إبادة عرقية.. الاحتلال يخطف رضع الفلسطينيين ويستخدمهم في المجهول
لم يكتف الاحتلال الإسرائيلي بقتل آلاف الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني، حتى لجأ إلى خطف الرضع ليستكمل بذلك تسطير أعماله الإبادية في حق هذا الشعب الفلسطيني وأطفاله الأبرياء.
اختطاف رضيعة
وهو الأمر الذي أوضحته الواقعة الأخيرة، عندما كشف أحد أصدقاء جندي إسرائيلي بأنه اختطف رضيعة من غزة وأرسلها إلى منزله، ثم مات عقب ارتكابه جريمته، وهو الأمر الذي أكدت الخارجية الفلسطينية أنه يعمق القناعة بارتكاب جيش الاحتلال أفظع جرائم الإبادة والتنكيل والقتل المباشر والاختطاف بحق المدنيين العزل في قطاع غزة، دون حسيب أو رقيب، والتي كشف جزء منها وبقيت أجزاء أخرى كثيرة لم تُعرف حتى اللحظة”.
وتساءلت الخارجية باستنكار قائلة: «لماذا لم يتم الإعلان عن هذه الجريمة من قبل المؤسسات الرسمية الإسرائيلية؟ وأين توجد الرضيعة الآن وما هو مصيرها؟».
وأوضحت كذلك أن هذه الفعلة تثير تساؤلات أيضًا بشأن الطريقة التي تم بها نقل الرضيعة من قطاع غزة إلى داخل إسرائيل، وكيف تم تهريبها أو نقلها بشكل علني بمعرفة عديد الجنود والضباط والقادة المسئولين عن هذا الجندي؟
كما تسائلت الخارجية الفلسطينية عن الوضع الصحي للطفلة وهل كانت مصابة أم لا وما هو مصير أسرتها؟ كما هل تلقت هذه الطفلة الرعاية الصحية اللازمة أم لا؟ ولماذا لم يتم الإعلان عن هذه الجريمة من قبل المؤسسات الرسمية الإسرائيلية؟ وأين توجد الآن وما هو مصيرها؟”.
وأشارت إلى أن الأمر يثير في ذات الوقت، عددًا من الأسئلة تتعلق بهذه الجريمة المؤلمة وغيرها، خاصة بعدم وجود تأكيدات بأنها ليست الأولى وقد لا تكون الأخيرة التي تحدث في قطاع غزة.
الأورومتوسطي يرصد خطف الأطفال
شكوك الخارجية الفلسطينية عززتها تصريحات المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان التي عبّر فيها عن خشيته وقلقه البالغ بألا تكون حادثة الضابط والطفلة الفلسطينية حالة منفردة، مؤكدًا أن هناك العديد من الشهادات التي تلقاها والتي تشير إلى قيام الجيش الإسرائيلي بشكل متكرر باحتجاز ونقل أطفال فلسطينيين دون معرفة مصيرهم لاحقًا، وأشار أيضًا إلى البلاغات المتكررة التي يتابعها وترده من عائلات فلسطينية فقدت اتصالها بأطفالها، لا سيما في المناطق التي تشهد توغلات برية إسرائيلية.
وأكد المرصد أنه ينظر بخطورة بالغة إلى ما أوردته إذاعة الجيش الإسرائيلي بتاريخ 1/1/2024، عن إقدام هذا الضابط الإسرائيلي والذي يدعى “هارئيل إيتاح” وهو يشغل منصب قائد فرقة في لواء جفعاتي التابعة للجيش على خطف الرضيعة الفلسطينية من داخل منزلها في قطاع غزة، وذلك بعد مقتل أفراد عائلتها في غارة إسرائيلية، دون تحديد تاريخ الواقعة.
وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إسرائيل بتسليم أطفال فلسطينيين نقلهم الجيش الإسرائيلي قسرًا إلى خارج قطاع غزة مؤكدًا أن ذلك يعد شكل آخر لجريمة الإبادة الجماعية المتواصلة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
كما حث الأورومتوسطي المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته إزاء الجريمة المريعة التي تقوم بها إسرائيل نحو أطفال غزة بخطفهم.
من جهة أخرى، ذكر المرصد في هذا السياق شهادة المعتقل المفرج عنه رشدي الظاظا الذي اعتقله الجيش الإسرائيلي وعائلته قبل شهر من منزله في حي الزيتون جنوب مدينة غزة، والذي تم الإفراج عنه مؤخرًا بينما بقي مصير زوجته وطفليه مجهولا.
