بين 3 أطراف.. خبراء التكنولوجيا يجيبون عن تساؤل.. من يقود المدن الذكية؟
ناقش خبراء التكنولوجيا ومزودي التقنيات الحديثة مسؤولية الانتقال والتحول إلى المدن الذكية، كما بحثوا أبرز التحديات التي تواجهها في جلسة بعنوان "من يقود المدن الذكية؟ مقدمو التكنولوجيا أم مطورون عقاريون أم مواطنون؟" المقامة على هامش ثاني أيام النسخة السابعة والعشرين من المعرض والمؤتمر الدولي للتكنولوجيا للشرق الأوسط وأفريقيا CairoICT”23 تحت رعاية رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، والتي تعقد تحت شعار "دمج العقول والآلات من أجل عالم أفضل" وذلك خلال الفترة من 19-22 نوفمبر الجاري بمركز مصر للمعارض الدولية.
في البداية، قال محمد عبد الفتاح خبير إقليمي لتقنيات (OT) بشركة فورتينت بمصر وليبيا والسودان، إن المدن الذكية تعتمد على زيادة معدل استخدام التكنولوجيا بهدف تحسين مجالات الحياة اليومية وبالتالي تقليل التكلفة وتسريع الإنتاجية وزيادة كفاءة الأعمال والمهام وتطوير الخدمات الحياتية وتحقيق نقلة نوعية.
وأكد على أهمية عنصر تقنيات إنترنت الأشياء في التحول إلى المدن الذكية، مثل قياس معدل التلوث البيئي يعتمد على مستشعر، وكذلك مراقبة حركة المرور يعتمد على مستشعر أيضًا، وجميع الخدمات المطلوب تحسين أداءها ورفع كفاءتها تحتاج إلى تزويدها بالتقنيات، والتي تعتمد على توافر التمويل اللازم وابتكار مزودي تكنولوجيا المعلومات والمطور العقاري.
كما أظهر عبد الفتاح تأثير الدور الحكومي على عملية التحول إلى المدن الذكية باعتباره في المقام الأول قرار الدولة، مبينا أن 80٪ من المدن تعاني من الزيادة السكانية.
وأكد “عبد الفتاح” على أهمية التزام مزودي خدمات التكنولوجيا ومطوري الحلول بحماية البيانات خلال عملية التحول إلى المدن الذكية، لأن أي تقنية تتيح الاتصال بالإنترنت يجب أن يتم تأمينها بشكل جيد، لذلك عند استهداف تطبيق عملية الرقمنة بشكل عام هو تطبيق التحول في الفكر والبنية التحتية والتطوير وأمن المعلومات.
من جانبه، أوضح محمد فتحي مدير أول مبيعات أول الأمن المادي للمدن الذكية وحلول إنترنت الأشياء وتصنيع المعدات الأصلية بشركة دل تكنولوجيز أن مفهوم المدن الذكية يعني باختصار اللجوء إلى التكنولوجيا لتسهيل الخدمات اليومية للمواطن، موضحا أن دراسة المدينة والمشكلات التي تعاني منها مثل عوامل البيئة والمرور والمرافق، توصيل الإنترنت والكهرباء والطاقة، ضرورة لا غنى عنها للوصول إلى تحقيق الهدف الرئيسي.
وطالب “فتحي” بالتركيز على عنصر البنية التحتية التكنولوجية بشكل قوي لتحقيق عنصر الاستدامة، بالإضافة إلى عمل الدراسات اللازمة للتعرف على كيفية تلبية احتياجات المواطن بشكل ذكي، لافتًا إلى أثر التكامل بين مقدمي الخدمات لإنشاء المدن الذكية.
كما يجب التفرقة بين المدن الجديدة والمدن الموجودة بالفعل، فمثلا من الصعب تحويل القاهرة إلى مدينة ذكية بشكل مباشر دون مراعاة أية اعتبارات، لذلك يتم تبسيط عمليات التحول إلى المدن الذكية، مثل التقسيم الجغرافي ونشر خدمات إنترنت الأشياء بشكل تدريجي.
ولفت إلى المحددات التي يقدمها مزودي خدمات التكنولوجيا من حيث العدد والجودة والتكامل، والتي تشكل عنصر جذب للمستهلك، بالإضافة إلى أهمية توظيف عنصر البيانات التي نحصل عليها من مختلف المصادر.
المستهلك واختيار الخدمة
وأكد محمد عزمي مدير قسم المدن الذكية وخدمات التربيل بلاي في أورنج مصر، أن التحدي الرئيسي هو المستهلك النهائي الذي يلعب دورًا أساسيًا في توجيه بوصلة تقديم القيمة لأنه هو من يقوم باختيار الخدمة ومفرداتها.
