رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جنون إسرائيل.. والمستحيل

باجتياح برى، وتكثيف غير مسبوق للقصف الجوى، وقطع الاتصالات وخطوط الإنترنت على قطاع غزة بأكمله، ردّ جيش الاحتلال على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الصادر مساء الجمعة، الذى طالب بوقف إطلاق النار، وإنفاذ هدنة إنسانية تحفظ أرواح المدنيين وتسمح بدخول المساعدات إلى القطاع. وفى مؤتمر صحفى عقده السبت، قال بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، إن العملية البرية هى المرحلة الثانية من الحرب، التى أكد أنها لن تتوقف إلا بعد تدمير «حماس» فوق وتحت الأرض!. 

القصف الجوى المدمر، والمستمر، بدأ منذ ٧ أكتوبر الجارى، ردًا على عملية «طوفان الأقصى»، ذلك الهجوم غير المسبوق الذى نفذته حركة «حماس»، وأسفر عن مقتل ١٤٠٠ إسرائيلى. ومنذ مساء الجمعة، يجرى جيش الاحتلال، الإسرائيلى أو الأمريكى، عمليات برية على أرض القطاع الممتدة على ٣٦٢ كيلومترًا مربعًا، ويسكنها ٢.٤ مليون فلسطينى، راح منهم، إلى الآن، أكثر من ١٠ آلاف شهيد ومفقود، معظمهم من الأطفال والنساء، غير المصابين الذين لا يقل عددهم عن ٢٠ ألفًا.

مع كل ذلك، قال مارك ريجيف، مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلى، مساء الجمعة، لشبكة «إم.إس. إن. بى. سى»، إن «إسرائيل تبدأ الانتقام اعتبارًا من الليلة». والإشارة هنا قد تكون مهمة إلى أن إيلى كوهين، وزير الخارجية الإسرائيلى، كان قد أعلن عن رفضه «القاطع» للقرار، الذى تقدمت به المجموعة العربية، ووافقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأغلبية ١٢١ دولة، ووصف الدعوة إلى وقف إطلاق النار بأنها «مشينة». وسبقه جلعاد إردان، المندوب الإسرائيلى الدائم لدى المنظمة الدولية، الذى وصف الأمم المتحدة بأنها «لم تعد تتمتع ولو بذرَّة واحدة من الشرعية أو الأهمية»!.

الاتصالات المصرية المكثفة مستمرة مع كل الدول والأطراف المعنية، دوليًا وإقليميًا، للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين. وفى بيان أصدرته وزارة الخارجية، حذرت مصر من المخاطر الجسيمة والتداعيات الإنسانية والأمنية غير المسبوقة، التى ستنجم عن الهجوم البرى على قطاع غزة، وحمّلت الحكومة الإسرائيلية مسئولية انتهاك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، وانتهاكها الصارخ الجديد لأحكام القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى، منتقدة عجز «المجتمع الدولى» عن وضع حد لتلك الانتهاكات. وصباح أمس، قال أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، خلال فعاليات «أسبوع القاهرة السادس للمياه»، إن إسرائيل تطبق، بلا رحمة، «سياسة الأرض المحروقة» فى قطاع غزة، بغرض تهجير الفلسطينيين قسريًا، وإهدار حقوقهم وتصفية قضيتهم، على حساب دول الجوار. 

تعمل مصر من أجل الشعب الفلسطينى، وليس من أجل حركة «حماس» الإخوانية، التى بات من المستحيل القضاء عليها، فوق الأرض أو تحتها، دون تدمير غزة بالكامل والقضاء على معظم سكانها المدنيين، فى رأينا، وبحسب سيرجى لافروف، وزير الخارجية الروسى، الذى قال فى تصريحات نشرتها وكالة أنباء بيلاروسيا الرسمية، «بيلتا»، السبت: «إذا تم تدمير غزة وطرد أكثر من مليونى نسمة، مثلما يقترح بعض السياسيين الإسرائيليين، فإن ذلك سيؤدى إلى كارثة يمكن أن تستمر لعقود عديدة، إن لم يكن لقرون». 

فى روسيا، أيضًا، أكد ليونيد سلوتسكى، رئيس لجنة الشئون الخارجية فى مجلس «الدوما»، أن إسرائيل تسلك طريقًا خطيرًا نحو التصعيد وتأجيج النزاع. وكتب فى حسابه على «تليجرام» أن الموافقة على قرار الأمم المتحدة، الذى يدعو إلى الهدنة، جاءت «نتيجة لتوحيد قوى الأغلبية العالمية وانتصار المنطق السليم والإنسانية»، واصفًا موقف الولايات المتحدة، التى رفضت القرار، بأنه «الأكثر إثارة للاشمئزاز».

.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس الفلسطينى محمود عباس دعا قادة الدول العربية، مساء السبت، إلى عقد قمة طارئة، لوقف العدوان الوحشى الإسرائيلى على قطاع غزة، وعلى الأراضى الفلسطينية عامة، وعمل كل ما من شأنه تمكين الفلسطينيين من البقاء فى أرضهم. وخلال ترؤسه اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، بمقر الرئاسة الفلسطينية فى رام الله، أكد عباس أن غزة ستظل جزءًا أصيلًا من الدولة الفلسطينية، إلى جانب الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، العاصمة الأبدية، بمقدساتها الإسلامية والمسيحية.