إذ كان قد أوضح "الظاظا" أن الجيش الإسرائيلي اعتقله مع زوجته “هديل يوسف الدحدوح”، وطفليهما، أحدهما “زين” بعمر 6 أشهر، والآخر “محمد” 4 سنوات، من داخل منزلهما.
وتابع أن الجنود انتزعوا الطفلين من حضن والدتهما وعندما اعترضت قيدوها، ثم اقتادوها معها بعد أن نزعوا حجابها، بينما تم فصلهم عن بعضهم ولاحقًا وبعد أسابيع أفرجوا عنه دون أن يعلم شيئا عن مصير زوجته وطفليه.
كما أضاف الظاظا أن الجيش الإسرائيلي ادعى عند خطف طفليه أنه سيجري تحليلًا للطفلين بدعوى أنهما يحتمل أن يكون من الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة.
كما أوضح الأورومتوسطي أنه قد تلقى شهادة أخرى من سيدة فلسطينية بأنه وخلال نزوحها من غزة إلى جنوب الوادي، عبر حاجز نتساريم قبل أسابيع، أوقف الجنود الإسرائيليون طفلة بعمر 12 عامًا شقراء الشعر، وأن والديها حاولا اعتراض الأمر، إلا أنها سمعت الجنود يقولون لهما أن هذه الطفلة سيأخذونها بدعوى أنها من المحتجزين الإسرائيليين، وذلك على الرغم من أنها كانت تتحدث باللغة العربية ومعها والديها، مضيفة أنها واصلت المسير ولم تعرف ما حدث مع الطفلة أو والديها.
وفي هذا الصدد شدّد المرصد الأورومتوسطي على أن ارتكاب هذه الجريمة يعد أمرًا محظورًا بموجب القانون الدولي في جميع الأحوال والظروف، وبغض النظر عن دوافعها أو أسبابها.
وأكد الأورومتوسطي أنه يتابع باستمرار بلاغات وإعلانات ينشرها أهالي نزحوا من شمال غزة، أو مناطق التوغل في خانيونس، عن فقدان أطفال لهم، خلال عملية النزوح أو بعد قصف منازل لهم، ويجري نشر هذه البلاغات على مواقع التواصل الاجتماعي وفي مجموعات واتساب خاصة بالنشطاء والصحفيين على أمل العثور عليهم.
وأشار الأورومتوسطي إلى أنه لا يوجد إحصاء دقيق لعدد المعتقلين الفلسطينيين من غزة حتى الآن غير أن تقديرات أولية تشير إلى تسجيل أكثر من 3 آلاف حالة اعتقال، بينهم لا يقل عن 200 امرأة وطفل، كما أنه لا يوجد أي معلومات رسمية سواء عن مواقع احتجازهم، أو الظروف والتهم الموجهة لهم، وذلك في انتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي.
كما طالب الأورومتوسطي المجتمع الدولي بإلزام إسرائيل بتسليم الطفلة التي أقر الضابط الإسرائيلي باختطافها، ولا يعرف مصيرها ولا مكانها حتى الآن، وكذلك الكشف عن كافة حالات الخطف والنقل القسري التي ارتكبت ضد أطفال فلسطينيين، وتسليمهم فورا.
كما طالب بالعمل فورًا على إنهاء حالة الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري لمئات المعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة ليتمكن السكان من معرفة مصيرهم.
ونبه إلى أن الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري سنة 2006 والتي دخلت حيز التنفيذ، ابتداء من عام2010، تُلزم الدول باعتبار الاختفاء القسري جريمة يعاقب عليها القانون بعقوبات مناسبة، تأخذ في الاعتبار خطورتها البالغة.
وتؤكد الاتفاقية، أن الاختفاء القسري جريمة ترقى إلى مستوى “الجرائم ضد الإنسانية”، إذا ما تمَّت ممارستها على نطاق واسع أو بطريقة ممنهجة، وهو الأمر الذي تفعله قوات الجيش الإسرائيلي حاليا في المناطق التي تتوغل فيها في قطاع غزة حيث اعتقلت الآلاف، وتواصل احتجاز ما لا يقل عن 3 آلاف شخص مصيرهم مجهول ولا يوجد أي معلومات عنهم.