وأوضح “عزمي” أهمية جانب التوعية بمزايا وتأثير المدن الذكية وضرورة نشر ثقافة توطينها ودور الشركات، مشيرًا إلى أن أورنج لديها خبرات واسعة في تقديم خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للمدن الذكية من خلال الشراكة مع العديد من التحالفات وتقديم حلولًا تكنولوجية خاصة بالمجتمعات العمرانية الجديدة، بالإضافة إلى بناء أكبر مركز بيانات في العاصمة الإدارية والمشاركة في رقمنة الكمبوندات العقارية بباقة رقمية من خدمات الاتصالات الثلاثية (تريبل بلاي) والتي تشمل الإنترنت والموبايل والبث التليفزيوني.
وكشف عمرو نور الرئيس التنفيذي لشركة (IOT مصر)، أن الكلمة المرادفة للمدن الذكية هي الحياة الأفضل والوصول إلى عملية تكامل بين مهام الأفراد وأعمالهم ونشاطهم وحتى إلى عنصر الرفاهية، مبينا أن منشئ الكمبوند (المطور العقاري) يستهدف عمل خدمة متميزة تلبي كافة احتياجات عبر أحدث التقنيات التكنولوجية والابتكار في البناء والإعمار لجذب المواطن المستهلك إلى الشراء والسعي للحصول على وحدة سكنية بهذا المكان.
وأضاف “نور” أن تأمين التمويل مهمة صعبة تتطلب حلولا إبداعيةً لسدّ الفجوة بين رأس المال الأولي الذي تقدّمه الحكومة والأموال اللازمة لإتمام المشاريع، مبينا أن تمويل جميع المشاريع تمثل تحديًا أمام الحكومة في المقام الأول لأنها تعتمد على الاستثمار الخاص والشراكات بين القطاعين العام والخاص.
من جانبه، أوضح كمال طاهر نائب الرئيس للعمليات بشركة i2m tech أن التحول إلى المدن الذكية يبدأ من الهاتف المحمول الذي لم يكن أحد يتخيل حجم الاعتماد عليه الآن مقارنة بالوقت الماضي، مبينا تأثير حجم حماية البيانات الشخصية المرتبطة بأنظمة عمل المدن الذكية.
وضرب مثالا على ذلك بقطع تيار الكهرباء قد يمكن للهاكرز من اختراق نظام المعلوماتي والحصول على معلومات المستخدمين، وبالتالي يفتح هذا الباب إلى الحاجة للتأمين السيبراني للبيانات.
وشدد “طاهر” أنه يجب التعامل مع التحول إلى المدن الذكية على أنه ضرورة لتطوير حياة البشر وليس باعتباره مجالا للرفاهية، مبينا أن مشغلي المدن الذكية عليهم توفير حلول جاذبة للمستهلك النهائي مثل عروض استهلاك الطاقة في أوقات محددة بخصومات مغرية بهدف ترشيد الاستهلاك وتقليل كثافة الضغط على الخدمة.
وقال مدحت محمود، مدير الحلول الرئيسية والتحول الرقمي في شركة هواوي لمنطقة شمال أفريقيا، إن الشركة تركز مجهودات دعم تدشين المدن الذكية على أساس ثلاثة عوامل في إنشاء المدن الذكية، وتشمل مردودًا اجتماعيًا واقتصاديًا وبيئيًا.
واعتبر المتحدث أن أهم شيء يجب تحقيقه من التحول إلى المدن الذكية هو الوصول إلى نتيجة على أرض الواقع وهي رضا المواطن ومساعدته على تسهيل حياته من خلال مختلف أدوات التكنولوجيا. منوهًا أن هواوي تتيح حلول المدن الذكية للمجتمعات العمرانية الجديدة مثل النماذج العالمية.
وأكد محمود أن مصر قطعت شوطًا كبيرًا في ملف التحول الرقمي انطلاقًا من استراتيجية مصر 2030، مشيرًا إلى دور هواوي باعتبارها داعمًا أساسيًا في عمليات التحول الرقمي من خلال التعاون مع الحكومة في الكثير من المشروعات.
وتابع أن هناك الكثير من الاهتمام حول ضخ الاستثمارات بمجالات التكنولوجيا المختلفة الداخلة بقوة في خلق المدن الذكية، وعلى رأسها البنية التحتية متمثلة في كابلات الفايبر فضلا عن مراكز البيانات. وأشار إلى سعي هواوي إلى المشاركة في التحول إلى أفريقيا الذكية من خلال دعم استثمارات الطاقة المتجددة والخضراء، مشددًا أن أفريقيا لديها فرص واعدة في ذلك المجال.