شريف صالح: علينا أن نعي خطورة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على مصر
قال الكاتب شريف صالح، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، حول أثر حرب غزة علي الأدب، إنه من الطبيعي أن نتأثر بما يحدث من حرب إبادة وقتل النساء والأطفال وهدم المساجد والكنائس والمستشفيات فوق رؤوس الناس. أعمارنا كلها قضيناها نتابع ذلك الصراع المأساوي. لكن طريقة التأثر تختلف من كاتب إلى آخر
أعمارنا قضيناها نتابع ذلك الصراع المأساوي لكن طريقة التأثر تختلف من كاتب إلى آخر
وقال صاحب رواية “ابتسامة بوذا”: فمن الطبيعي أن يكون الكُتاب في فلسطين وبلاد الشام عمومًا أكثر استيعابًا لتفاصيل الصراع وإعادة إنتاجه في رواياتهم وقصائدهم كما في تجارب غسان كنفاني ومحمود درويش وإلياس خوري ومريد البرغوثي.، هذا لا ينفي أن مبدعين مصريين كبار ضربوا بسهم مهم من إبداعاتهم لنصرة القضية كما في شعر فؤاد حداد وأحمد فؤاد نجم وروايات رضوى عاشور.
طبيعة التأثر لا تقتصر على القرب أو البعد المكاني
واستطرد شريف صالح: ولا تقتصر طبيعة التأثر على القرب أو البعد المكاني، وإنما على قناعات أو إيديولوجيا الكتاب، فمن هم أكثر قربًا من التوجهات العروبية واليسارية يهتمون أكثر بالتنظير للصراع وتسخير إبداعهم له.. بينما المحسوبون على تيارات ليبرالية لن يظهر التأثير جليًا في إبداعهم، نجيب محفوظ على سبيل المثال.
وتابع يُضاف إلى ذلك أن معظم من شاركوا بشكل مباشر في جبهات القتال والحروب، وهي تجربة قاسية، لم يترددوا في تناولها في أدبهم، فمثلًا رواية جمال الغيطاني "الرفاعي"، رغم أنها تتناول صفحة ناصعة من نضال المصريين إبان حرب الاستنزاف، لكنها في الأخير لا تنفصل عن موجات الصراع العربي ـ الإسرائيلي، بينما انعكست فترة السلام التي تزيد عن أربعين عامًا على تراجع أدب الحرب في مصر عمومًا، باستثناء الشعراء القوميين والمحافظين دينيًا واصلوا طرح النصوص الشعرية بغزارة، ربما لافتتان الشاعر بفكرة أنه "بوق القبيلة".
وأوضح " صالح"، أن التأثر القائم لا ينفي الفروق في مدى انعكاسه على إبداع كل كاتب وشاعر، حسب مدى تورطه في الصراع، ورؤيته الفكرية التي يتفهم بها ما يجري، فمن يراه صراعًا ضد كيان استيطاني إمبريالي لن يكتب مثل من يراه صراعًا دينيًا مقدسًا، ومن يتحمس للجانب الدعائي لن يتأخر كثيرًا في التعبير بينما من يخلص أكثر لشروط الفن القاسية لن يتأثر بسهولة وقد يتأنى لسنوات قبل أن ينشر شيئًا.. وخلال الأيام الماضية طالعت نصوصًا سردية وشعرية واكبت ما يحدث في غزة لحظة بلحظة.
ولفت شريف صإلي عن نفسي، أتذكر أنني في المرحلة الثانوية حاولت كتابة نصوص لمناصرة القضية، فمثلًا كتبت عن سليمان خاطر، لكنها في مجملها كانت نصوصًا ضعيفة فنيًا تعتمد على الشحنة العاطفية وحدها، وربما لم أنشر منها سوى نص بعنوان "3 سنوات إز كظ" تناولت فيه بشكل رمزي لا يخلو من سخرية مرحلة الاستنزاف ونلت عنه جائزة أخبار الأدب ومجلة النصر العسكرية سنة 1995 ونص بعنوان "يمر هناك" نال الجائزة الأولى من الهيئة العامة لقصور الثقافة واستلهمته من قصة شهيد صديق أبي في حرب الاستنزاف.
أنا ككاتب أقرب إلى الليبرالية لا أصلح للقضايا الكبرى
واختتم شريف صالح ، بمرور الوقت أدركت أنني ككاتب أقرب إلى الليبرالية لا أصلح للقضايا الكبرى وصوتي البسيط ليس صوت القبيلة ولا الوطن ولا الأديان. صوتي أكثر هشاشة من كل السرديات الكبرى. فنادرًا ما تعكس كتابتي شيئًا مباشرًا مما يجري.. ولا مما جرى في التسعينيات وعاصرته.. أكتفي بتعاطف إنساني والتزام أخلاقي بحق الأطفال في الحياة وحق الشعب الفلسطيني في دولة مثل غيره من شعوب الأرض. وحقه في المقاومة إلى أن يزول الاحتلال. وفق كل ما يقره القانون الدولي الإنساني. كما أعي خطورة الصراع على مصر لأن الطبيعة الاستيطانية والعدوانية للعدو، تجعله خطرًا على الدوام ما يستوجب الحذر والحيطة وبقاء العيون والعقول مفتوحة.