهولة الهوية فى مقبرة جماعية فى رفح.

وكشف مدير مستشفى الشهيد أبويوسف النجار، الدكتور مروان الهمص، وهو أحد الأطباء الذين أجروا فحصًا سريعًا لبعض الجثث بعد إعادتها، عن أن الجثث كانت مغطاة بالرمال والديدان، وأن الطواقم الطبية لم تستطع فتح الأكياس فى المستشفى، ونقلتها مباشرة إلى المقبرة، مضيفًا: «وجدنا أن بعضها مقطوعة الرأس أو متفحمة أو متحللة، والجثث كانت متنوعة فى البشرة والجنس والعمر، وبينها أطفال ونساء وشيوخ».

وأعطى الاحتلال الأكياس أرقامًا، ووثقت لجنة الصليب الأحمر هذه الأكياس والجثث بالفحص والتصوير، ومنحتها أرقامًا خاصة قبل الدفن، فى ظل وجود شواهد وسوابق تثبت ارتكاب الاحتلال جريمة سرقة الأعضاء أو أجزاء من جثث الشهداء، حسبما أفادت به جهات فلسطينية رسمية ومنظمات حقوقية.

جثامين الفلسطينيين الذي سرق الاحتلال أعضائهم

«الدستور» تحقق فى هذه الجريمة البشعة لمعرفة الهدف الذى يريد الاحتلال الوصول إليه جراء سرقة أعضاء الشهداء، وكيف يستخدمها، وما الجهات التى تساعده فى تلك الجريمة.

أحمد عرابى: الاحتلال «يسلخ» جلود الشهداء ويستخدمها فى علاج السرطانات

كشف الدكتور أحمد عرابى، إخصائى جراحة التجميل والحروق فى مستشفى ناصر جنوب غزة، عن الدور الخطير لكليات الطب داخل الجامعات الإسرائيلية فى هذه الجريمة، التى تستخدم أعضاء الشهداء الفلسطينيين فى البحث العلمى والتجارب الطبية، وتنشر نتائجها فى مجلات علمية دون ذكر مصدر الأعضاء.

وأشار إلى دور بنك الجلد الإسرائيلى، الذى يخزن جلد الشهداء الفلسطينيين لاستخدامه فى معالجة الحروق والسرطانات الجلدية، ويتعاون مع شركات دولية للتجارة غير القانونية فى الجلد البشرى.

وأضاف: «تمنح الحكومة الإسرائيلية، أيضًا، الضوء الأخضر لممارسة هذه الجرائم، وتحمى المتورطين فيها، وتستخدم جثامين الشهداء كورقة مساومة للضغط على الفصائل الفلسطينية، للتفاوض على صفقة تبادل مع أسرى إسرائيليين، ولكن الأكثر إجرامًا من ذلك هو تورط بعض الشركات والمؤسسات الأمريكية والأوروبية فى الاتجار بأعضاء جثامين الشهداء مع إسرائيل».

«مقابر الأرقام» الذي يحتجز الاحتلال جثامين الفلسطينيين بها

وأشار إلى تورط شركة «نيو جينيكس»، وهى شركة أمريكية متخصصة فى زراعة الأعضاء، والتى اتهمت فى السابق بشراء أعضاء مسروقة من جثامين فلسطينيين وعراقيين وصوماليين وغيرهم من المتوفين فى الدول النامية، وبيعها للمرضى الأمريكيين والأوروبيين، وهذه الشركة مقرها فى نيويورك، وتأسست فى عام ٢٠١٩، وتقدم خدمات زراعة الأعضاء للمرضى الذين يعانون فشل الأعضاء أو نقصها.

وتابع: «تعتمد شركة (نيو جينيكس) على شبكة من الموردين والوسطاء الذين يتولون شراء أو سرقة أو تهريب أعضاء بشرية من الفقراء أو اللاجئين أو ضحايا الحروب، وتصديرها إلى الولايات المتحدة أو أوروبا، كما تواجه اتهامات من منظمات حقوقية وطبية بالمشاركة فى تجارة غير قانونية وغير أخلاقية بالأعضاء البشرية، والاستفادة من المعاناة والاضطهاد والاستغلال الذى تتعرض له الشعوب فى الدول النامية».

