"الدستور" يستعرض دور قطاع الطيران في مواجهة مخاطر التغير المناخي
أكد خبراء الطيران أن قطاع الطيران المدني من القطاعات التي تعمل بشكل جاد وسريع ضمن استراتيجية الدولة لمواجهة مخاطر التغيرات المناخية خلال السنوات المقبلة، والحقيقة أن الشركات التابعة لوزارة الطيران المدني، خاصة الشركة القابضة للمطارات والشركة القابضة لمصر للطيران، حققت إنجازًا كبيرًا في هذا الشأن الذي يشغل الرأي العام العالمي، وذلك بدعم خاص من القيادة السياسية ورعاية الفريق محمد عباس حلمي، الذي أكد أن قضايا التغيرات المناخية واستخدام الطاقة النظيفة للحفاظ على البيئة والسعي الدائم لتحقيق الهدف الطموح "صفر انبعاثات كربونية" وفقًا لأهداف التنمية المستدامة ورؤية الدولة المصرية ٢٠٣٠ في مقدمة أولوياتنا.
وأكد الهامي الزيات، الخبير في مجال السياحة والطيران وعضو الجمعية العمومية لشركة القابضة للطيران السابق، أن قطاع الطيران المصري بدأ في إعادة التفكير بشكل جاد وملحوظ في مواجهة مخاطر التغيرات المناخية، خاصة أن الشركة القابضة لمصر للطيران بدأت بالفعل في اتباع التوجهات العالمية الجديدة، مثل باقي شركات الطيران العالمية، من خلال الاستعانة بصندوق دبي لتطوير وتحديث أسطولها بطائرات تواكب التغيرات المناخية.
وأضاف الزيات في تصريحات لـ"الدستور" أن هذا التوجه الجديد جعل من مصر للطيران قوة جادة نحو المنافسة التشغيلية العالمية، كما تخفف الانبعاثات الكربونية وتواكب العالم في مواجهة مخاطر التغيرات المناخية في قطاع الطيران. وأشار إلى نجاح مصر للطيران في عقد عدد من الاتفاقيات الخاصة بشراء طائرات حديثة بنظام الإيجار التشغيلي، مثل باقي الشركات العالمية، والابتعاد عن ثقافة امتلاك الطائرات التي أصبحت قديمة في عالم الطيران. ولذلك، أصبح لديها فرصة قوية لتحديث أسطولها الجوي بطائرات مجهزة لمواجهة مخاطر المناخ.
وأضاف الزيات أن هذا المنهج يتبعه بعض الحكومات، حيث تقدم المساندة بطريقة مختلفة لتقليل نسبة المخاطر، خاصة أن شركات الطيران المصنعة للطائرات تعمل حاليًا على تصنيع طائرات ضخمة لمواجهة هذه التغيرات، خاصة بعد أزمة كوفيد، ولكن الحقيقة أن شراء تلك الطائرات أصبح صعبًا خاصة أن الشركات الطيران الكبيرة "أصبحت تعاني من تراكم الديون"، خاصة الأمريكية، وبالإضافة إلى ذلك، أن جميع الشركات مضطرة لشراء تلك الطائرات المخصصة لتخفيض الانبعاثات الكربونية، لذلك، أمريكا على سبيل المثال تتمتع بسياسة الصلح الوقائي من الإفلاس، وهو الحد الأدنى للمتراكمة على "شركات الطيران" من البترول ورسوم المطارات، ويتح لهم هذا النظام أن يناقشا خيارين أساسيين بين أصحاب الدين، وهو إما جدولة المبالغ المستحقة عليهم على مدى زمني، أو إعلان الإفلاس الذي يمنع دفع الديون، وبالتالي يمكن لهم سواء الموافقة على الجدولة، وهذا يعطي فرصة لشركات الطيران للاقتراض من جديد وشراء تلك الطائرات الكبيرة وإعادة التوازن في السوق.
