رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تضييع للوقت.. والأرواح

الجمعية العامة للأمم المتحدة، اجتمعت، وليتها ما اجتمعت، إذ كانت «الجلسة الطارئة العاشرة بشأن الوضع فى فلسطين»، وهدف مشروع القرار، الذى تقدمت به المجموعة العربية، وتم التصويت عليه خلالها، «هو الحصول على أكبر مقدار ممكن من الأصوات المؤيدة لمحاولة تشكيل ضغط دولى والتوصل إلى حل للأزمة»، حسب رياض منصور، المندوب الفلسطينى الدائم. ولعلك تعرف أن قرارات الجمعية العامة مجرد «توصيات»، وليست ملزمة قانونًا لأى دولة. 

عدد ضحايا الهجمات الإسرائيلية يتزايد. وصباح اليوم، أعلن أشرف القدرة، المتحدث باسم وزارة الصحة فى غزة، عن وصول العدد إلى ٧٣٢٦، من بينهم أكثر من ٣ آلاف طفل، لافتًا إلى أن أبوابهم «مفتوحة لجميع المؤسسات ذات العلاقة للاطلاع على أعمالنا وإحصاءاتنا». وفى السياق نفسه، أكدت الأمم المتحدة، الجمعة، صحة هذه الأعداد، بعد أن شككت فيها واشنطن وتل أبيب، وقال فيليب لازارينى، المفوض العام لـ«وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين»، الأونروا، إن الأرقام التى سبق أن أعلنها الجانب الفلسطينى «فى الماضى، وعلى مدى جولات النزاع الخمس أو الست فى قطاع غزة»، اعتُبرت «ذات مصداقية ولم يسبق لأحد أن شكك فيها»، مؤكدًا مقتل ٥٧ من موظفى وكالته منذ بدء الأزمة الحالية.

يظل كل هذا الكلام بلا جدوى، لأن القرارات الملزمة، نظريًا، يصدرها مجلس الأمن، الذى فشل أربع مرات، إلى الآن، فى تبنى قرار بشأن الأزمة الراهنة، والخامسة فى الطريق. ونقول «نظريًا»، لأن الأمم المتحدة، بمجلس أمنها وجمعيتها العامة، كما أشرنا، أمس، خصصت عددًا لا يُحصى من الساعات، لمناقشة وتمرير أكثر من ٨٠٠ قرار لمعالجة الصراع العربى الإسرائيلى أو الفلسطينى الإسرائيلى، أو قضية السلام فى الشرق الأوسط، تم انتهاكها كلها، إسرائيليًا وأمريكيًا، أو إسرائيليًا برعاية أمريكية.

كنا قد أشرنا، أمس، أيضًا، إلى أن «مجلس حقوق الإنسان» التابع، أيضًا، للأمم المتحدة، أدان إسرائيل أكثر من ٥٠ مرة، ولم يترتب على تلك الإدانات أى شىء. حرفيًا، لم يترتب عليها أى شىء. وفى هذا السياق، أعربت رافينا شمداسانى، المتحدثة الرسمية باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، أمس، عن قلقها من «أن تكون هناك جرائم حرب يتم ارتكابها»، لافتة إلى هذا القلق «حيال العقاب الجماعى لأهالى غزة ردًا على هجمات حماس الوحشية، التى ترتقى أيضًا إلى جرائم حرب»!

الهدنة الإنسانية، «ستكون مفيدة»، فى رأى الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، الذى قال، عقب قمة الاتحاد الأوروبى فى بروكسل، إن دولًا أوروبية عديدة تتطلع إلى بناء «تحالف إنسانى»، وتجرى محادثات بهذا الشأن، مع قبرص واليونان. ونعتقد أنك لن تستطيع أن تكظم غيظك، أو أن تسيطر على غضبك، لو عرفت أن بيدرو سانشيز، القائم بأعمال رئيس الوزراء الإسبانى، أعلن، أمس الجمعة، عن قبول «مجلس الاتحاد الأوروبى» الاقتراح الذى تقدمت به بلاده، بعقد مؤتمر للسلام فى غضون ستة أشهر!

حتى نهاية العام الجارى، تتولى مدريد الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبى. وفى مؤتمر صحفى عقده فى بروكسل، قال سانشيز إن إسبانيا ضغطت، خلال اجتماع للدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى وعددها ٢٧، لكى يطالب التكتل بوقف فورى لإطلاق النار، لكن بعض الدول عارضت الصياغة. وقال إنه، بدلًا من ذلك، اتفقت الدول الأعضاء على الدعوة إلى «هدنة إنسانية» وفتح ممرات المساعدات للمدنيين فى غزة، كوسيلة للتوصل إلى توافق فى الآراء. وأضاف أنه فى مقابل هذه التسوية، قبل الاتحاد اقتراح عقد «مؤتمر مدريد للسلام»، الذى يتضمن مسعى جديدًا لإحياء حل الدولتين.

.. وتبقى الإشارة إلى أن دينيس فرانسيس، رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، كان قد دعا، فى بيان أصدره، الثلاثاء الماضى، إلى ضرورة «وقف العنف ومنع إراقة المزيد من الدماء وإطلاق سراح الأسرى دون شروط»، وأشار إلى أن المسار الوحيد للسلام هو حل الدولتين، مؤكدًا أنه «يلبى حاجة إسرائيل للأمن ويلبى تطلعات الشعب الفلسطينى». غير أن ما استوقفنا هو تهديد الرجل بأنه «لا يمكن السماح بانتهاك المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان»!