ونوّه أيضًا إلى تورط شركة «بيونيكس» الفرنسية، والمتخصصة فى تصنيع الأعضاء الاصطناعية، والتى تم اتهامها بالتعاون مع الجامعات الإسرائيلية، واستخدام أعضاء مسروقة من الفلسطينيين فى البحث والتطوير لمنتجاتها، مبينًا أن لدى إسرائيل تاريخًا طويلًا فى احتجاز جثث القتلى الفلسطينيين، إذ تحتجز رفات المئات من الفلسطينيين فى مشارحها ومقابرها القريبة من الحدود الأردنية، حيث تحتفظ بهم فى درجات حرارة تصل إلى ما دون التجمد.

والدة الشهيد ناصر أبوحميد: أريد عودة جثمان ابنى حتى لو كان «خاويًا»

من بين الجثامين التى يحتجزها الاحتلال الإسرائيلى داخل الثلاجات والمقابر السرية، جثمان الأسير الفلسطينى ناصر أبوحميد، الذى تواصلت «الدستور» مع والدته السيدة «خنساء»، فقالت إن ابنها اُعتقل للمرة الأولى فى عام ١٩٨٧، وحينها قضى ٤ أشهر فى زنزانة ضيقة، لكنه خرج منها أقوى، وأصر على مواصلة المقاومة.

وأضافت والدة الشهيد: «اعتقل مرات عديدة بعد ذلك، حتى حُكم عليه بالسجن المؤبد، ولم تكن السجون كفيلة بكسر إرادته، فحتى وهو يعانى مرض السرطان لم يستسلم للتعذيب والإهمال الطبى، وظل صامدًا ومتفائلًا».

وواصلت: «لم يكن ابنى (ناصر) وحيدًا فى هذا الطريق، فإخوته الأربعة كانوا رفاقه فى السجن والجهاد، ٣ منهم اعتقلوا فى (انتفاضة الأقصى)، وحُكم عليهم بالسجن المؤبد أيضًا، وصولًا إلى شقيقه الرابع (إسلام)، الذى تم أسره بعد ذلك».

وأكملت: «فى ٢٠ ديسمبر ٢٠٢٢ استشهد (ناصر) فى مستشفى إسرائيلى، بعد أن خضع لعمليات جراحية مؤلمة لإزالة ورم فى رئته، لكن العدو حرمنى من رؤية جثمانه ووداعه، وأبقاه رهينة فى ثلاجات الموت حتى يومنا هذا.. أنتظر بفارغ الصبر يوم عودة جثمانه إلى حضنى، حتى ولو كان خاويًا من الأعضاء».

والدة الشهيد الفلسطينى ناصر أبوحميد

«هيومن رايتس ووتش»: الاحتلال يحتجز جثامين أسرى منذ 1967

تحدث أحمد بن شمسى، مدير التواصل والمرافعة فى قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة «هيومن رايتس ووتش»، عن الأزمة الإنسانية التى يواجهها الأسرى الفلسطينيون فى السجون الإسرائيلية، والانتهاكات التى ترتكبها إسرائيل بحقهم.

وقال «بن شمسى»: «الأسرى الفلسطينيون تعرضوا لظروف اعتقال مزرية وممارسات قمعية متصاعدة منذ بداية ٢٠٢٣، ثم بعد الهجوم الذى شنته حركة (حماس) على إسرائيل فى ٧ أكتوبر الماضى، فهم يكتظون داخل أماكن ضيقة، ويعانون نقصًا فى الموارد الأساسية، إلى جانب الإهمال الطبى المتعمد، ما يهدد حياتهم وصحتهم».

‎وانتقد مسئول المنظمة الحقوقية الدولية ما يسمى قانون «المقاتلين غير الشرعيين»، الذى يسمح لإسرائيل باعتقال أى شخص من قطاع غزة دون توجيه اتهامات رسمية أو تحديد موعد للإفراج عنه، مضيفًا: «هذا القانون ينتهك حق المعتقلين فى المحاكمة العادلة والحماية القانونية، ويعتمد على معلومات سرية لا يمكن للمعتقل أو محاميه الاطلاع عليها».

