رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التعداد

محمد علي باشا كان أول حاكم يعمل بطاقة شخصية لـ المواطن المصري، دي حاجة أكيدة مفيش عليها خلاف. إنما إمتى كان أول مرة يتعمل تعداد سكاني؟

الموضوع دا فيه خلاف. فيه اللي بـ يقول إن مصر عرفت التعداد بداية من سنة 1800، طبعا عن طريق الحملة الفرنسية، حاجات كتير كانت بدايتها الحملة الفرنسية، أو خلينا نقول "الاحتلال الفرنسي"، يبدو إنهم علشان ما قعدوش كتير اعتبرناها مجرد حملة وعدت، إنما يا إخواني التلات سنين أثرهم أكبر كتير من عددهم. المهم إنه التعداد وقتها اتنين ونص مليون نسمة.

إنما فيه ناس بـ تشكك في حكاية 1800 دي، على اعتبار يعني إنه ما كانش تعداد رسمي قايم على أي أصول علمية أو منهجية، وفيه ناس بـ تشكك في إنه حصل أساسا. طاه، فوكك من دا.

فيه كلام تاني عن تعداد اتعمل سنة 1850، وطلع عدد سكان مصر وقتها أربعة ونص مليون بني آدم. حيلو. لأ مش حلو، لـ إنه فيه كمان تشكيك في التعداد دا زي اللي قبله، مفيش حاجة ممسوكة كـ دليل عليه، أهو كلام. إنما أول تعداد رسمي مؤكد، اشتغلت عليه الحكومة بـ شكل منهجي كان تعداد 1882.

1882 يعني دخول الاحتلال الإنجليزي مصر، ما هو أي احتلال جي يشتغل برضه، لـ مصلحة مين؟ دا موضوع تاني، إنما جي يشتغل. وهذا التعداد سجل عدد المصريين بـ 6 ملايين و300 ألف. 

إنما التعداد دا مع إنه اتعمل بـ شكل رسمي، لكنه ما راعاش أصول كتير في التسجيل، زائد إنه اتعمل في لحظة استثنائية زي ما قلت لك، هي لحظة دخول الاحتلال الإنجليزي لـ مصر، علشان كدا فيه تشكيكات كتير بـ خصوص التعداد دا.

لما نيجي سنة 1897، بـ يتعمل تاني تعداد مصري رسمي،  وساعتها هـ يحصل قرار إن التعداد يبقى كل عشر سنين. التعداد التاني دا كان أدق كتير وبدأ تسجيل أمور متنوعة، نقدر نقول إن عدد المصريين وقتها كان 9 ملايين و700 ألف وشوية، عدد المسلمين تقريبا كان 9 ملايين، والمسيحيين 600 ألف وشوية، وأقل من 100 ألف لـ أصحاب الديانات التانية.

كل دا كان تمهيد لـ حاجة مهمة، والواقع إنني حابب جدا أخربش في الحاجات دي، علشان بس نعرف قد إيه البلد دي عريقة، وجذور كل حاجة فيها ممتدة، وهـ أسألك: عارف مصر بـ تسجل الإحصائيات الحيوية بـ شكل منتظم من إمتى؟

في 1901، عرفت مصر لـ أول مرة التسجيل الرسمي لـ كل الإحصائيات الحيوية، بقى إلزامي على الناس تسجيل المواليد والوفيات، كمان بقى فيه آلية لـ تسجيل حالات الجواز والطلاق والمرض وخلافه، لكن حالات الجواز والطلاق ما كانتش إلزامية، بـ معنى إنه كان فيه إمكانية لـ الجواز الرسمي المسجل في الدولة، وفيه إمكانية إنك تتجوز "عرفي". الجواز العرفي ما كانش يعني الجواز السري، أو الجواز على جنب، إنما كل الحكاية إنه مش متسجل في السجلات الرسمية.

الجواز العرفي دا كان بـ يحصل لـ أسباب مختلفة، منها إن الحياة المدنية ما كانتش غالبة في مصر. معظم البلد كانت أرياف، بـ التالي ما كانش لسه فيه ثقافة السجلات، وما كانش فيه مكاتب توثيق في كل مكان، فـ الناس ما كانوش حاسين بـ أهمية التسجيل لسه، لكنها كانت خطوة كبيرة، ومشيت الحياة..