رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سنة مصر والبريكس الأولى

رسميًا، بدأت أمس الإثنين، الأول من يناير ٢٠٢٤، عضوية مصر، وأربع دول شقيقة وصديقة، فى تجمّع الـ«بريكس»، الذى يضم أبرز الاقتصادات الناشئة، الصاعدة، والأكثر نموًا، والذى كنا قد أوضحنا، فى مقال سابق، أن توسيعه سيؤدى إلى تعزيز إمكاناته وقدراته وأوزانه الاقتصادية والسياسية، وإعلاء صوت دول الجنوب إزاء مختلف القضايا والتحديات التنموية، وإحياء مبادرات عديدة، جرى الإعلان عنها، منذ سنوات، وقد تُحدث تحوّلًا جذريًا فى القواعد التى تحكم السياسات الاقتصادية والمالية الدولية. 

بالإضافة إلى ضم الأعضاء الجدد، ناقشت القمة الخامسة عشرة للتجمع، التى استضافتها جنوب إفريقيا، فى أغسطس الماضى، ملف تقليل الاعتماد على الدولار، والتوسع فى استخدام العملات الوطنية فى تسوية المعاملات التجارية بين الدول الأعضاء، وخلق شبكات أمان اقتصادية، وتعزيز التعاون فى مجالات التعليم والتكنولوجيا و... و... وتحت شعار «تعزيز التعددية من أجل التنمية والأمن الدوليين العادلين»، ستقام القمة السادسة عشرة، فى أكتوبر المقبل، بمدينة قازان الروسية. وفى كلمة ألقاها بمناسبة بدء تولى بلاده رئاسة التجمع، قال الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، أمس الإثنين، إن تجمع الـ«بريكس» يجتذب المزيد من الدول ذات التفكير المتماثل، التى تتشارك فى المبادئ الأساسية للتجمع، مشيرًا إلى أن حوالى ٣٠ دولة ترغب فى الانضمام، وأن بلاده ستضع هذا الأمر على جدول أعمال القمة المقبلة.

أبرز أهداف تجمع الـ«بريكس» هو كسر الهيمنة الغربية، أو الأمريكية، على الاقتصاد العالمى، والإفلات من سيطرة البنك وصندوق النقد الدوليين، وبناء نظام مالى عالمى أكثر عدلًا وتوازنًا. وتحقيقًا لهذا الهدف، تم اتخاذ عدة خطوات مهمة، من بينها إنشاء «بنك التنمية الجديد»، الذى أعلن، فى ديسمبر ٢٠٢١، عن ترحيبه بانضمام مصر، التى وصفها بأنها «واحدة من أسرع دول العالم نموًا». وفى ٣٠ مارس الماضى، نشرت الجريدة الرسمية تصديق رئيس الجمهورية على وثيقة انضمام مصر للبنك واتفاقية تأسيسه.

مع تثمينه قرار دعوة مصر للانضمام إلى التجمع، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى أغسطس الماضى، أننا نعتز بثقة دول التجمع، التى تربطنا بها جميعًا علاقات وثيقة، ونتطلع إلى التعاون والتنسيق معها، وأيضًا مع الدول المدعوة للانضمام، خلال الفترة المقبلة، لتحقيق أهداف التجمع نحو تدعيم التعاون الاقتصادى، ودعم حقوق ومصالح الدول النامية. كما كان الرئيس قد أعرب، خلال مشاركته فى القمة التاسعة للتجمع، التى استضافتها الصين، سنة ٢٠١٧، عن تطلعنا، تطلع مصر، إلى أن يتمكن التجمع من التوصل إلى آلية مناسبة للتواصل والحوار مع كل الدول النامية.

فى مصر، الآن، حوالى ٤٠ ألف شركة تابعة للدول الخمس المؤسسة للـ«بريكس»، ومن المتوقع، طبعًا، أن يزيد هذا العدد، مع تنفيذ خطط التعاون الاقتصادى والاستثمارى بين الدول الأعضاء. كما أن التبادل التجارى مع دول التكتل يمثّل حوالى ثلث حجم تجارة مصر الدولية، حسب بيانات صندوق النقد الدولى، التى أشارت، أيضًا، إلى أن الصادرات المصرية إلى دول الـ«بريكس» زادت بنسبة ٥.٣٪ خلال السنة الماضية. وسبق أن أكد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، أن عضوية مصر فى التجمع ستحقق العديد من المزايا، أهمها توسيع الشراكات مع دول التجمع والتبادل التجارى معها بالعملات المحلية.

الإمارات والسعودية وإيران، أيضًا، رأت أن انضمامها لتجمع الـ«بريكس» سيحقق لها العديد من الفوائد. إذ أكد الرئيس الإماراتى محمد بن زايد أن عضوية بلاده فى التجمع ستسهم «فى ترسيخ مكانتها الاقتصادية العالمية ونهجها فى تعزيز التنمية المستدامة». وأعرب محمد بن سلمان، ولى عهد السعودية، عن تطلع المملكة إلى تعزيز التعاون مع دول الـ«بريكس» وحرصها على بناء شراكات اقتصادية معها. وفى تصريحات نقلتها وكالة «إرنا» للأنباء، قال الرئيس الإيرانى إبراهيم رئيسى إن «فوائد عضوية إيران فى تجمع البريكس ستصنع التاريخ، وستمثل فصلًا جديدًا وقويًا فى اتجاه العدالة والإنصاف».

.. وتبقى الإشارة إلى أن الدولة المصرية، دولة ٣٠ يونيو، حريصة على توسيع وتنويع وتعزيز علاقاتها وارتباطاتها بالتكتلات الدولية، لتعظيم منافعها الاقتصادية والسياسية، دون الإخلال بتوازن علاقاتها الخارجية مع كل الدول والأطراف الفاعلة.