‎واستنكر، كذلك، عدم توفير الرعاية الصحية الكافية للسجناء الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن المنظمة وثقت تطبيق إسرائيل سياسة إهمال طبى ممنهج ضد الأسرى، ما يعرضهم إلى الموت البطىء، وهذا يشكل انتهاكًا للقانون الدولى الإنسانى، الذى يُلزم إسرائيل بتقديم الرعاية الطبية اللازمة للسجناء واحترام كرامتهم.

‎وأدان إقدام إسرائيل على احتجاز جثث الأسرى الفلسطينيين الذين توفوا فى السجون، بشكل غير قانونى، داخل ثلاجات، ومنع عائلاتهم من دفنهم، موضحًا أن إسرائيل تحتفظ حاليًا بعشرات الجثامين لأشخاص توفوا خلال أسرهم، بعضهم منذ عام ١٩٦٧، مطالبًا إياها بإعادة هذه الجثامين إلى ذويهم، والسماح لهم بإجراء مراسم الدفن اللائقة.

أحمد بن شمسى، مدير التواصل والمرافعة بمنظمة «هيومن رايتس ووتش»

عاصم قرعان: شبكة سرية للاتجار المحرم.. والبيع لأغراض طبية أو تجارية

قال عاصم قرعان، أستاذ القانون الجنائى فى رام الله، إن الاحتلال الإسرائيلى يستفيد من الحروب والاعتداءات على غزة والضفة الغربية لزيادة الاحتياطى الخاص به من الجلود والأعضاء، وذلك من خلال نبش المقابر، واقتحام المستشفيات والممرات الإنسانية لاختطاف الجثث.

وأضاف «قرعان»: «بعد جمع الجثامين، يستخدم الاحتلال أساليب وتقنيات متطورة لتحويل الجلود والأعضاء إلى منتجات طبية، ويخفى مصدرها ومنشأها عن الجهات الرقابية والمستهلكين، وتبيعها فى السوق السوداء للدول الغربية والعربية بأسعار مرتفعة».

وواصل: «إسرائيل تمتلك أكبر بنك جلود بشرية فى العالم، وهو منشأة طبية تُخزَن الجلود البشرية لاستعمالها لاحقًا فى معالجة الحروق والسرطانات الجلدية والجراحات التجميلية».

وأكمل: «تحصل إسرائيل على جزء كبير من مخزونها من الجلود البشرية من سرقة جثث الشهداء الفلسطينيين، وتدعى أنها تحصل على هذه الجلود من متبرعين طوعيين، أو من ضحايا الحوادث والجرائم، كمحاولة لإظهار نفسها كدولة رائدة فى مجال الطب والبحث العلمى».

وكشف «قرعان» عن طرق عمل السوق السوداء لتجارة جلود الفلسطينيين فى إسرائيل، مشيرًا إلى وجود شبكة سرية وغير قانونية تعمل على سرقة واستغلال وبيع جلود الشهداء الفلسطينيين، سواء لاستخدامها فى البحث العلمى والتجارب الطبية فى الجامعات والمختبرات الإسرائيلية، أو التجارة الاقتصادية بشكل مباشر.

جثامين الشهداء الفلسطينيين

وتابع أستاذ القانون الجنائى: «مختبرات المعامل الطبية متورطة فى الاتجار بجلود الفلسطينيين، وأبرزهم معهد الأبحاث الطبية الإسرائيلى (IMRIC)، وهو مركز بحثى تابع لجامعة القدس، ويعنى بالبحوث الطبية والجزيئية والجينية، وأيضًا مختبر الجلود البشرية (HSL)، وهو مختبر تابع لمستشفى رمبام الطبى، ويعنى بتخزين وتوزيع الجلود البشرية لعلاج الحروق والجراحات التجميلية، ومختبر الأنسجة والخلايا المرضية (HCL)، وهو مختبر تابع لمستشفى شيبا الطبى، ويعنى بتحليل وتشخيص الأنسجة والخلايا المصابة بالأمراض».