في الوقت نفسه، كشفت مصادر مطلعة في وزارة الطيران المدني أن القطاعات المختصة والمعنية ببرنامج التنمية المستدامة تعمل بشكل مستمر من خلال التعاون والتنسيق مع كافة مسؤولي الطيران في مختلف دول العالم، حيث تعمل وزارة الطيران المدني كونها منظومة واحدة تجمع الشركات القابضة، بما في ذلك القابضة للمطارات والملاحة الجوية، والقابضة لمصر للطيران. كما أن هناك إدارة تخطيط قادرة على مواكبة الأحداث العالمية بشكل يضمن وجود مصر في أكثر من 90 دولة حول العالم، وتسعى جميعها إلى الحفاظ على البيئة من خلال العمل على تخفيض انبعاثات الكربون والوصول إلى صفر انبعاثات، وذلك تماشيًا مع رؤية الدولة المصرية نحو تحقيق التنمية المستدامة والحد من التلوث البيئي من خلال مشاركتها في جميع الأعمال الدولية المتعلقة بانخفاض انبعاثات الكربون.
إعداد المطارات المصرية
وأكد المهندس محمد سعيد محروس، رئيس القابضة للمطارات والملاحة الجوية، أن وزارة الطيران المدني قد اعتمدت ضمن استراتيجيتها لمواجهة مخاطر التغيرات المناخية دمج البعد البيئي في كافة المطارات المصرية.
وبدأت الشركة القابضة بالفعل في تطوير عدد من المطارات من خلال استخدام الطاقة الشمسية بها، بالإضافة إلى اعتماد الجانب المستدام في الطاقة والوقود من خلال إنشاء مطارات حديثة تعتمد على نظام المطارات الذكية أو الصديقة للبيئة، خاصةً وأن ذلك الاتجاه يعتبر ضمن أهم أولويات وزارة الطيران المدني واستراتيجيتها لتحويل المطارات المصرية إلى مطارات أكثر استدامة وفقًا لخطة مصر 2030.
ونجحت القابضة للمطارات في تمويل وتحويل بعض المطارات لاعتماد الطاقة الشمسية، نظرًا لكونها أحد أهم الممولين لتطوير المطارات.
وتم اعتماد مطار الغردقة الدولي رسمياً ليكون ضمن المطارات الصديقة للبيئة، وحالياً يتم دراسة مشروع تطوير مطار الغردقة الجديد وإنشاء مبنى ركاب جديد بتكنولوجيا Smart-Green Building وأصبح يعتبر سابقة من نوعها في المطارات المصرية والأفريقية، وذلك جزء من خطة الدولة لتحويل المطارات المصرية إلى مطارات خضراء أو صديقة للبيئة بهدف مواجهة المخاطر الناتجة عن التغيرات المناخية.
كما تعمل الدولة، ممثلة في وزارة الطيران المدني، حالياً على تطوير مطار برج العرب الدولي بالإسكندرية، حيث شهد تنفيذ مشروع أول مبنى صديق للبيئة في إطار منظومة المطارات المصرية الصديقة للبيئة. وهذا المشروع يعتمد على تقليل الانبعاثات الكربونية وتوليد الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية لمواكبة التطورات العالمية في مجال الاعتماد على الطاقة الشمسية.
كما يتم حالياً تطوير مطار القاهرة وتحسين كفاءة استخدام الطاقة وزيادة إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، بهدف جعل مطار القاهرة الدولي نموذجًا استرشاديًا في دمج تحسين كفاءة الطاقة مع الطاقات المتجددة.
مصر للطيران والوقود البديل
على الجانب الآخر، تستمر الشركة الوطنية مصر للطيران بصفتها الدائمة كعضو في اللجنة التنفيذية للاتحاد العربي للنقل الجوي، حيث نجحت في تسهيل أول رحلة للطيران المستدام، المعروف أيضًا بالوقود الحيوي، بالتزامن مع cop27 التي استضافتها شرم الشيخ، استعدادًا لتطبيق النظام عالميًا. ونجحت كونها أول شركة تسيير رحلاتها بالوقود الحيوي، حيث تتبنى مصر للطيران سياسات داعمة لإنتاج واستخدام وقود الطيران المستدام والمنخفض الكربون بدلًا من فرض الضرائب أو عقوبات مالية تحدد نسب استخدام الوقود المستدام (mandates)، وتقوم الحكومات بتسجيل مشاريعها البيئية المخفضة للانبعاثات تحت مظلة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ UNFCCC لتستطيع إصدار شهادات تعويض عن الكربون، وكذلك تطوير البنية التحتية للنقل الجوي، حيث أن مساهمتها في تخفيض انبعاثات الكربون بحلول عام 2050 ستكون 11%.
