وليد الخشاب عن "أمطار خفيفة إلى متوسطة" لـ أمين حداد: نحن أمام شاعر مشّاء
استهل الكاتب دكتور وليد الخشاب، أستاذ الدراسات العربية بجامعة يورك الكندية، حديثه في اللقاء الذي عقد بدار المرايا للثقافة والفنون مساء أمس، لإطلاق ديوان الشاعر أمين حداد “أمطار خفيفة إلى متوسطة”، بالحديث عن ثلاثة محاور أو ثلاثة مسارات، هي الشعر واللغة والخيال.
وقال دكتور وليد الخشاب: “في تاريخ الفكر الإنساني عموما والغربي خصوصا، يُطلق على سقراط بالذات، وتلاميذه من بعده، اسم المشاءين أو المدرسة المشائية، لأن سقراط كان يمشي في الأسواق والساحات والطرقات يناقش الناس وبالجدل يعلمهم الحكمة”.
واستطرد: “في ديوان أمطار خفيفة إلى متوسطة، لأمين حداد، ربما لا نكون إزاء فيلسوف مشاء بالمعنى التقني، وإنما نحن أمام شاعر مشاء. لا يبدو أن هدف أمين حداد هو تعليم الناس بفتح جدل معهم، وإنما هو يدعو من أراد أن يمشي معه، أن يكون في صحبة الشعر والشاعر، صحبة الشعر تعبير مقصود، لأننا إزاء شاعر بحجم أمين حداد قد نقول إجلالًا (في حضرة الشعر)، ونتصور عبقرية أو بركة روحية يقترب منها القارئ أو المستمع خاشعًا. لكن الموقف الفكري والأخلاقي والشعري الذي يتبدى من أول أسطر الديوان يبدو دعوة للصحبة، وكأنه يفتح مجالًا أو طريقًا يتمشى فيه الصاحب مع صاحبه، لا المريد خلف شيخه”.
وتابع: “الديوان بمعنى ما في الشارع أو يفتح شارعا في مدينة الشعر، التي سرعان ما يتبدى لمن يقرأ أنها العالم أو أنها عالم عرضه السماوات والأرض، فالصوت الشاعر هو صوتٌ ماشٍ في الشوارع، وهو صوت يصدر عن جسد فردٍ لا يوجد إلا مرصودًا بكاميرات، وكأنها عيون هيئة علوية تراقب وتحاسب، يشير النص إلى الشخص الفرد المفرد، لكنه موضوع للكاميرات بالجمع، وكأن قمع المدينة للشاعر أو قلق الشاعر من المدينة مضاعف بعدد الكاميرات وبعدد الشوارع التي تُخْضِعُ جسدَ شخصٍ واحد لرقابتها”.
واختتم: “لا يحاول الصوت الشاعر أن يعترض الناس ويجادلهم مثل فيلسوف مشاء، بل هو يمضي مستغرقًا في تأملاته، فهو بمعنى ما أقرب إلى فيلسوف آخر، السويسري الفرنسي روسو، الذي كتبت كتاب (أحلام السائر منفردًا) أو (خيالات السارح إذ يتمشى وحيدًا) أثناء تمشياته، أو على الأقل، فقد كتب روسو عن تمشياته في كتابيه (الاعترافات) و(السائر منفردًا)، لا يحاول أمين حداد أن (يتفلسف)، بل هو يشارك صَحبَه، قارئَه أو المستمعَ إليه، أفكارًا ونفحاتٍ وبوحًا ولمحات”.