واختتم بقوله: «إسرائيل تتجاهل القوانين والمعايير الدولية والإنسانية والأخلاقية التى تحظر سرقة واستغلال الجثث البشرية، وتحصل على الحماية والدعم من الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى، التى تدعمها ماديًا وسياسيًا، وتشترى منها الجلود البشرية، أو تقدم لها الخبرات والتقنيات الطبية، لدراسة خصائص ووظائف الجلد البشرى، وتطوير طرق جديدة لعلاج الحروق والسرطانات الجلدية والجراحات التجميلية».

يوسف الطويل: مستشفيات الصهاينة اعترفت بانتزاع قرنيات وصمامات قلب وعظام من الجثامين

قال يوسف الطويل، الباحث الفلسطينى فى معهد البحوث والدراسات العربية، إن الاحتلال الإسرائيلى يمارس جريمة مروعة ضد شهداء فلسطين، من خلال سرقة الأعضاء من جثامينهم، وهذا ما تم توثيقه فى العديد من التقارير الحقوقية.

وقال: «طالبنا كثيرًا بإنشاء لجنة تحقيق دولية مستقلة للتحقيق فى هذه الجريمة ومحاسبة المسئولين عنها، كما تم رصد حالات عديدة من احتجاز الجيش الإسرائيلى جثث الشهداء فى مستشفيات غزة، ونبشه مقبرة جماعية فى مستشفى الشفاء، واستخراجهم أعضاء منها».

وأضاف: «هذا ليس أمرًا جديدًا على الاحتلال الصهيونى، فقد سبق أن كشفت وسائل إعلام وأفلام أجنبية عن ممارسة إسرائيل سرقة أعضاء الشهداء فى حروب سابقة، واعترف بها مدير معهد الطب الشرعى الإسرائيلى السابق يهودا هيس، الذى قال: لقد أخذنا القرنيات والجلد وصمامات القلب والعظام من جثث الشهداء الفلسطينيين».

وأشار إلى الدراسة الأنثروبولوجية للباحثة مئيره فايس، التى كانت تعمل بالمركز الوطنى للطب الشرعى فى أبوكبير بتل أبيب، وكشفت كيف يتم التعامل مع أجساد الفلسطينيين داخل المركز، حيث يتم نزع أعضاء منها، فضلًا عن سرقة جلود وأنسجة الشهداء دون أى مراعاة لحقوقهم الإنسانية، بينما يتم الحفاظ على جثث الجنود الإسرائيليين سالمة.

وأكمل: «من المعروف أن إسرائيل تملك أكبر بنك جلود فى العالم، وهو مرفق طبى يخزن الجلود البشرية لاستخدامها فى علاج الحروق والأمراض الجلدية، تحت إشراف الطب العسكرى الإسرائيلى، وهذا يدل على مدى الوحشية والاستغلال الذى يمارسه الاحتلال ضد الشعب الفلسطينى».

يوسف الطويل، الباحث الفلسطينى فى معهد البحوث والدراسات العربية

جهاد أبولحية: يحتفظون بالجثث فى مقابر سرية ويجبرون الأهالى على دفنها دون تشريح

قال الدكتور جهاد أبولحية، أستاذ القانون والنظم السياسية الفلسطينى، إنه منذ نشأة دولة الاحتلال وهى لم تتوقف يومًا عن ارتكاب الجرائم بحق الشعب الفلسطينى، مضيفًا: «لا يزال مسلسل الإجرام الإسرائيلى مستمرًا، وما نشاهده فى قطاع غزة منذ أكثر من ٣ أشهر هو تأكيد على السلوك الإجرامى لدولة الاحتلال، التى تتنوع جرائمها بين جرائم إبادة جماعية وضد الإنسانية وجرائم حرب». 

وأوضح «أبولحية»، فى حديثه مع «الدستور»، أن من ضمن الجرائم التى ترتكبها إسرائيل هى سرقة الأعضاء البشرية، سواء من مئات الجثامين التى تحتفظ بها داخل مقابر سرية لا يعرف مكانها إلا الجيش الإسرائيلى، أو من جثامين الفلسطينيين الذين تم التحفظ عليهم لسنوات طويلة، وفق ما تشير عدة تقارير لمؤسسات دولية.