الطيران المدني يشارك بقوة في السياسات الداعمة لإنتاج واستخدام وقود الطيران
تشارك وزارة الطيران المدني في جميع المؤتمرات والفعاليات الدولية التي تدعم أهداف التنمية المستدامة التي تتبناها الوزارة وفقًا لرؤية الدولة المصرية في الحفاظ على البيئة ومواجهة التغيرات المناخية، بهدف تعزيز ريادة ومكانة الطيران المدني المصري على المستوى الإقليمي والدولي.
شاركت الوزارة في أعمال المؤتمر الثالث للمنظمة الدولية للطيران المدني (إيكاو) حول الطيران المدني والوقود البديل (CAAF/3) في مدينة دبي بالإمارات العربية المتحدة، وشاركت أيضًا في COP28 ضمن فعاليات المؤتمر بالجناح المصري بالمنطقة، حيث قدم الوفد عرضًا توضيحيًا حول جهود الوزارة في تحقيق التنمية المستدامة في قطاع الطيران المدني المصري ومبادراته الخضراء.
وتعمل الوزارة أيضًا على التنسيق مع المنظمة العربية للطيران المدني وخبراء البيئة في منظمة الطيران المدني الدولي (مجموعة AFI)، بهدف دعم تقديم آراء اللجنة الأفريقية للطيران المدني والدول الأعضاء فيها بشأن ورقة العمل WP/16 ورؤية الإيكاو لعام 2050 لـ SAF/LCAF والإطار العالمي خلال حدث CAAF/3.
وأكد الفريق محمد عباس وزير الطيران المدني خلال مشاركته في الاجتماعات المعنية بالتغيرات المناخية أن الوزارة تسعى، في ضوء خطتها الطموحة، إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مختلف أنشطة الطيران المدني.
وأضاف أن الوزارة تضع في مقدمة أولوياتها قضايا التغيرات المناخية واستخدام الطاقة النظيفة من أجل الحفاظ على البيئة، والسعي الدائم نحو تنفيذ الهدف الطموح وهو صفر انبعاثات كربونية، تماشياً مع رؤية الدولة المصرية 2030. وأشار إلى أن الوزارة تعمل على تحويل المطارات المصرية إلى "صديقة للبيئة"، والتركيز على استخدام الطاقة المتجددة وترشيد استهلاك الكهرباء، والاعتماد على الطاقة الشمسية.
كما تسعى لخفض الانبعاثات الكربونية الصادرة عن الطائرات، والاتجاه إلى استخدام الوقود الحيوي، مع الالتزام بكافة التعليمات والتوصيات الصادرة عن منظمة الطيران المدني الدولية، ووفقاً لأهداف الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050 التي تهدف من خلالها الدولة المصرية إلى الحد من تداعيات تغير المناخ ومجابهة الأثار السلبية للتغيرات الناجمة عنه.
وقدم الوزير جدول أعمال خاص بالعمل المناخي وأبرز خطة عمل شركتي مصر للطيران والمصرية للمطارات لتحقيق التنمية المستدامة وكيفية مواجهة مخاطر تغير المناخ وفقًا لأهداف الأمم المتحدة في هذا السياق والالتزامات البيئية والإجراءات المتبعة لخفض الانبعاثات؛ بالإضافة إلى مناقشة آليات الوصول إلى صفر انبعاثات كربونية بحلول 2050؛ كما تم استعراض التحديات التي تواجه صناعة النقل الجوي في ظل التغيرات المناخية، مع التركيز على الأهداف الطموحة لتحقيق التزام بيئي ملموس وتقليل الأثر البيئي للتشغيل وكذلك تعزيز فرص الاستفادة من استخدام الوقود الحيوي وتطبيق الإجراءات الدولية المتبعة في خفض انبعاثات الكربون الناتجة عن الطائرات، بالإضافة إلى التخلص التدريجي من البلاستيك أحادي الاستعمال الضار بالبيئة، مما يسهم في تقليل استهلاك الوقود بنسبة تقريبية 20٪.