وأضاف: «يفرض الاحتلال إجراءات صارمة وسريعة حينما يُفرج عن هذه الجثامين، من بينها إجبار أهالى أصحابها على دفنها فى الليل فور التسلم، ودون فتح الأكفان، ما يمنعهم من التوجه إلى الطب العدلى لتشريح الجثث وإظهار جريمة سرقة الأعضاء البشرية للشهداء، وإضافة لذلك فإن الاحتلال يتحفظ على هذه الجثامين فى درجات حرارة منخفضة للغاية، بحيث لا يسمح للطب العدلى بالوصول إلى نتيجة إذا ما تمت عملية التشريح».

 جهاد أبولحية، أستاذ القانون والنظم السياسية الفلسطينى

نور حلمى: «جفعت هرتسل» و«بنك الجلود» تُرتكب فيهما أبشع الجرائم 

كشفت الدكتورة نور حلمى، باحثة متخصصة فى الشأن الإسرائيلى، عن أن تورط الاحتلال فى سرقة الجلود والأعضاء البشرية من جثامين الفلسطينيين يعود إلى تاريخ نشأة «المركز الوطنى للطب الشرعى»، المعروف باسم «جفعت هرتسل»، الذى تأسس عام ١٩٥٤، بهدف «فحص الجثث لتحديد هويتها المتعلقة بأغراض الطب الشرعى والتحقيقات الجنائية».

وأضافت الباحثة: «طور المركز عمله فى الثمانينيات، عندما أنشأ وحدة (أنثروبولوجيا الطب الشرعى) المسئولة عن فحص الرفات، لتحديد الجثث مجهولة الهوية، وأعقب ذلك إنشاء وحدة (الطب الشرعى الوراثى) فى التسعينيات، لتحديد الحمض النووى وهوية الأفراد والعلاقات بين الإثنيات وغيرها من الدراسات».

وأشارت إلى أن هذا المركز يتبع وزارة الصحة الإسرائيلية، وكلية الطب بجامعة تل أبيب، أما إداريًا فهو يتبع مستشفى «هداسا» بالقدس، مضيفة: «فيه تم تشريح العديد من الجثامين فى القضايا الكبرى، من بينها جثمان رئيس حكومة إسرائيل الأسبق، إسحاق رابين، كما أنه تورط بالتعاون مع (بنك الجلود الإسرائيلى) فى العديد من الفضائح».

الدكتورة نور حلمى، باحثة متخصصة فى الشأن الإسرائيلى

وأفادت بأن «الحاخامات» وافقوا على إنشاء «بنك الجلود الإسرائيلى» عام ١٩٨٥، التابع للقطاع الطبى بالجيش الإسرائيلى، على غرار «بنك الجلود الأمريكى»، بهدف استخدام الجلود البشرية فى علاج الحروق والإصابات، وكان من المفترض أن تُجمع هذه الجلود من خلال التبرع، لكن إسرائيل تحتل المرتبة الثالثة عالميًا فى رفض سكانها التبرع بجلودهم وأعضائهم، حتى ولو لأغراض علمية وتجارب طبية، بسبب تحريم ذلك فى الديانة اليهودية، متابعة: «(بنك الجلود الإسرائيلى) يمتلك ما يزيد على ١٧٠ مترًا مربعًا من الجلد، فما مصدرها إذن؟».

وأشارت إلى أنه وفقًا لمبدأ «الحياد الطبى»، يتعين على الطواقم الطبية توفير الرعاية لمن يحتاجها، بغض النظر عن معتقداتهم السياسية والأيديولوجية، وعلى الرغم من ذلك ثبت تورط وزارة الصحة الإسرائيلية وجيش الاحتلال، بصفتهما الجهتين التابع لهما كل من «بنك الجلود الإسرائيلى» و«المركز الوطنى للطب الشرعى»، فى سرقة جثامين الفلسطينيين من مجمع «الشفاء الطبى» فى غزة، خلال نوفمبر ٢٠٢٣، وهو ما حدث كثيرًا فى السابق.

جثامين الشهداء الفلسطينيين